استبقت موسكو نتائج قمة حلف شمال الأطلسي التي بدأت أمس في وارسو بدعوة الحلف إلى التخلي عن «اتهاماته السخيفة» لروسيا، فيما وصفت الصحيفة الرسمية «روسيسكايا غازيتا» الحلف بأنه «حلف وارسو الجديد»، وأكد الكرملين أنه «يتابع بانتباه» أعمال القمة، داعياً الغرب إلى تغليب «المنطق السليم» في العلاقة مع روسيا. وانصب أمس اهتمام وسائل الإعلام الروسية، والمراكز القريبة من المؤسستين العسكرية والديبلوماسية على التداعيات المحتملة في حال أقرت قمة الحلف رزمة من الإجراءات التي تعتبرها موسكو خطراً على أمنها، مثل نشر آلاف الجنود في بولندا وإطلاق مرحلة جديدة في برنامج نشر درع صاروخية في أوروبا، إضافة إلى تقديم تسهيلات لضم أعضاء جدد إلى الحلف من الفضاء السوفياتي السابق. ونشرت وسائل إعلام تفاصيل عن «تدابير مقابلة» يمكن روسيا اتخاذها في حال شعرت بتهديد إضافي، بينها توسيع الوجود العسكري على طول المناطق الحدودية مع أوروبا، وتعزيز القوات المشتركة في البلد الجار والحليف بلاروسيا، ونشر منظومات صاروخية في إقليم كاليننغراد أقصى غرب روسيا وفي شبه جزيرة القرم على البحر الأسود. ورسمت الصحيفة الرسمية «روسيسكايا غازيتا» لوحة قاتمة للعلاقات مع الحلف الذي وصفته في عنوان بارز بأنه «حلف وارسو الجديد». لكن هذه اللهجة لم تنعكس في التصريحات الرسمية، بانتظار صدور نتائج القمة، إذ أعلن الكرملين أن لدى روسيا والحلف مجالات واسعة للتعاون في حال «تمكن الحلف من التخلي عن توجيه اتهامات سخيفة لروسيا بأنها تشكل خطراً على أوروبا». وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف أن «الحديث عن خطر يأتي من روسيا بينما يقتل عشرات الأشخاص في قلب أوروبا ويقتل المئات يومياً في الشرق الأوسط، أمر سخيف»، معتبراً أنه «لا يمكن أن يصدر تشويه كامل للحقائق بهذه الطريقة إلا من كيان قصير النظر تماماً». وأكد بيسكوف أن موسكو «تتابع بانتباه عمل قمة ناتو وتأمل في تغلب المنطق السليم والإرادة السياسية لتجنب المواجهة»، مشيراً إلى أن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أعلن أمس ضرورة الحفاظ على الاتصالات مع روسيا، وأكد عدم وجود أي خطر مباشر من روسيا. وقال: «لسنا نحن من يقترب من حدود حلف الأطلسي». وجدد الناطق باسم الكرملين دعوة موسكو إلى التعاون على أساس مراعاة المصالح المشتركة، مؤكداً انفتاح روسيا على الحوار، وأشار إلى أنه «يصعب إيجاد أرضية مشتركة للتعاون عندما يواصل الحلف الدعاية المعادية لروسيا ويستخدم ذلك لتعزيز وجوده العسكري قرب الحدود الروسية، مؤكداً أن التعاون «يتطلب تعزيز إجراءات الثقة في القارة ومكافحة الشر الحقيقي المتمثل في الإرهاب». على صعيد آخر، أعلن نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الفيديرالية (الشيوخ) الروسي يفغيني سيريبرنيكوف أن موسكو قد تنشر وحدات صاروخية رداً على نشر أجزاء من الدرع الصاروخية الأميركية في كوريا الجنوبية. وأكد أن موسكو «ستأخذ في الاعتبار لدى وضع تعديلات على الخطط العسكرية قرار واشنطن نشر منظومات صاروخية في كوريا الجنوبية»، مشيراً إلى وجود «قرارات محددة لدى وزارة الدفاع لتعزيز النفوذ في هذا الاتجاه، بما في ذلك من خلال نشر وحدات برية وصاروخية»، مضيفاً أنها «قد تنشر في أي منطقة لضمان وصولها إلى منطقة نشر الدرع في كوريا الجنوبية»، ولم يستبعد تسريع الخطة الرامية إلى إصلاح القاعدة العسكرية في جزر الكوريل.