خرق تحرك احتجاجي أمس المسار الهادئ لتطبيق الخطة الأمنية في طرابلس (شمال لبنان)، إذ نزل شبان ونساء في باب التبانة إلى الشارع وقطعوه بالإطارات المشتعلة رفضاً ل «الطريقة التي تجري فيها المداهمات». وتزايدت الاحتجاجات بعد وصول الشيخ داعي الإسلام الشهال إلى مكان تجمع المتظاهرين في الحارة البرانية في محاولة للتهدئة ومصادرة القوى الأمنية سيارتين تابعتين لموكبه زجاجهما داكن. وتابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع المعنيين مسار الخطة الأمنية في طرابلس ومحيطها. وشدد، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، على أهمية «مواصلة الخطوات المتخذة لفرض الأمن والاستقرار وملاحقة المطلوبين للعدالة وتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص». وكان عشرات الشبان ونسوة في باب التبانة خرجوا بمسيرات من منطقة الدباغة وصولاً إلى سوق القمح وفي سوق الخضر -جامع الناصري- الحارة البرانية، وقطعوا الأوتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس بعكار في البداوي. وتحدثت نسوة عن «مداهمات حصلت للمنازل من دون السماح للنساء السافرات بتغطية رؤوسهن». وتدخل الجيش في محاولة لفتح الطريق الدولي في البداوي، وتحديداً أمام المجمع التربوي للمدارس الرسمية ومفترق المنكوبين حيث انتشر عدد من الملالات والآليات العسكرية على المحاور كافة، وعمل الجيش على تنظيم السير للسيارات المارة على الأوتوستراد إلى طريق بديل باتجاه السقي الجنوبي للبداوي. ثم تمكن الجيش بعد ساعة من إعادة فتح الطريق بالاتجاهين، وتحديداً عند جسر الملولة - التبانة - طرابلس. قيادة الجيش وأوضحت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان لاحقاً ما حصل، وأوردت أن «صباح اليوم، وعلى أثر إقدام بعض الأشخاص على قطع طرق في محلة الزاهرية وسوقي الخضر والقمح بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على عمليات الدهم التي تنفذها وحدات الجيش والقوى الأمنية لأماكن المطلوبين للعدالة، تدخلت قوة من الجيش وعملت على تفريق المحتجين وإعادة فتح الطرق، كما أوقفت خلال ذلك شخصين لحيازتهما ثلاث بنادق حربية ومسدسين وذخائر عائدة لها، وقيادتهما سيارتين من دون أوراق قانونية، وسلم الموقوفون مع المضبوطات إلى المراجع المختصة». وعقد الشهال مؤتمراً صحافياً على خلفية الاحتجاجات و «من أجل كرامتنا وأعراض نسائنا وإيقاف المرتكبين عند حدهم»، معتبراً أن «معركتنا اليوم هي معركة كرامة وحرمات، لأنّهم وتحت غطاء الخطة الأمنيّة حاولوا كسر كرامة الطائفة السنيّة وهذه مؤامرة مفضوحة. هناك مؤامرة على الطائفة السنية التي يريدونها أن تستكين من أجل المشروع الصفوي في طهران وبغداد والضاحية»، وقال: «لا نقبل أن تعامل طرابلس أو عرسال غير الضاحية». ورأى أن «لبنان مخطوف وجيشنا يساق ليكون على مثال الجيش السوري يقتل شعبه ويقوده الشبيحة». وسأل: «نحن من أحرص الناس على الأمن وحتى في زمن الوصاية كنا كذلك، فلماذا هذا التشويش على أبناء التيار السلفي؟». اتصالات وعلى أثر ما حصل، أجرى وزير الداخلية نهاد المشنوق اتصالات مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل ومع قائد الجيش العماد جان قهوجي، كما جرت اتصالات بين قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي. واطلع رئيس الحكومة تمام سلام من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص على الأوضاع الأمنية.والتقى سلام وفداً من نواب عكار وقال خالد الضاهر: «طالبنا بان تكون الخطة الامنية متوازنة وعادلة وشفافة وعدم السماح بأي خروق أو ممارسات تؤثر عليها». وكان موضوع الخطة الأمنية مسار بحث بين الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي ووزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي زاره في مكتبه بحضور النائب احمد كرامي. وقال درباس: «تداولنا في شؤون طرابلس التي تنعم اليوم بالأمن بعدما فرضت الدولة هيبتها ونفذت الخطة الأمنية بنجاح. وكان التوافق تاماً على أن هذه الخطة ليست كافية لاستتباب الأمن ولا بد من إطلاق ورشة اقتصادية تعيد إلى طرابلس رونقها وحيويتها». ولاحقاً تمنى ميقاتي في كلمة له خلال حفلة تكريمية أقامها على شرفه الوزير السابق وليد الداعوق، للحكومة الجديدة «النجاح في عملها الذي يكمل العمل الذي قمنا به، لا سيما في مجال بسط الأمن ومعالجة الشؤون الاقتصادية». وقال: «نحن نمد أيدينا لها، وإذا استطاعت أن تقوم بما لم نستطع نحن القيام به، فيكون نجاحهاً نجاحا للوطن، وبالتالي لنا أيضاً». الشعار: احسنوا التعامل ودعا مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار اهالي المدينة الى ان «يحسنوا التعاون مع الجيش لتنفيذ الخطة الأمنية»، كما وجّه نداءً الى الجيش بأن «يُحسن التعامل مع اهله في المدينة»، مؤكداً «اننا نعوّل على حكمة الجيش وأسلوبه في حسن التعاطي مع الآخرين بمسؤولية، لأنه لا يجوز ان يؤخذ احد بجريرة الآخر». وقال ل «المركزية»: «نأمل بأن يعتبر الجيش مناطق باب التبانة، القبة، المنكوبين وجبل محسن، منطقته لأنهم ينظرون الى الجيش على انه من ابنائهم». وقال: «لا يخفى على احد ان المنازل لها حرمة وأن ما له علاقة بالنساء والأطفال والشيوخ المتقدمين بالسنّ له من الاعتبارات ما ينبغي ان يلحظه الجميع حتى لا يحدث صدام مع الجيش او القوى الأمنية وحتى لا يقع ظلم على احد». وأكد ان «اهل التبانة لا يودون حمل السلاح في وجه احد لأنهم ينتظرون من الدولة ان تكون حارسة لهم ومدافعة عنهم».