بعد ما يقارب العقد من الزيادة السريعة في الانفاق العسكري الأميركي، يواجه البنتاغون ضغوطاً اقتصادية وسياسية متزايدة لكبح موازنته ما يخلق أول نقاش جدي من نوعه، منذ اعتداءات 11 أيلول'سبمتبر 2001، حول حجم وكلفة الخدمات المسلحة. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن مشرعين ومحللين ومسؤولين من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قولهم ان عجز الموازنة الأميركية الكبير وتراجع حدة الحرب في العراق وتعهد الرئيس الأميركي ببدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان في السنة المقبلة يدفع الكونغرس إلى التفكير في تقليص طلبات تمويل البنتاغون. واشارت إلى ان وزير الدفاع روبرت غيتس سعى لاحتواء مطالب قطع التخصيصات في الموازنة من خلال الإظهار للكونغرس والبيت الأبيض انه قادر على تقليص المزيد من فعالية البيروقراطية في البنتاغون وبرامج الأسلحة واستخدام المدخرات للحفاظ على القوات المقاتلة. لكن الصحيفة لفتت ان زيادة الضغوط باتت ملحوظة الآن في جهود الديمقراطيين بالكونغرس للتحرك بسرعة أكبر مما كان كبار المسؤولين في البنتاغون يتوقعونه في ما يتعلق بتقليص طلب الموزانة المخصص للسنة المقبلة. وأوضحت انه على المدى الطويل، في ظل المخاوف من أن يبلغ الدين الحكومي 13 تريليون دولار، تحذر لجنة تعنى بتخفيض العجز من ان تقليص النفقات العسكرية قد تكون ضرورية لمساعدة البلد على الخروج من الحفرة المالية. يشار إلى ان غيتس يدعو باستمرار لرفع موازنة البنتاغون بنسبة 1% سنوياً على المدى الطويل، موضحاً ان هذا الأمر قد يساعده على الادخار بنسبة 2 أو 3% تستثمر في الجيش، وهو مبلغ كاف لتلبية الحاجات الأمنية الأميركية. وإذ لفتت إلى ان غيتس يحظى بدعم كبير في الكابيتول هيل ودعم مقبول داخل الإدارة الأميركية، إلا انها لفتت إلى ان الخبراء يقولون ان دعم الإنفاق العسكري قد يتزعزع بسرعة ما أن ينسحب عدد ملحوظ من القوات الأميركية من أفغانستان. ورأت "نيويورك تايمز" ان مسار الحرب في أفغانستان سيترك تأثيراً على النقاش حيال موازنة البنتاغون تماماً كما نتيجة الانتخابات الفصلية الأميركية ومن ثم الانتخابات الرئاسية في العام 2012، لكنها لفتت إلى ان المؤشرات الأولى للضغط ظهرت فيما يستعد مجلسا النواب والشيوخ لتخفيض طلب موازنة البنتاغون للسنة المالية التي تبدأ في 1 تشرين الأول'أكتوبر المقبل. يذكر ان الديمقراطيين في لجنة المخصات بمجلس الشيوخ صوتت في الأسبوع الماضي لاقتطاع 8 مليارات دولار من طلب البنتاغون بالحصول على 18 مليار دولار. واعتبرت الصحيفة ان ثلثي إنفاق البنتاغون هو على تكاليف عناصره ومن المحتمل أن يضطر للمرة الأولى للبحث في اقتطاع الخدمات الصحية المؤمنة لجهازه الناشط والمتقاعد وعائلاتهم. وذكرت ان بعض المحللين يقولون ان البنتاغون قد يجد نفسه في حالة من الضغط تدفعه لتقليص حجم القوات المسلحة. وفي الضفة الشرقية للأطلسي، اعترف وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس أن بلاده لم تعد تملك الأموال للدفاع عن نفسها ولم تعد قادرة على حماية أمنها ضد التهديد المحتملة. وقال الوزير فوكس في مقابلة مع صحيفة ديلي تليغراف الصادرة اليوم الجمعة "إن الوضع الحرج للتمويل العام يعني أنه لم يعد من الممكن لقواتنا المسلحة أن تكون مجهّزة للتصدي لكل خطر يمكن تصوره وأن المملكة المتحدة مضطرة الآن للتخلي عن واحدة أو أكثر من قدراتها على خوض حرب شاملة، ومكافحة التمرد كما هو عليه الحال في افغانستان، والمشاركة في حملة متوسطة الحجم مثل جزر الفوكلاند أو سيراليون. واضاف "نحن لا نملك ما يكفي من المال الآن لحماية أنفسنا ضد كل تهديد محتمل في المستقبل، ونتجه إلى احداث تخفيض كبير في عدد القوات التقليدية مثل الدبابات والطائرات المقاتلة، سيحد من قدرات جيشنا ويجعله مؤهلاً فقط للتصدي للتهديدات الواقعية المحتملة في المستقبل". وقال وزير الدفاع البريطاني إن هذه الاجراءات "ستجعلنا ننظر إلى مصادر التهديدات الحقيقية التي ستواجهنا في المستقبل والتعامل معها وفقاً لذلك، لاعتقادنا بأن الروس لن يأتوا إلينا عبر السهول الأوروبية في أي يوم قريب". ورجّح احتمال أن تقوم الحكومة البريطانية بسحب قواتها المتمركزة في ألمانيا والبالغ عددها 25 ألف جندي "في مرحلة ما"، مما سيترك بريطانيا من دون وجود عسكري في هذا البلد منذ العام 1945. واضاف فوكس "أن دبابات تشالنجر في ألمانيا وتكاليف صيانتها وعمليات التدريب لا تساهم في الحرب التي تخوضها قواتنا في افغانستان". وتواجه وزارة الدفاع البريطانية ضغاً كبيراً على مواردها مع وجود مؤشرات على أنها ستضطر بسبب ذلك للتضحية بنحو 30 ألف جندي من قواتها المسلحة لتلبية مطالب الحكومة الائتلافية بخفض موازنات الوزارات، بنسب تصل إلى 25%، مما سيخفّض عدد الجيش البريطاني من مستواه الحالي البالغ نحو 110 آلاف جندي إلى حوالى 75 ألف جندي.