تجاوزت الحملة التي انطلقت مطلع شهر رمضان تحت شعار «ما تخلي رمضانك من الاحتلال» باللهجة الفلسطينية، المدن والشوارع التي انطلقت منها وألصقت فيها إعلاناتها، لتملأ المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية، مثيرة فضولاً ودهشة بين مختلف الشرائح الفلسطينية. وكان شباب أطلقوا شعار «رمضان توف» التي تعني بالعبرية «خير»، من بيت لحم ثم عم بقية المدن الفلسطينية في محاولة لمواجهة سلطات الاحتلال وقواتها العسكرية، التي تحاول أن تظهر بمظهر المتسامح والأخلاقي، عبر مخاطبة العابرين على الحواجز العسكرية يومياً، بعبارة «رمضان توف»، أي «رمضان الخير»، أو «رمضان مبارك». وتقوم الحملة بمواجهة مساع حثيثة من الشركات الإسرائيلية لتسويق منتجاتها في الأسواق الفلسطينية المستباحة أصلاً، وعبر وكلاء فلسطينيين في الغالب، بحملة تخفيضات على أسعار المنتجات المتنوعة، بخاصة الغذائية في الشهر الفضيل، مشددة على ضرورة مقاطعة منتجات الاحتلال، التي تصب في النهاية في دعم الجيش الذي يقتل الفلسطينيين. ونشرت الحملة ملصقات لجندي اسرائيلي يحمل مائدة رمضانية مصغرة، ويقدمها بلباسه العسكري لمن يمارس القتل اليومي بحقه، في لوحة سوريالية موجعة. ولا تخف ريم مسروجي، الناشطة في حملة «رمضان توف»، أنهم سعوا لأن تكون الحملة «مستفزة بشكل أو بآخر»، بخاصة أن العديد من المداخل ذات العلاقة بحملات مقاطعة منتجات الاحتلال في الأسواق الفلسطينية، استنفذت، إن جاز التعبير. ولفتت مسروجي إلى أن «رمضان توف» عبارة يرددها بعض جنود الاحتلال على الحواجز العسكرية التي تنكل بالفلسطينيين أساساً، وأن استخدام هاتين الكلمتين عنواناً للحملة، يأتي للربط بين ما يحصل في الواقع بسبب الاحتلال برمزياته المختلفة من جندي، ودبابة، وبندقية، وحاجز عسكري، وجدار فصل عنصري، وغيرها من السياسات العنصرية التي تستخدم «لإذلالنا، وقتلنا كشعب فلسطيني». وأكدت مسروجي: حرصنا في هذه الحملة على الربط المباشر بين الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية وسياساته العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، وبين المنتجات الإسرائيلية، في ظل اجتياح بضائع شركات الاحتلال لأسواقنا. ويقول فريد طعم الله، الناشط في الحملة، أنها ذات طابع مختلف، مبني على دراسات عدة ومكثفة، ولا ترتبط بأحزاب سياسية، أو بأطر تنظيمية بعينها، كما أنها ليست هبّة تأتي كرد فعل على حدث احتلالي ما على الأرض، وتنتهي بانتهاء الحدث وتداعياته. ويرى طعم الله أن ما يميّز «رمضان توف» عن غيرها من الحملات الداعية إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في فلسطين، حالة الالتفاف الكبيرة حولها بغض النظر عن الانتماء الحزبي والفصائلي، وعدم شموليتها، بمعنى عدم الحديث عن مقاطعة كافة المنتجات الإسرائيلية، لكون ذلك لم يجد في السابق، لذا كان لا بد من التدرج، وهو ما حصل بالفعل عبر مقاطعة خمس شركات إسرائيلية في البداية، تستحوذ على حوالى 80 في المئة من نسبة التوزيع. وأشار طعم الله إلى أنه إذا نجحت الحملة في دفع المواطن الفلسطيني لمقاطعة منتجات شركات «أوسيم»، و «تنوفا»، و «شتراوس»، وهي شركات متخصصة في الألبان ومشتقات الحليب والآيس كريم والسكاكر، و «يعفورا» المتخصصة في إنتاج العصائر، و «فوكس» شركة الملابس الإسرائيلية الشهيرة، فإنها ستساهم في شكل واضح في تخفيض نسبة الأرباح الناتجة من المستهلك الفلسطيني. ولفت طعم الله إلى أن استهلاك الفلسطينيين للبضائع الإسرائيلية يصل إلى أربعة بلايين دولار سنوياً، وهو ما يزيد بقرابة نصف البليون عن موازنة السلطة الفلسطينية السنوية، لافتاً إلى أن الهدف الأول هو تخفيض نسبة الاستهلاك بواقع بليون دولار في السنة الأولى، مشدداً على أن هذا البليون في حال تم استثماره في شراء بضائع ومنتجات فلسطينية سيكون كفيلاً، وعلى الفور، في توفير سبعين ألف فرصة عمل للشباب الفلسطيني، ويخفض من نسبتي البطالة والفقر. وشددت مسروجي على أهمية ما تقوم به حملة «رمضان توف»، بالعمل على تجميع أكبر قدر من الشراكات على مستوى القطاعين الأهلي والخاص في إطار الحملة، كون ذلك من شأنه أن يساهم في إيصال رسالة الحملة وأهدافها إلى أكبر شريحة ممكنة في المجتمع الفلسطيني، لافتة إلى أن هذه الشراكات ساهمت في دعم الحملة عبر تقديم بدائل محلية. من الجدير بالذكر أن الحملة تنظم بالتعاون والشراكة مع حملة المقاطعة العالمية لإسرائيل (BDS)، ويحمل ملصقها الرئيس صورة جندي من جيش الاحتلال يحمل «صينية» عليها منتجات إسرائيلية، وفي الأسفل عبارة تحمل صفة الاستنكار «صيامك حلال... وإفطارك من الاحتلال».