أكدت منظمات حقوقية إسرائيلية أن الكنيست الإسرائيلية الحالية (ال 18 في تاريخ الدولة العبرية) هي الكنيست الأكثر يمينية وتطرفاً وعنصرية لجهة عدد القوانين ومشاريع القوانين التي تم تشريعها أو تقديمها. وأوضحت أن القوانين التي تمت المصادقة عليها خلال الدورة الصيفية المنتهية للكنيست الحالية تمس مساً خطيراً بحرية الرأي والتعبير في إسرائيل وتميز ضد المواطنين العرب وتجسد «انعدام التسامح تجاه الآخر». وأشارت إلى أنه تحت حجة «أمن الدولة» و«ديموقراطية تدافع عن ذاتها» شرع النواب في سن قوانين تتناول «الولاء» للدولة و«الوطنية». وتناولت هذه المنظمات أمثلة لادعاءاتها، في مقدمها مشروع قانون «الولاء والانتماء» الذي يهدف الى سحب الجنسية ممن لا يتم تصنيفه «مخلصاً للدولة»، ومشروع قانون يعتبر الحركة الإسلامية «غير قانونية»، وسحب امتيازات عن النائب العربية من حزب «التجمع الوطني» حنين الزعبي، وانتهاء بقوانين أخرى تحجب المساعدات الحكومية عن منظمات إسرائيلية أو إنتاج سينمائي ينتقد سياسة الحكومات الإسرائيلية. واختتمت الكنيست دورتها أول من أمس بإقرار تمديد فترة سريان قانون «لم الشمل» العنصري (قانون المواطنة) الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية والأزواج من فلسطينيي ال 48 وسكان قطاع غزة والضفة الغربية، لستة أشهر إضافية. وأيد التمديد 53 عضو كنيست وعارضه 13 عضواً فقط. وينص تعديل قانون «المواطنة» الذي سُنّ عام 2003 على منع لمّ الشمل بين المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وبين الفلسطينيين سكان الضفة وقطاع غزة وسكان دول تعتبر معادية (سورية ولبنان وإيران والعراق)، إضافة إلى السكان الذين يعيشون في «مناطق تجري فيها عمليات تشكل خطراً على أمن الدولة أو على مواطنيها، وهي المناطق التي تحددها المؤسسة الأمنية. وعزا وزير الأديان يعقوف مارغي تمديد سريان القانون بدوافع أمنية قائلاً إن «الوضع الأمني يظهر تصاعداً في مشاركة فلسطينيين في أعمال إرهابية من خلال استغلال مكانتهم القانونية في إسرائيل في أعقاب لم الشمل مع إسرائيليين (فلسطينيين)، بما في ذلك المساعدة في تنفيذ عمليات انتحارية». وفي تلخيصه للدورة الصيفية، كتب المعلق في «هآرتس» يوناثان ليس إن الكنيست الحالية «تتأرجح بين الصهيونية والعنصرية». ونقل عن رئيس الكنيست القطب في حزب «ليكود» الحاكم رؤوبين ريبلين أنه بات يخشى على «الديموقراطية الإسرائيلية» حيال السيطرة المطلقة للائتلاف الحكومي على الكنيست وقيام الغالبية بمنع المعارضة من تمرير أي قانون. وأضاف أن نواب الائتلاف نجحوا في تمرير قوانين تمس بموازنة الدولة و«تكاد تتسبب في إحداث شرخ داخل الشعب». وبعثت «جمعية حقوق المواطن» برسالة إلى ريبلين وإلى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تطالبهما بالتدخل فوراً لوضع حد للمقاربة المسيطرة على الكنيست الحالية، «ومنع التحكم المستبد للغالبية بالأقلية من خلال الاستخدام الشامل لمصطلح ديموقراطية تدافع عن نفسها». وتابعت أن رئيس الحكومة والكنيست مطالَبان بالتدخل من أجل «العمل على الحفاظ على القيم الديموقراطية في المجتمع الإسرائيلي من خلال الحكومة والكنيست، والدفاع عن حرية الرأي وكرامة الإنسان والمساواة وضمان التعددية في الرأي والفكر والمواقف». وتابع أن النواب يتصرفون على هواهم، وكل منهم يمرر القانون الذي يرى أن من شأنه أن يمنحه عنواناً في الصحف وأن يزيد من شعبيته، ما يحول دون تمرير قوانين تحظى بإجماع. وأضاف إن النواب أدركوا أن كتابة مقالات تحليلية تسهم في النقاش السياسي لن تحظى باهتمامات وسائل الإعلام التي تمنح العناوين «فقط لبهلوانيات ومسائل غير جدية يقومون بها». من جهتهم، دافع مقدمو القوانين من أحزاب الائتلاف اليميني المختلفة، خصوصاً من «ليكود» و«إسرائيل بيتنا»، عن سلوكهم بالقول إنهم يعملون من أجل «تعزيز الوطنية والولاء للدولة». ويقول دافيد روتم (إسرائيل بيتنا) الذي يشغل منصب رئيس لجنة الدستور البرلمانية: «انتُخبت من أجل الحفاظ على إسرائيل دولة للشعب اليهودي، وذلك من خلال تعزيز أمن مواطنيها. أي تشريع في اتجاه سحب الجنسية من كل من يسعى الى المس بأمن المواطنين، أو حرمان عائلات مخربين من مخصصات حكومية، أو تفضيل من خدم في الجيش للقبول لوظائف حكومية، هو عمل برلماني مهم ضد كل من ينفي وجود دولة إسرائيل. حب الدولة هو الصهيونية، وليس عنصرية». وتابع أن ولاء المواطن لدولته يجب أن ينعكس في أدائه واجباته تجاهها، وأن يكون مخلصاً لقيمها وأهدافها، وفي المقابل واجب الدولة هو مكافأة أمثال هؤلاء المواطنين على مشاركتهم في تحمل عبء أمن الدولة. وبين مشاريع القوانين الكثيرة التي طرحت وتم المصادقة على معظمها: حجب مساعدات عن منتجي فيلم سينمائي إسرائيلي ينتقد الدولة، وفرض غرامات مالية على هيئات وجهات إسرائيلية تدعو إلى فرض مقاطعة أكاديمية أو اقتصادية على إسرائيل، وحجب مساعدات حكومية عن هيئات إسرائيلية تتآمر على الدولة وتضرها من خلال دعوتها محاكم خارج إسرائيل لمحاكمة سياسيين وضباط إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب، ومنح امتيازات في السكن لمن يخدم في الجيش أو يؤدي «الخدمة الوطنية»، وتفضيل خريجي الجيش والخدمة الوطنية في التوظيف الحكومي (بهدف استثناء العرب المعفيين الإلزامية من الخدمة)، والإعلان عن الحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح «غير قانونية» بداعي أن رسائلها تتسم بالتحريض وبأيديولوجيا معادية لإسرائيل ولليهود.