كانت سهرة استثنائية فعلاً تلك التي أحيتها فرقة «غوريلاز» البريطانية الافتراضية على مسرح مهرجانات جبيل ليل الثلثاء - الأربعاء. وأكدت الجماهير الشبابية الزاحفة بالآلاف الى ميناء أقدم مدن التاريخ، أن الحفلة «الجنونية» هي الحدث الأبرز «شبابياً» إذا صحّ التعبير، في برنامج المهرجانات اللبنانية لهذه السنة. الحفلة لم تبدأ حين صعد أعضاء الفرقة الذين لا يعرفهم الجمهور بوجوههم الحقيقية، بل بدأت من بيروت حيث تسبب الجماهير بزحمة سير خانقة على أوتوستراد بيروت – جونيه – جبيل. ما أدى الى وصول عدد كبير بعد الثامنة والنصف مساء وهو موعد الحفلة. ما جعل أعضاء الفرقة التي يعرفها الجمهور اللبناني من خلال الأفلام الكرتونية (animation) يتأخرون حوالى ساعة عن موعدهم المنتظر. ولكن ما أن ظهر مؤسس الفرقة عام 1998 دايمون ألبرن وخلفه أفلام شريكه جيمي هيولت الرسام الذي ابتكر الشخصيات الافتراضية التي تميّزت بها الفرقة، حتى التهبت أيادي الجمهور تصفيقاً ليبدأ الراقصون على أنغام «غوريلاز» المتنوعة بين الروك والراب والتريب- بوب والبوب والموسيقى الإلكترونية المشغولة بمهنية عالية معبرة عن الموجة البديلة من الموسيقى التجارية والنمطية السائدة في الغرب. ليس كل مَن أتى الى الحفلة يعرف «غوريلاز». فيقول حسام قاسم الذي يعمل مخرجاً في المحطات التلفزيونية اللبنانية: «لا أعرف عنهم سوى اسمهم، لكنني أتيت لأكتشف ما هي هذه الفرقة التي ضجّ البلد بها». وتؤكد ريتا ابنة الخامسة والعشرين التي تعرف أغاني الفرقة منذ إطلاقها ألبومها الأول عام 2001: «كنت حينذاك مبهورة بأسلوبهم الرائع وغير السائد على الساحة الموسيقية، ولكنني لم أتعرف الى وجوههم إلا منذ فترة حين قيل لي أنهم سيأتون الى لبنان». وتردف ديما صديقة ريتا: «لا نعرف أشكالهم لأنهم اشتهروا من خلال أفلام الكرتون الرائعة والذكية التي عرفوا من خلالها كيف يصلون الى قاعدة جماهيرية واسعة من خلال الشخصيات الغريبة». أما جورج ورفاقه الذين يدرسون الغرافيك ديزاين والتحريك فقد أتوا ليروا من قريب أفلام الألبوم الجديد «شاطئ البلاستيك» (Plastic Beach) الذي حُكي عنه كثيراً في وسائل الإعلام. لكن هذه الفرقة لها جمهور من نوع خاص أيضاً أراد أن يكتشفها بعدما ألغت حفلتها في إسرائيل أخيراً احتجاجاً على ضرب «أسطول الحرية»، ومنهم كندة وسارة وعلي وغيرهم. فيقول علي: «سمعت أنها فرقة روك مشهورة وأعرف القليل عنها، لكن ما شجّعني على شراء بطاقة هو موقف «غوريلاز» المشرّف عدا عن أنني أريد أن أرى كيف يمكن لفرقة افتراضية أن تقدّم عرضاً على المسرح... فتأكدت أنها فعلاً فرقة استثنائية». أشعلت الفرقة السهرة بغنائها من قديمها وجديدها. واللافت أنها أتت بكل أعضائها تقريباً الدائمين وغير الدائمين. فالمعروف أن «غوريلاز» تستضيف في كل ألبوم فنانين جدداً ومشهورين. لكن الحدث الأبرز كان استضافتها أحد مغني الراب الذي رافق دايمن ألبرت بأغنية راب عربية، هذا عدا عن حضور أعضاء «الأوركسترا الوطنية للموسيقى العربية» من دمشق بقيادة عصام رافع التي عزفت مقطوعة رفيعة المستوى وأدخلت نكهة شرقية جميلة الى جوّ الحفلة «الجنوني». ولمَن فاتته السهرة يمكنه أن يلحق بفرقة «غوريلاز» الى دمشق حيث ستُحيي حفلة في 25 تموز (يوليو) الجاري في القلعة.