بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس زيارة رسمية إلى سورية تستمر يومين يجري خلالها محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد حول العلاقات الثنائية وآخر التطورات على الساحتين العربية والدولية. وأكد سفير خادم الحرمين لدى سورية عبدالله بن عبدالعزيز العيفان أهمية لقاء القمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد في دمشق وانعكاسها على تعزيز جوانب التعاون الثنائي بين البلدين ودعم القضايا العربية. وقال إن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى سورية تأتي امتداداً للجهود المتواصلة في خدمة القضايا العربية وتعزيز التعاون العربي المشترك. ونوه السفير العيفان في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا) بثته أمس بالجهود المتواصلة بين البلدين الشقيقين لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما ومنها التعاون الاقتصادي. إلى ذلك، أعلن مسؤول حكومي لبناني كبير لوكالة فرانس برس أن الاسد سيتوجه الجمعة الى بيروت مع خادم الحرمين في اطار الجهود التي تبذل لتهدئة الوضع المتوتر في لبنان، وستكون هذه الزيارة التي لم تؤكدها دمشق، الاولى التي يقوم بها الرئيس الاسد الى لبنان منذ شباط (فبراير) 2005. وقال المسؤول (طلب عدم ذكر اسمه): «أبلغنا بأنه سيسافر مع الملك عبدالله». وتعود الزيارة الاخيرة للرئيس السوري إلى لبنان إلى 2002 عندما شارك في القمة العربية في بيروت. ويصل الملك عبدالله الى دمشق بعد محادثات اجراها في القاهرة مع الرئيس المصري حسني مبارك. وتناول جدول أعمال القمة العديد من المواضيع المهمة، بدءاً بعملية السلام وجهود دفعها، والتي تأتي في بؤرة تركيز هذه المشاورات، وكذلك الوضع في لبنان والعراق والخليج. كما تناولت المواجهة بين الغرب وإيران حول الملف النووي الإيراني والوضع في اليمن وكل المستجدات على الساحتين العربية والإقليمية. وتأتي جولة الملك عبدالله بينما تدفع الولاياتالمتحدة ومعها الأوروبيون باتجاه استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي تصريح بثته وكالة الانباء السعودية، قال وزير الثقافة والاعلام السعودي عبدالعزيز خوجة: «ان الملك عبدالله يقوم بهذه الجولة للبحث في سبل تنقية الاجواء وتعزيز العلاقات العربية - العربية وتوحيد صف الامة وجهودها أمام ما يواجهها من تحديات». واضاف ان محادثات خادم الحرمين ستتناول «مجمل القضايا العربية، وفي مقدمها قضية فلسطين والأوضاع الراهنة في العراق ولبنان والسودان والصومال، وأهمية الحفاظ على سلامة جميع الدول العربية ووحدة أراضيها وتحقيق السلام والأمن لشعوبها». ويتوجه خادم الحرمين اليوم (الجمعة) إلى الأردن للقاء الملك عبدالله الثاني لبحث التطورات في الشرق الأوسط بحسبما افاد مصدر اردني مسؤول لوكالة فرانس برس. وتعتبر المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجارى لسورية بين الدول العربية، ومن المتوقع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين بعد افتتاح المقر الدائم لمجلس الأعمال السوري - السعودي فى دمشق خلال الشهر الجاري لتقديم التسهيلات والمعلومات اللازمة للمستثمرين السعوديين حول مطارح الاستثمار والفرص المتاحة وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين لتنفيذ مشاريعهم. تسعى سورية لتعزيز التعاون الاستثماري والتعاون فى المجالات الجمركية والصناعية والنقلية والنفط والغاز والصحة والارتقاء بالتعاون المصرفي. وتتبوأ الاستثمارات السعودية فى سورية مرتبة متقدمة بين الاستثمارات العربية، وتشمل قطاعات مواد البناء والعمران والصحة والصناعات الكيماوية والطبية والغذائية والزراعية والنقل. وكان الرئيس الأسد أجرى محادثات مع الملك عبدالله في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في دمشق تناولت توطيد التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات، إضافة إلى التأكيد على الارتقاء بالعلاقات العربية - العربية ومتابعة الجهود المبذولة لتعزيز العمل العربي المشترك واستمرار التنسيق والتشاور بين البلدين وعلى جميع المستويات. كما تلقى الرئيس الأسد 3 رسائل من الملك عبدالله في شهري نيسان (أبريل) وكانون الثاني (يناير) من العام الحالي، وفي شهر آذار (مارس) من العام الماضي تناولت آخر التطورات في المنطقة وتعميق العلاقات بين البلدين الشقيقين. وخلال اجتماعات اللجنة الوزارية السورية - السعودية المشتركة وملتقى رجال الأعمال في مطلع آذار الماضي في دمشق تم التوقيع على خمس اتفاقات ومذكرات تفاهم ووثائق في مجالات الجمارك والتجارة والاقتصاد، إضافة إلى اتفاق لتجنب الازدواج الضريبي تم التوقيع عليه خلال زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى دمشق. وأسهمت زيارة الرئيس الأسد في شهر كانون الثاني من العام الحالي وزيارة الملك عبدالله إلى دمشق في شهر كانون الأول من العام الماضي في الارتقاء بعلاقات البلدين في المجالات كافة وتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك وفتح آفاق جديدة للتعاون إضافة إلى تعزيز العمل العربي المشترك. وارتفعت الصادرات السورية إلى السعودية بحسب الإحصاءات الرسمية من نحو 17119 مليون ليرة سورية عام 2005 إلى 48019 مليون ليرة سورية عام 2008، كما ارتفعت المستوردات من 15904 ملايين ليرة سورية عام 2005 إلى 31030 مليون ليرة سورية عام 2008 وارتفع الميزان التجاري بينهما من 1216 مليون ليرة سورية عام 2005 إلى 16989 مليون ليرة سورية عام 2008. ويسعى الجانب السوري إلى تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري من خلال عقد اجتماعات دورية بشأن معالجة الأوضاع التجارية الناشئة وتذليل الصعوبات التي تعوق تدفق المبادلات التجارية بين البلدين وتشجيع إقامة علاقة تعاون بين التعاونيات والاتحادات التعاونية الاستهلاكية والمشاركة المستمرة والمنتظمة في المعارض والأسواق الدولية والمتخصصة المقامة في البلدين وتعزيز التعاون الاستثماري والتعاون في المجالات الجمركية والصناعية والنقلية والنفط والغاز والصحة والارتقاء بالتعاون المصرفي. وأشار المستثمرون السعوديون في الملتقى السوري السعودي الأول إلى أن الحكومتين السورية والسعودية تقدمان دعماً كبيراً للقطاع الخاص لزيادة استثماراته المشتركة بما ينعكس إيجاباً على حركة التجارة بين البلدين، وان هناك حوافز كبيرة وتسهيلات تقدمها الحكومة السورية للمستثمرين العرب، معربين عن أملهم بزيادة الاستثمارات السعودية في سورية في ظل توافر البنية الأساسية للاستثمار في سورية. وأكد عدد من رؤساء تحرير الصحف السعودية حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية أن القمة السورية - السعودية تشكل خطوة مهمة في توقيتها للنهوض بالعمل العربي المشترك وتعزيز العلاقات الثنائية ومعالجة المشكلات التي تعاني منها المنطقة. وأوضحوا أن السعودية وسورية تكملان بعضهما البعض وتدركان أن الوضع العربي في أشد الحاجة إلى التضامن من خلال استراتيجيات موحدة إزاء التحديات الكبيرة والتنسيق بما يحقق مصلحة البلدين والعرب، معربين عن الأمل في أن يؤدي التنسيق بين البلدين إلى خلق فضاء عربي وإقليمي يخدم مصالح الأمة العربية إضافة إلى اتخاذ موقف موحد على الصعيد الدولي من شأنه المساهمة في حل جميع المشكلات العالقة في المنطقة. القمة السعودية السورية في دمشق سبقتها زيارة خادم الحرمين إلى سورية ، وقبلها الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد في افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ، هذا الانفراج في العلاقات بين البلدين بدأ في القمة الاقتصادية العربية في الكويت مطلع عام ( 2009 ).وتمثل هذه الزيارة لما لكل من السعودية وسورية من موقع مهم معني بكل تطورات الأحداث في المنطقة حيث تتفق المصالح والرؤية وتتقاطع في معظم الملفات، وإن تباينت الآراء واختلفت وجهات النظر في جزء أو بعض منها . وألقت الزيارة بظلالها ليس على مستوى الشعبين والبلدين السوري والسعودي فقط ، بل ذهبت إلى جميع ملفات وقضايا المنطقة الشائكة، منها ضرورة المصالحة العربية والمصالحة الفلسطينية والوقوف بوجه محاولات تقسيم العراق، والحرب الدائرة في صعدة، وصولاً إلى ملف السلام مع إسرائيل والمبادرة العربية للسلام التي اقترحتها السعودية في قمة بيروت في عام 2002 والتي وافقت عليها سورية. وبالتالي فإن التطورات الايجابية بين السعودية وسورية لها اثارها على مجمل العلاقات بين الأطراف والقوى السياسية في المنطقة بما في ذلك لبنان وفلسطين.