أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» والرهبانية اليسوعية أن الراهب اليسوعي الهولندي فرانز فان در لوغت قُتل أمس الإثنين برصاص مسلح في أحد الأحياء المحاصرة من القوات النظامية السورية في مدينة حمص. واتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مجموعة «ارهابية مسلحة» بالجريمة. وذكر «المرصد» في بريد الكتروني: «اغتال مسلح مجهول الأب فرانز فان در لوغت اليسوعي في دار الآباء اليسوعيين في حي بستان الديوان في حمص المحاصرة». وأكد أمين سر الرهبانية اليسوعية في هولندا يان ستويت في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» مقتل الكاهن. وقال: «يمكنني أن اؤكد أنه قُتل. قدم رجل الى منزله وأخرجه منه وأطلق عليه رصاصتين في رأسه في الطريق أمام المنزل». ورداً على سؤال، نفى علمه بأي تهديدات تلقاها فان در لوغت في الفترة الأخيرة. وأشار الى انه «سيدفن في سورية بناء على رغبته». وأوردت «سانا» من جهتها أن «مجموعة ارهابية مسلحة اغتالت» الأب فرانز فان در لوغت. ونقلت عن مصدر في المحافظة «إن ارهابيين اطلقوا النار فجراً» على الكاهن «ما ادى الى استشهاده على الفور». ويترأس فان در لوغت (75 سنة) دير الآباء اليسوعيين في حمص القديمة حيث يتحصن مقاتلون من مجموعات معارضة مسلحة عديدة. وهو الأجنبي ورجل الدين المسيحي الوحيد المتبقي في الأحياء التي تحاصرها القوات النظامية منذ حوالى سنتين. وخرج في شباط (فبراير) حوالى 1400 شخص من هذه الأحياء بناء على اتفاق بين النظام ومقاتلي المجموعات الموجودة في المدينة بإشراف الأممالمتحدة. ولم يُعرف عدد المسيحيين من بين هؤلاء. وخلال الأسابيع الماضية، حصلت تسويات أخرى تم بموجبها خروج مئات غيرهم بينهم ناشطون ومقاتلون. ولا تزال الأحياء التي تفتقر إلى أدنى مستلزمات الحياة وإلى الأدوية والمواد الغذائية تضم مئات الأشخاص. وكان فان در لوغت أعلن في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» في 4 شباط عبر سكايب، عدم نيته الخروج من المنطقة، قائلاً: «أنا رئيس هذا الدير، كيف أتركه؟ (...) كيف اترك المسيحيين؟ هذا من المستحيل». وكان عدد المسيحيين داخل حمص في حينه لا يتجاوز ال 65 شخصاً. وقال فان در لوغت أيضاً: «ثمة ايضاً سبب مهم جداً بالنسبة الي. أنا حصلت على الكثير من الشعب السوري، من خيرهم (...) وازدهارهم. اذا الشعب السوري يتألم حالياً، أحب أن أشاركهم ألمهم ومشاكلهم». وقدم الأب فرانز الى سورية في العام 1966، بعدما أمضى عامين في لبنان يدرس العربية التي يتكلمها بطلاقة. وهو معروف جداً في حمص ويتمتع بشعبية كبيرة بين السكان من كل الطوائف. وقد انتقد في حديثه مع «فرانس برس» المجتمع الدولي بسبب اهماله للأزمة السورية القائمة منذ اكثر من ثلاث سنوات والتي أودت باكثر من 150 الف قتيل. وقال «اشعر دائماً أن المجتمع الدولي في واد ونحن في واد. هم يتحدثون ويجتمعون في مطاعم وفنادق، لكن ما نعيشه هنا بعيد جداً عما يعيشونه. يتكلمون عنا لكنهم لا يعيشون معنا». وأعرب «الائتلاف الوطني السوري» المعارض عن «الحزن والصدمة» لاغتيال الكاهن اليسوعي، لافتاً إلى أنه «رفض الخروج من أحياء حمص المحاصرة وذاق ويلات الحصار المفروض من قبل قوات النظام مع بقية أبناء الشعب السوري». وأضاف «الائتلاف» في بيان أن الكاهن الراحل كان قد عبّر مراراً «عن مواقفه من خلال تسجيلات مصورة من قلب الأحياء المحاصرة لنقل الحقيقة للعالم عما يتعرض له المدنيون العزل من تجويع وقصف لأحيائهم السكنية». وبعدما دان «الائتلاف» الجريمة وأكد ضرورة «محاسبة من يقف وراءها»، ذكّر بأن النظام «لطالما قام بتصفية كل من تعاطف مع الشعب السوري أو عبّر عن مواقف ضد القمع والإجرام الممارس ضد المواطنين».