على رغم أن دوائر القصر الرئاسي اللبناني لم تكن حصلت على تأكيد نهائي لزيارة الرئيس السوري بشار الأسد لبيروت غداً الجمعة بالتزامن مع زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فإن مصادر الرئاسة اللبنانية أكدت أن التحضيرات فيه تتناول زيارة الملك عبدالله بعد ظهر غد، وإمكان مجيء الرئيس الأسد معه من دمشق بعد المحادثات بينهما، بحيث تُعقد قمة لبنانية – سعودية – سورية لبحث الوضع المستجد في لبنان. وفيما فسّرت أوساط مطلعة استمرار حذر دوائر القصر الرئاسي في الإعلان عن القمة الثلاثية الى دواع أمنية، نسبت وكالة «فرانس برس» الى مسؤول حكومي لبناني قوله إن خادم الحرمين والرئيس الأسد سيصلان معاً الى لبنان، غداً من دمشق. واعتبرت مصادر سياسية ل «الحياة» أن مجيئهما سوية هو «خطوة استثنائية لها مغزى كبير عنوانها الأساسي الاستقرار خط أحمر في لبنان وأن الرعاية السعودية – السورية لهذا الاستقرار هي ضمان له ومن أجل حض اللبنانيين على معالجة الخلاف الأخير الذي نشب في شأن موضوع المحكمة الدولية وتوجس «حزب الله» من احتمال صدور قرار ظني بتورط بعض أفراده في اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالحوار والتواصل المباشر». وقالت هذه المصادر أن الأسد ما كان ليقوم بهذه الخطوة لو لم يكن يضمن أنه ستتبعها نتائج إيجابية لجهة ضبط الوضع اللبناني في ظل المخاوف من انفلات الأوضاع. ونقل موقع «ناو ليبانون» الإلكتروني في بيروت عن وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة قوله أمس إن زيارة الملك عبدالله «ستستمر لبضع ساعات من بعد ظهر الجمعة، من ضمن جولة على عدد من الدول العربية تشمل مصر، سورية، لبنان والأردن بهدف تحصين المنطقة العربية ورص الصفوف عربياً». ولفت خوجة الى أن جولة العاهل السعودي «مقررة مسبقاً من منطلق حرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيق لمّ شمل أهل البيت العربي» وأوضح أنه خلال اللقاءات التي سيعقدها العاهل السعودي مع المسؤولين اللبنانيين «سيتمحور التشاور حول أهمية توحّد العرب وتعاضدهم في مقاربة قضاياهم، بحيث ستكون هناك دعوة للاستفادة من تجارب الماضي والبناء عليها لتأمين مستقبل عربي أفضل». وقبل يومين من القمة الثلاثية المنتظرة، والتي تتبعها زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بدءاً من مساء الجمعة، فإن جهود التهدئة المتواصلة والتي كان بدأها الرئيس ميشال سليمان وواكبتها دمشق والدوحة والرياض في اتصالات متعددة، تزامنت مع استمرار التصريحات والتصريحات المضادة. وعلمت «الحياة» أن البحث بلقاء قريب بين رئيس الحكومة سعد الحريري والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله من أجل البحث في التأزم الحاصل، بعد مطالبة «حزب الله» بموقف لبناني من المحكمة الدولية و «إسقاط القرار الظني»، بدأ يأخذ منحى جدياً مع الضغوط لأجل تكريس التهدئة عبر الحوار. وعلمت «الحياة» أن الحريري بحث في هذا الأمر ليل أول من أمس مع المعاون السياسي لنصرالله حسين الخليل. وعلمت «الحياة» أن اللقاء بدأ بمناقشة حادة انتقد فيها الحريري الحملة التي خاضها الحزب على المحكمة و «مخاطبتي من طريق الشاشات»، معتبراً أن أمراً مثل موضوع المحكمة يفترض أن يُبحث في جو هادئ وبعيداً من الإثارة الإعلامية. وقالت مصادر مطلعة أن الخليل أوضح بدوره أن الحزب «لن ينتظر التعرض له واتهامه ولذلك نبّه الى ما يحاك». لكن المصادر أكدت أن الاجتماع بين رئيس الحكومة والخليل انتهى هادئاً حيث اتفقا على التواصل والحوار. ورجحت مصادر سياسية أن تتسارع الخطى من أجل عقد اجتماع بين الحريري ونصرالله في ظل نصائح سياسية بأن يعقد قبل القمة الثلاثية إذا أمكن ذلك. وقالت المصادر: «يفترض ألا يحتاج الزعيمان اللبنانيان الى وساطة عربية كي يلتقيا». وإذا تعذر اللقاء قبل مجيء الضيوف العرب الكبار فإن عقده لن يطول بعد ذلك. وفيما ترأس الحريري عصر أمس جلسة عادية لمجلس الوزراء بحثت في التحركات العربية في اتجاه لبنان وتناولت أجواء التجاذب السياسي حول المحكمة، واصل قادة «حزب الله» هجومهم على المحكمة. وكرر وزير الزراعة حسين الحاج حسن (من حزب الله)، قبل الجلسة، أن «القرار الظني بالطريقة التي يحضر لها مشروع فتنة، ومن يحضر له ويسوّق له هو مشروع فتنة أيضاً». وسئل هل يطلب «حزب الله» شيئاً من القيادات العربية الآتية الى لبنان، فأجاب: «حزب الله لا يطلب من أحد شيئاً، ونحن نرفض إيجاد مخارج رفضاً قاطعاً». ووصف المحكمة في حديث تلفزيوني بأنها «أميركية ، وإذا صدر القرار الظني يكون الأميركيون أدخلوا لبنان في حال صعبة». وقال عضو المجلس السياسي في الحزب الشيخ عبدالمجيد عمار: «إننا نعمل على إسقاط القرار الظني للمحكمة». ورد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على مطالبة «حزب الله» بأن تحاكم المحكمة شهود الزور بالقول إن هؤلاء «جميعاً سوريون والأكثرية الساحقة منهم تعمل في أجهزة الاستخبارات السورية بدءاً من هسام هسام وصولاً الى محمد زهير الصديق». وقال إن «هسام موجود في سورية فإذا كان شهد زوراً ألا يجب توقيفه والتحقيق معه؟». وزاد أن «الفريق الآخر هو من أرسل شهود الزور لضعضعة التحقيق». وأدلى السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي بدلوه أمس عندما سئل عن تصريح رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الذي ربط بين المحكمة الدولية والضغوط على إيران و «حزب الله»، فأجاب: «الكيان الصهيوني منذ تأسيسه والى يومنا هذا، يشكل تهديداً جاداً لكل البلدان في المنطقة. وإسرائيل لا يمكنها أن ترى استقراراً في لبنان. وفي هذه المرحلة دخلت من هذه البوابة، لكننا نعتقد أن الوعي والدراية والحكمة المتوافرة لدى الشعب والحكومة وكل الأطراف السياسية اللبنانية كفيلة بمواجهة كل هذه التحديات وكل هذه التهديدات وتبديلها بفرص من أجل الازدهار والتقدم في لبنان». وسئل عما إذا كانت زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد لبنان تأكدت قبل شهر رمضان، فأجاب: «مبدأ هذه الزيارة قائم ومفتوح لكن موعدها لم يحدد بعد». وأكدت السفيرة الأميركية في لبنان ميشال سيسون بعد لقائها جعجع أمس أن بلادها تدعم المحكمة الدولية بشكل مطلق وأن المحكمة تتمتع بخبرة عالية في العمل القضائي، كما جاء في بيان للمكتب الإعلامي في حزب «القوات». كما أكدت سيسون مجدداً أن «الإدارة الأميركية ستقدم كل ما يلزم لدعم الحكومة اللبنانية، من أجل بسط نفوذها وسلطتها على كامل الأراضي اللبنانية للحفاظ على السلم الأهلي». ونقلت لجعجع «تكثيف الإدارة الأميركية جهودها من أجل المضي قدماً في عملية السلام».