تفتتح إمارة دبي نهاية الشهر الجاري، دار الأوبرا التي تشكل رهانها على حجز مكانها على الخريطة العالمية ثقافياً وموسيقياً، وتطوير مجال لم ينل الاهتمام الكافي في مدينة عرفت نمواً هائلاً خلال العقود الماضية. ودار الأوبرا التي تفتتح في 31 الجاري، مع التينور الإسباني بلاسيدو دومينغو، تتسع لزهاء الفي شخص وتوفر مكان عرض لأنماط فنية مختلفة، ويأمل المسؤولون عنها بأن تساهم في تطوير إنتاج محلي. ويقول رئيس مجلس إدارة الأوبرا جاسبر هوب: «إنه وقت مثير لنقول: انظروا الى كل ما هو موجود في دبي (...) الآن سنجعلها أفضل». ويضيف: «أحد المجالات، الذي كان مفقوداً بالنسبة الى كثير من الناس هو مكان يمكنهم فيه أن يعايشوا الموسيقى الحية الرائعة»، مضيفاً «عندما يكون لديك مطار، مرفأ، فنادق، وكل البنية التحتية الأخرى موجودة، عندما يكون لديك اقتصاد نابض، سياح بأعداد كبيرة (...)، عندها يكون الوقت مثالياً» لإطلاق مشروع كهذا... في خضم التطوير الذي عرفته دبي منذ سنوات، بقي الاستثمار الثقافي، لا سيما في العروض الموسيقية والفنون التمثيلية، محدوداً. وعلى رغم الجهود في السنوات الماضية لزيادة المواعيد الثقافية السنوية كمهرجان «آرت دبي» أو مهرجان دبي السينمائي، ظلت المدينة تفتقد إلى مكان عرض يوازي ما هو موجود في مدن عالمية كلندن أو نيويورك، أو حتى خليجية مثل مسقط التي افتتحت داراً للأوبرا عام 2007. إلا أن هذا الأمر بدأ يتغير، وفق الرئيسة التنفيذية لمركز الفنون الموسيقية التعليمي في دبي تاله بدري التي تقول إن دبي «بدأت تعي الآن ما هو مطلوب لتكون على المستوى الموازي لمدن أخرى كبيرة ودينامية في العالم». وتوضح أن «الناس يدركون أنه إذا أتيت الى مدينة ما، قد ترغب في الذهاب الى المسرح (...) أو الاستماع إلى الأوركسترا أو مشاهدة الباليه». وتؤكد أن دبي ترغب في أن «تكون واحدة من أبرز المدن في العالم»، ولذلك «عليها أن توفر الأمور نفسها التي يمكن أن يحصل عليها من يذهب الى لندن أو نيويورك او باريس أو هونغ كونغ»، معتبرة أن «أوبرا دبي هي المشروع الأكبر الذي سيضع دبي على الخريطة في هذا المجال». «الداو» مبنى أوبرا دبي الذي صممه يانوس روستوك، مستوحى من المراكب الشراعية الخشبية («الداو») التي تشتهر في الخليج وخور دبي. والمبنى ذو الواجهة الزجاجية، يقع وسط دبي قرب برج خليفة. وتتألف الأوبرا من قاعة رئيسة تتسع لزهاء ألفي مقعد، ويمكن «تعديلها» وفق العروض: من مسرح الى صالة عرض، ومنها الى «أرض مسطحة» لإقامة مناسبات مختلفة فيها. وتتيح هذه «المرونة» للأوبرا استضافة الباليه والأوركسترا والحفلات الموسيقية والمعارض، وحتى عروض الأزياء وحفلات الزفاف. وسيكون المبنى الذي سيعلو سطحه مطعم، محور منطقة ستعرف باسم «منطقة دار الأوبرا»، تضم فنادق فخمة وشققاً سكنية. وتقول شركة «إعمار» العقارية مطورة المشروع، أن المنطقة ستكون عبارة عن «مركز ثقافي نابض ووجهة مهمة لاستضافة الفاعليات في وسط مدينة دبي، وتهدف لاحتضان الفنانين المحليين وتعزيز التبادل الثقافي العالمي». وبعد الافتتاح مع دومينغو، يضم برنامج الأشهر اللاحقة محطات منها أوبرا «صائدو اللؤلؤ» لجورج بيزيه، و «حلاق اشبيلية» لجواكينو روسيني، وعرضا الباليه «كوبيليا» و «جيزيل». كذلك تستضيف التينور الإسباني خوسيه كاريراس، وعرض «ويست سايد ستوري» («قصة الحي الغربي»)، وأمسية للمغني حسين الجسمي. ويقول هوب الذي شغل سابقاً منصب رئيس العمليات في قاعة «رويال البرت هول» العريقة في لندن، أن البرنامج المنوّع «يعكس الطبيعة المتنوعة للسكان هنا»، والذين يشكل الأجانب غالبيتهم. ويقول ان المشروع سيكون بداية مجرد صالة عرض، آملاً بأن يصبح «جزءاً من المدينة خلال تطورها (...) مدى عقود»، وألا تقتصر علاقة الأوبرا مع الناس على «شراء تذكرة والقدوم لمشاهدة عرض». إلا أن بدري تبدو أقل تفاؤلاً، وتقول: «دار الأوبرا فكرة عظيمة، لكن اذا أردت ملأها، عليك ان تؤهل السكان لفهمها»، معتبرة أنها «ستكون حالياً صالة عرض بدلاً من هيكل متكامل لما يجب ان تكون عليه دار الأوبرا. لن تكون لديها اوركسترا مقيمة، لن يكون لديها إنتاج خاص أو مجموعة مسرحية أو مدرسة موسيقية مرتبطة بها... نحتاج الى عشر سنوات إضافية لنصل الى حيث يجب أن نكون. لكن على الأقل الأمور تتقدم».