حضورها على الشاشة أثبتته منذ زمن طويل وطلّتها لا تزال تصنع فرقاً، أو على الأقل وقعاً. هي مثل وردةٍ ظهرت فلفتت الأنظار إليها، عرفت كيف تسقيها وتعتني بها كي لا تذبل، لذلك ما زال عطرها يفوح ويتميّز بين الورود الأخرى. إنّها ورد الخال الممثلة اللبنانية التي تطلّ دوماً بأعمال تحمل جديداً من حيث الشكل أو المضمون أو كليهما. انتهت ورد من تصوير مسلسل «نقطة حب» من سلسلة «دفاتر الأيام» لوالدتها الكاتبة مهى بيرقدار الخال، ومن اخراج ميلاد أبي رعد الذي يشارك أيضاً في إنتاجه مع شركة «خيال» التي يملكها الشقيقان يوسف وورد الخال. يشارك في هذا العمل عدد من الممثلين اللبنانيين منهم بيتر سمعان وكارلوس عازار وعمر ميقاتي وسليم حلال ومنى كريم ونجلاء الهاشم وغيرهم. وفي رمضان ستطلّ الخال في مسلسل «أبواب الغيم» للمخرج حاتم علي، وتؤدّي في هذا العمل دور سيدة إنكليزية تؤثّر في سير الأحداث. وعند سؤالها عمّا دفعها لقبول الدور انطلاقاً من تصريحاتها بأنّها لا تقبل سوى الأدوار التي تضيف إلى مسيرتها، تجيب ورد: «لا أنفي أنّ مساحة الدور صغيرة ولكنّ صيغته شكلاً ومضموناً دفعتني لقبوله بالإضافة إلى عناصر عدة مثل مخرج العمل والممثلين المشاركين فيه». وتشير إلى أنّ دورها في هذا المسلسل لا يشبه أبداً دورها في «أسمهان» وبعيدٌ كلّ البعد عمّا تطمح إليه، ولكن، بما أنّه جديد عليها، قبلته. هنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال: لماذا يشترط الممثل اللبناني لعب أدوار البطولة في الدراما المحلية رافضاً حتّى البطولة الثانية، وفي المقابل يرضى بأدوار صغيرة في الدراما العربية؟ «الواقع أنّ قبول دور ما أو رفضه يخضع لاعتبارات، فقد يكون الممثل اللبناني معجباً بالدور فيغضّ النظر عن حجمه، أو معجباً بالتقدير الذي يلقاه في الدول العربية فيعتبر دوره الصغير فرصةً لانتشاره وبالتالي لنيله فرصةً أكبر». مسألة التقدير تلفت انتباهنا وتدعونا لنسأل: أليس الممثل في وطننا مقدراً؟ «بلا، هو مقدّر مبدئياً» تجيب، «ولكنّ مستوى الاحتراف عندنا ضعيف في حين أنّه مرتفع جداً في الخارج، لذلك فالتعاطي مع الممثل وطريقة التصرف تجاهه يختلفان جداً فيشعر بالراحة أكثر حيث يكون كلّ شيء مؤمّناً ويتمّ كلّ شيء وفق الأصول». وبالحديث عن التقدير والتكريم لا بد من الإشارة إلى أنّ الخال ستكون ضمن لجنة مشروعٍ تكريمي من المفترض أن يظهر في تشرين الأول (أكتوبر). دور ورد في مسلسل «أسمهان» ترك بصمة عند الجمهور «مع العلم أنّه كان دور أمٍّ عادية، ولكن ما لفت الأنظار هو أنّ ممثلة في عمري لعبته فغيّرتُ في شكلي وبنيت شخصية متكاملة من المشهد الأول حتّى الأخير، ومن هنا أعتبر أنّ الممثل قادر على أن يجعل من أي دور، حتى لو كان صغيراً في المساحة، كبيراً في الأثر». وتضيف: «لذلك آمل بأن يكون دوري في «أبواب الغيم» لافتاً للنظر لأنني أديته من كلّ قلبي، وأعتقد أنّه سيكون «التلوينة» في المسلسل لأنّ الجميع يرتدون ثياباً بدوية غامقة ما عداي». كانت ورد الخال أطلّت أخيراً عبر شاشة «أم تي في» من خلال مسلسل «مدام كارمن» حيث لعبت دور امرأةٍ تدير مركزاً للدعارة، وتضاربت الآراء كثيراً حول دورها، بل حول المسلسل بكامله. فمنهم مَن اعتبر الأمر جرأة مستحسنة ومنهم من رأى فيه مبالغة مستهجنة، وبين الاستحسان والاستهجان شيء واحد مؤكّد هو أنّ العمل كان ضارباً. «في دور مدام كارمن تحدّيت نفسي في شخصية جديدة تتطلّب من الممثلة تركيزاً وجرأة وقدرة كي توصلها بأمانة الى المُشاهد». أكثر ما يثير الاستغراب هو التناقض بين جرأة ورد في «مدام كارمن» حيث لعبت تلك الشخصية بدقة مع ما تطلّبه الدور من قبلات، متحدّيةً رأي المجتمع بسلاح الفن، وبين تراجعها وتخوّفها من لعب دور سحاقية مثلاً بحسب ما صرّحت به أكثر من مرّة، رازحةً تحت وطأة المجتمع وأقواله. هنا تسارع ورد إلى البوح: «أريد أن أعترف لك، وهذه المرّة الأولى التي أقولها، أنا أعيش صراعاً كبيراً في داخلي بين كوني ممثلة في عالم الفن وبين كوني فرداً في المجتمع، وأعتقد أنّه إذا عُرِض عليّ الآن دور سحاقية وكان مكتوباً في شكلٍ جيد فسأقبله من دون تردّد». الصراع الذي تعيشه ورد واضح في صوتها وفي انفعالها بخاصّةً حين تقول: «يجب أن نتخطّى رأي فئة منغلقة من الناس وعلينا عدم التوقّف عند تعليقاتها وإلاّ فلن نتقدّم أبداً، يجب أن نتحرّر من العقلية المتحجّرة، لماذا عليّ أن أرفض دوراً جميلاً لمجرّد أنّه يجسّد شخصية سحاقية مثلاً؟ هل سيظنّني الناس سحاقية؟ ألم يعرفني الجمهور بعد كي يظنّ ذلك؟». مَن يتابع تصريحات ورد الخال في مقابلاتها يلاحظ أنّها تذهب باتجاه السوداوية، إذا صح التعبير، في ما يتعلّق بوضع الدراما المحلية، فكلّما عدنا في الزمن أكثر نقع على آراء إيجابية تتوقّع أن يتحسّن وضع الدراما عندنا وكلّما اقتربنا من أيامنا هذه نُفاجأ بالحُكم اليائس الذي يرى أن الوضع سيىء جداً فنتمنّى ألاّ يسوء أكثر! اليوم، بعدما دخلت عالم الإنتاج أيضاً، هل ما زالت الصورة السوداء نفسها هي المسيطرة فتأكّدت منها بنفسها، أو تبدّدت الغيوم وبدأ النور يلوح في الأفق؟ «صرت أشعر كمنتجة كم يعيش المنتجون آلام المخاض فيشبهون امرأة تعاني الآلام المبرحة لكنّها تعجز عن الولادة». وتؤكّد أنّ الأنظار هي دوماً إلى الأمام والطموح بالتقدّم موجود دوماً، ولكن إذا استمر الوضع كما هو فستبقى الدراما، في أحسن الأحوال، في مستواها الحالي فلن نستطيع التقدّم ولن نستطيع الانتشار عربياً، «وحتّى لو انتشرنا سنبدو ضعفاء أمام الإنتاجات الأخرى».