تفاعل المجتمع المدني والجمعيات النسوية التونسية أخيراً وفي شكل إيجابي مع مصادقة البرلمان على مشروع قانون جديد، ينص على عدد من العقوبات الرادعة لمضايقة المرأة التونسية في الأماكن العامة. غير أن التفاعل لم يخل من السخرية خصوصاً من جانب الذكور حيث اعتبر بعضهم أن هذا القانون سيغلق الباب أمام المغازلة البريئة وسيكون أداة في يد المرأة التونسية لتهديد الرجل ومصادرة حقوقه. وينص قانون مقاومة التحرش الجديد على «السجن مدة عام لكل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تخدش حياءها». وأيضاً يعاقب بغرامة قدرها 2000 دينار كل من يتعمد في التمييز في الأجر عن عمل متساوي القيمة على أساس الجنس. كما اقترح مشروع القانون الترفيع في العقوبات المنصوص عليها بالمجلة الجزائية كلما كان مرتكب العنف سلطة على المرأة الضحية ورفع عقوبة السجن لمدة ست سنوات لكل من واقع أنثى برضاها دون سن ال 16 عاماً. واجتاحت موجة من السخرية المواقع الاجتماعية خصوصاً من طرف ناشطين ذكور رأوا في هذا القانون الجديد مبالغة في حماية المرأة وغموضاً في مفردات نص القانون من الممكن استغلاله من طرف الإناث لتلفيق تهم ضد من يشأن. ورأى المدون مروان بن علي أن عبارات «مضايقة» و «قول أو إشارة» و «تخدش حياءها» هي عبارات غير دقيقة وغير محددة وتفتح الأبواب أمام التأويل كما من شأنها أن تعقد من مهمة القضاء في مرحلة لاحقة. وأضاف مروان في حديث ل «الحياة» «هذا القانون الذي تمت المصادقة عليه بسرعة قياسية لا يقدم تفسيراً واضحاً لنوع المضايقة حيث يمكن فهم المغازلة العادية كمضايقة أم أن هذا البلد سيمنع المغازلة أيضاً؟». وعبرت الناشطة الحقوقية فاطمة الغريبي في تصريح ل «الحياة» عن سعادتها بهذا القانون واعتبرته مكسباً مهماً، رغم موجة الانتقادات والسخرية التي لحقته. وقالت الغريبي «لا يمكن الحديث حقاً عن مشكل تحرش في تونس فهذه الظاهرة موجودة ولكنها ليست منتشرة بالشكل الذي يدعو للفزع مقارنة ببلدان عربية أخرى كمصر مثلاً. ولكن المجتمع المدني النسوي لا يسعه إلا أن يحتفل بكل القوانين المساندة لحق المرأة في عيش كريم في إطار الاحترام لجسدها ولعقلها أيضاً. أستغرب بشدة معارضة ناشطين ذكور لهذا القانون ولا أرى داعياً للتهجم على نص تشريعي يعزز حق المرأة في التجول في الأماكن العامة دون إزعاج. كما أن هؤلاء الناشطين ركزوا على النقطة التي تنص على سجن من يضايق المرأة في الأماكن العامة وتجاهلوا الفصل الخاص بالمساواة بين المرأة والرجل في الأجر وهي سابقة تشريعية مهمة تحسب لتونس.» جدية هذا القانون وأهميته لم تمنعا التناول الساخر لبعض ما جاء فيه، فسرعان ما انتشرت صور الكاريكاتور والفيديوات الضاحكة والتعليقات التي انتقدت ما اعتبرته مبالغة في التضييق على الرجل التونسي وكبت مهاراته في الغزل. الناشط سامي براهمي علق على صفحته على فايسبوك «بإمكان المرأة التونسية أن تسجن كل من يرفض أن يتقدم لخطبتها، عليها أن تدعي فقط أنه ضايقها في مكان عام، ولها أن ترفع اليوم شعار تزوجني قبل أن أسجنك.» أما المدون خالد النصري فكتب «سنة سجن لمن يقول لامرأة تونسية «عيناك جميلتان» أما من يقول لها «أحببتك في الله» فسيكون عقابه ستون جلدة.» أما الناشطة سهى سيف فعلقت ساخرة «بإمكان المرأة التونسية اليوم أن تغازل الرجل بكل أريحية فلا قانون يمنعها من ذلك، أما الرجل فعليه أن يضمن حريته بالصمت في حرم الجمال وإلا فإن أسوار السجن ستكون من نصيبه.»