أعرب محامون للداعية التركي المعارض فتح الله غولن الذي تحمّله أنقرة مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة، عن خشيتهم من محاولة لاغتياله، فيما اتهمه الرئيس رجب طيب أردوغان بخيانة زعماء سياسيين أتراك سابقين، بينهم الرئيسان الراحلان تورغوت أوزال وسليمان دميريل. وكلّما اتسعت دائرة ملاحقة جماعة غولن، يتّضح أكثر مدى تغلغل أنصاره في مؤسسات الدولة. وأصدر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم مذكرة داخلية تأمر ب «الإسراع في تطهير ذاتي» لتخليصه من «المرتبطين بالتنظيم الإرهابي لفتح الله غولن وداعمي المحاولة الانقلابية». أتى ذلك بعدما نفى ناطق باسم الحزب الأمر الأسبوع الماضي، وإثر تقديم محام مقرّب من الحزب شكوى لدى النائب العام تتهم أربعة من الوزراء السابقين في الحزب بالانتماء إلى الجماعة، علماً أنهم محسوبون على الرئيس السابق عبدالله غل، وشكّلوا أخيراً تيار المعارضة داخل «العدالة والتنمية». (راجع ص7) تزامن ذلك مع إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن نظيره الأميركي جون كيري سيزور أنقرة في 24 الشهر الجاري، وسط توتر بين البلدين بعدما طلبت الولاياتالمتحدة أدلة تثبت تورط غولن بالمحاولة الانقلابية، لتسليمه إلى تركيا، فيما اتهم أردوغان واشنطن ب «الوقوف مع الانقلابيين». ورجّح جاويش أوغلو أيضاً أن يُجري جوزف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، زيارة منفصلة لأنقرة. في واشنطن، قال محامون لغولن إنهم يخشون تعرّض موكّلهم لمحاولة اغتيال. واستدركوا أنهم يتوقّعون بقاءه في مجمّع يقيم فيه في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999. وكان الداعية ندّد بإصدار محكمة تركية الخميس مذكرة لتوقيفه، معتبراً أن «النظام القضائي التركي ليس مستقلاً»، ومتحدثاً عن «نزعة تسلّط» لدى أردوغان. في المقابل، اتهم أردوغان غولن بخيانة زعماء سياسيين سابقين في تركيا، بينهم أوزال ودميريل. ويلمّح بذلك إلى أن الأخيرَين وافقا قبله على التعاون والتحالف مع الداعية وجماعته. وأعلن الرئيس التركي بعد لقائه نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف في أنقرة أمس، اتفاقاً على أن تجري السلطات التعليمية في البلدين مراجعة مشتركة ل33 مدرسة في كازاخستان تشتبه تركيا في ارتباطها بغولن. ونبّه إلى أن جماعة الداعية «ليست تهديداً لتركيا فحسب، بل لكل الدول الموجودة فيها». ولفت نزارباييف إلى أن السلطات الكازاخية تسيطر على تلك المدارس، مذكّراً بأن 90 في المئة من معلّميها هم مواطنون من كازاخستان. واستدرك أن بلاده ستُعيد إلى تركيا أي مدرّس تثبت المراجعة المشتركة ارتباطه بالجماعة و «صلته بالإرهاب». وأضاف: «لن ندعم أي شخص يعمل ضد تركيا. ذلك لن يكون في مصلحتنا». إلى ذلك، برّر وزير الدفاع التركي فكري إيشيق خطط بلاده لإعادة هيكلة الجيش، بوجوب «إلغاء آلية نفّذت ستة انقلابات صغيرة وكبيرة في غضون 60 سنة». واعتبر أن الخطوات في هذا الصدد «تتلاءم مع هيكل الحلف الأطلسي وروحه». وأشار إلى أن 288 عسكرياً، بينهم 9 جنرالات، ما زالوا فارين بعد المحاولة الانقلابية. وفي إطار سعي الحكومة إلى «مصالحة» المعارضة، أعلن رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيلجدارأوغلو موافقته على المشاركة في تظاهرة ينظّمها الحزب الحاكم في إسطنبول غداً، تحت شعار «الديموقراطية والشهداء»، ويحضرها أيضاً رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي. وكان كيلجدارأوغلو متردداً في الحضور، خشية أن تستخدم الحكومة التظاهرة لإسباغ شرعية على قراراتها في شأن إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، لا سيّما الجيش، والتي هدد رئيس «حزب الشعب الجمهوري» باللجوء الى المحكمة الدستورية لإلغائها. لكن القاعدة الشعبية للحزب طالبت رئيسه بالمشاركة وتأكيد مطالبه، من خلال كلمة يردّ فيها على اتهامات كان أردوغان وجّهها إليه، في حضوره وأمام جمهوره. ويشكّل ذلك فرصة كبيرة للمعارضة، خصوصاً أن وسائل الإعلام الموالية للحكومة لا تنقل لقواعد الحزب الحاكم أي أخبار أو تصريحات عن المعارضة، إلا في حدود ضيقة. في غضون ذلك، تعهد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير «العمل لضمان ألا يجري الحوار مع تركيا عبر مكبّرات صوت وكاميرات فقط»، معتبراً أن «لا بديل من العودة للحوار المباشر، ولو أن الأمر صعب الآن». وأضاف أنه يركّز على «طريقة تمكن من خلالها إدارة العلاقات مع تركيا في هذا الوضع الصعب، وما الذي يمكن فعله للموقوفين» بعد المحاولة الانقلابية.