كانت الماندشو لغة أباطرة الصين على امتداد ثلاثة قرون الى حين سقط الحكم الأمبراطوري اوائل القرن العشرين، لكن حفنة قليلة من الصينيين ما زالت تفهم هذه اللغة وتتكلم بها، على غرار جي جينلو البالغ من العمر 71 سنة. والماندشو شعب من مربي الماشية كانوا يعيشون في ما مضى قرب الحدود الصينية - المنغولية، وقد وفدوا الى الصين في القرن السابع عشر، وأرسوا حكم سلالة تشينغ على انقاض حكم أسرة مينغ التي حكمت البلاد بين العامين 1368 و1644. وأصبحت هذه اللغة هي السائدة في بكين، واعتمدت في الوثائق الرسمية للأمبراطورية التي كانت واحدة من أكبر القوى في العالم آنذاك. ولكن مع شيوع ثقافة جماعة هان العرقية التي تشكل الغالبية في الصين، ذابت لغة الماندشو شيئاً فشيئاً، ولم يبقَ من الناطقين بها سوى تسعة أشخاص، من بينهم جي جينلو، يعيشون في قرية سنجيازي. ويقول جي جينلو: «نحن نتكلم اللغة الصينية حالياً، وإلا فإن الشباب لن يفهموا ما نقول»، قبل أن يشرع في أغنية بتلك اللغة المندثرة ألفها بنفسه وهو جالس في كوخ في حقل للذرة. وتقول منظمة يونيسكو ان لغة الماندشو «في وضع دقيق»، على غرار ستة آلاف لغة توشك أن تختفي من العالم مع نهاية القرن الحالي. إزاء ذلك، اتخذت اجراءات لإحياء هذه اللغة بين أقلية ماندشو التي يبلغ عدد أفرادها عشرة ملايين شخص. في المدرسة الابتدائية في القرية الواقعة في شمال شرقي الصين، تعطى الدروس لهذه اللغة، وترتفع في ممراتها لافتات مكتوبة بها. في إحدى قاعات المدرسة، يجتهد طلاب صغار في ترديد حروف أبجدية ماندشو، ثم ينطقون بعض كلماتها. يقوم على تدريس اللغة شي جوامغوانغ، وهو تعلمها من كبار السن في القرية، وسجل لهم مقاطع مصورة قبل ان يفارقوا الحياة. واذا كان هذا الاستاذ يرتدي الزي التقليدي لشعبه القديم، باللونين الاحمر واللازوردي، الا انه لا يعقد آمالاً كبيرة جداً على احياء ثقافته كما كانت. ويقول: «لم نعد نعرف شيئاً عن خصوصيتنا كشعب، لا من حيث اللباس ولا من حيث الطعام. الشيء الأساسي الذي بقي لنا هو اللغة». وفي ظل التمييز الذي كان يعانيه من ليسوا من شعب الماندشو، اندلعت ثورات عدة أدت في العام 1911 الى سقوط حكم أسرة تشينغ وقيام الجمهورية.