استعر القتال في جوبا عاصمة جنوب السودان أمس، وجرت مواجهات بين قوات الرئيس سلفاكير ميارديت ومسلحين تابعين لنائبه رياك مشار، اعتُبرت الأعنف منذ بدء القتال قبل 5 أيام. وتحولت العاصمة الى مدينة أشباح، فيما احتمى آلاف المدنيين في مقار الأممالمتحدة التي قُتل 3 من عناصرها العسكريين. وتمددت الحرب إلى منطقة توريت في شرق البلاد. وصرح ناطق باسم سلفاكير بأنه أمر الجيش بوقف النار، مؤكداً أن الرئيس مستعد لمواصلة العمل مع نائبه و «لا يزال ملتزماً عملية السلام». شكل ذلك رداً على مشار الذي قال في وقت سابق إن مروحيات تابعة لسلفاكير هاجمت أنصاره، «ما يظهر أن الرئيس لا يرغب في السلام». وأكد مشار أنه بخير ولم يفقد الأمل في المستقبل. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن أمس، إلى فرض حظر للسلاح على جنوب السودان ومعاقبة القادة السياسيين والعسكريين الذين يعرقلون تنفيذ اتفاق السلام، كما دعا إلى تعزيز قوة حفظ السلام التابعة للمنظمة الدولية. وقال بان: «نحتاج بشدة إلى مروحيات هجومية ومواد أخرى لتنفيذ تفويضنا الخاص بحماية المدنيين». وأضاف: «أدعو أيضاً كل الدول الى المساهمة في مهمة الأممالمتحدة في جنوب السودان للبقاء في مواقعها. أي انسحاب من شأنه أن يبعث بإشارة خاطئة في جنوب السودان وأنحاء العالم». وتركزت المواجهات أمس، في محيط المطار وقاعدة مشار في جبل كجور الذي يبعد 5 كيلومترات عن وسط جوبا، واستخدم الطرفان الأسلحة الثقيلة، ودكت قوات سلفاكير ما تبقى من مقر أقامة مشار بمروحيات مقاتلة. وحبس مواطنون في أحياء تونغبنغ قودلي وتوقنبق أنفاسهم، وسط دوي الانفجارات قرب منازلهم، وفرت أعداد منهم للاحتماء في مقار الأممالمتحدة. وقال ضابط بارز في قوات مشار ل «الحياة» عبر الهاتف إن نائب الرئيس موجود في جبل كجور قرب جوبا ولن يغادر المدينة وإن قواته قادرة على حمايته، موضحاً أن الملازم قاتوانق نجل مشار والعقيد كويم قاتلوك، قُتلا في المعارك قرب المطار منذ يومين. كما قُتل 3 من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جوبا، وأكدت مصادر عدة في المنظمة الدولية مصرع اثنين من الجنود الروانديين إضافة إلى جندي صيني. كما ترددت أنباء عن جرح جنديين صينيين آخرين، أحدهما في حال خطرة. وامتد القتال إلى مدينة توريت عاصمة ولاية شرق الاستوائية باتجاه الحدود الكينية، وقالت مصادر قبلية في جنوب السودان إن أكثر من حوالى 10 آلاف عنصر من ميليشيا «الجيش الأبيض» من قبيلة النوير التي يتحدر منها مشار، تحركت من منطقة فنجاك في ولاية بور في طريقها الى جوبا، كما استعان الجنرال بول ملونق رئيس أركان قوات سلفاكير بمسلحين من متمردي دارفور المتحالفين معه، ما قد يدفع الأوضاع إلى حرب شاملة. وطلبت «الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا» (إيغاد) التي تتوسط بين فرقاء جنوب السودان من طرفي النزاع ضبط النفس، وحذرت من أن صبر الأفارقة بدأ ينفذ تجاه عدم التزام قادة الجنوب بوقف النار وتطبيق اتفاق السلام. وقال مسؤول في الاتحاد الأفريقي ل «الحياة» إن الاتحاد ربما يدرس خطة للتدخل في جنوب السودان بالتنسيق مع الأممالمتحدة في حال استمر تدهور الأوضاع في البلاد. وسحبت وزارة الخارجية الأميركية الموظفين غير الأساسيين من سفارتها في جوبا، وحضّت الأميركيين في جنوب السودان على الحيطة والحذر، ونبهتهم الى أن «قدرة السفارة على توفير خدمات طارئة للمواطنين الأميركيين في جوبا محدودة للغاية».