أغلقت الجهات المختصة في منطقة مكة 96 مزرعة، وغرمت ملاكها على خلفية استخدام مياه الصرف الصحي في ريها. ووجه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بفرض غرامة مالية قدرها 10 آلاف ريال على 73 مواطناً في مكةالمكرمة من أصحاب وملاك مزارع إنتاج الخضراوات، تم ضبط مزارعهم تروى بمياه الصرف الصحي، وإعفائهم من عقوبة السجن التي فرضت عليهم، وأخذ التعهدات والإقرارات الخطية عليهم بعدم تكرار ذلك وإغلاق مزارعهم نهائياً. وأوضح رئيس لجنة مراقبة المزارع الورقية في مكةالمكرمة أحمد الصغير ل «الحياة» أن صدور توجيه أمير المنطقة بإعفاء أصحاب وملاك المزارع الذين ضبطت مزارعهم العام الماضي تروى بمياه الصرف الصحي جاء بناء على التماس وتوجيه بالاسترحام قدمته هيئة التحقيق والادعاء العام في مكةالمكرمة إثر انتهاء ملف التحقيقات في تلك القضايا التي تم الرفع بها إلى إمارة المنطقة. وأشار الصغير إلى أن 16 مواطناً من أصحاب وملاك المزارع الذين فرضت عليهم العقوبات دفعوا الغرامة المحددة، ووقعوا الإقرارات الخطية عليهم بعدم تكرار ما حدث كي لا يكونوا عرضة للسجن مرة أخرى، وتم إنهاء إجراءات ملف قضاياهم، إضافة إلى توجيه الأجهزة الأمنية في شرطة العاصمة المقدسة بملاحقة وإحضار بقية المواطنين المعنيين بهذا الغرض وإنهاء إجراءات ملف قضاياهم من أجل ألا يكونوا عرضة للمساءلة فيما بعد. وأضاف الصغير أنه تم الرفع بقائمة إضافية أخرى مكونة من 15 مواطناً إلى إمارة منطقة مكةالمكرمة تم ضبط مزارعهم تروى بمياه الصرف الصحي وذلك لاتخاذ الإجراء القانوني بشأنهم. وفي سياق متصل، كشف رئيس لجنة مراقبة المزارع الورقية في مكةالمكرمة ضبط ثماني مزارع خضراوات في مكةالمكرمة عائدة ملكيتها لمواطنين (سعوديين) تروى مزروعاتها بمياه الصرف الصحي من عمالة وافدة غالبيتهم من مخالفي نظام الإقامة والعمل، إذ تم دهم تلك المزارع وإلقاء القبض على العاملين بها وهدمها وإغلاقها وتحويل ملفات قضاياها إلى السلطات المختصة لاتخاذ الإجراءات النظامية وفرض العقوبات حيالها. وأوضح الصغير في حديثه إلى «الحياة» أن بلاغاً من مواطن أرشد إلى انبعاث روائح كريهة من مزرعة لإنتاج الخضراوات تقع في مخطط رقم أربعة في ضاحية الشرائع، وعلى الفور تم دهم المزرعة وأخذ عينات من المياه التي تروى بها، تبين بعد تحليلها في مختبرات «صحة مكةالمكرمة» أنها مياه صرف صحي يجلبها العاملون لري المزروعات. وقاد بلاغ المواطن (تحتفظ «الحياة» باسمه) إلى اكتشاف مزرعة أخرى مجاورة لها تروى بمياه الصرف الصحي أيضاً، إضافة إلى اكتشاف مشروع زراعي كبير مرخص من وزارة الزراعة يقع في ضاحية «النوارية» يروى بذات المياه، بل وجد به ثمانية أحواض ترابية كبيرة لزراعة وتربية الأسماك (سمك البلطي) مغمورة بتلك المياه الملوثة. وأكد الصغير أن ري المزارع بهذه النوعية من المياه ظاهرة أخذت في التفاقم نتيجة الاستغلال الفادح من العمالة الوافدة الأجنبية وتخاذل المواطنين أصحاب وملاك هذه المزارع في مكةالمكرمة وتواطؤهم، إذ يغلب على السواد الأعظم في إدارة هذه المزارع نظام المشاركة بمقدار النصف من قيمة عوائد بيع المحاصيل الزراعية بين الملاك (المواطنين) والعمالة (الوافدين) مقابل إدارة وتشغيل المزارع، الأمر الذي يفضي إلى وجود مرتع خصب لمثل هذه الممارسات الخاطئة بدافع الطمع والجشع الذي ينتج منه الإضرار بالإصحاح البيئي وتعرض صحة وسلامة المواطنين للخطر على رغم تكثيف الجهود والعمل الدؤوب لمحاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها، ما أسفر عن القضاء على أكثر من 300 مزرعة تروى بمياه الصرف الصحي بعضها مملوكة لمواطنين وتدار من عمالة أجنبية تهرع بالهرب حين مباغتتها أو دهمها، والبعض الآخر منها مزارع خضراوات ومزارع أسماك ومزارع دواجن بدائية مجهولة الهوية في المناطق الوعرة والجبلية في شتى ضواحي العاصمة المقدسة. وفيما ألمح الصغير إلى تشديد التوجيهات والتعليمات من أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل حيال هذه الظاهرة السيئة التي تضر بصحة المواطن وفرض العقوبات الصارمة على الممارسين لتلك الأعمال ومن يتم ضبط مزارعهم، لفت إلى توسيع نطاق قاعدة عمل لجنته ليشمل الضواحي الجنوبية والشرقية كافة وغرب مكة بهدف القضاء على الظاهرة التي يعاني منها القطاع الزراعي في مكةالمكرمة في ظل التطلع إلى بذل الجهات الأمنية دوراً أكبر خصوصاً «الجوازات»، إضافة إلى وزارة الزراعة ولجنة مراقبة الآبار والمواطن لمحاربة الظواهر السلبية كافة التي تعتري مزارع إنتاج الخضراوات في مكةالمكرمة. وأردف رئيس لجنة مراقبة المزارع الورقية في مكةالمكرمة: «هناك تقسيم من قبل العمالة الوافدة الأجنبية لاستغلال المزارع الأمر الذي يعد أشبه باتفاق، إذ إن المزارع الواقعة في الضواحي الجنوبية تدار وتشغل من الأجانب من الجنسية البنغالية، وما تقع في ضواحي شرق ومزارع غرب مكةالمكرمة تديرها وتشغلها عمالة باكستانية، وأن أصحاب وملاك المزارع هم الذين فتحوا المجال أمامهم إذ إنهم لا يعيرون مزارعهم أي اهتمام أو مراقبة ومتابعة لما يحدث». من جهته، استبعد المدير العام لصحة البيئة في أمانة العاصمة المقدسة الدكتور محمد أمين هاشم دخول أي خضراوات ومنتجات زراعية مجهولة المصدر إلى الأسواق المركزية في مكةالمكرمة، موضحاً أن ما يتم طرحه من منتجات زراعية تأتي من مزارع معروفة تشرف عليها وزارة الزراعة، وتراقبها أجهزة مراقبة تعمل على تنظم عمليات الترويج والبيع وتتأكد بصفة مستمرة من صلاحيتها وتتابع أصحاب المحال والمباسط وتجار الخضراوات لضمان قيامهم بأعمال التنظيف قبل العرض. وحمّل هاشم وزارة الزراعة المسؤولية كاملة عما يحدث من ممارسات خاطئة من أعمال ري بمياه الصرف الصحي أو أي نوع من الاستخدامات الخاطئة لرش المبيدات الحشرية أو غدق تربة النباتات وعروقها بالهرمونات الحيوية لزيادة ووفرة الإنتاج التي تفعلها العمالة الوافدة التي تشغل وتدير تلك المزارع.