توقع خبراء اقتصاديون، بعدما تزايدت حدة أزمة نقص العملة الأجنبية في مصر وإتسع الفارق بين سعر صرف الجنيه المصري في السوقين الرسمية والموازية، إجراء خفض جديد في قيمة الجنيه وقالوا إنه أصبح أمرا حتمياً في العام المالي الحالي. وكانت تدفقات النقد الأجنبي تضررت بشدة إلى مصر، والتي تعتمد على الاستيراد، بعد انتفاضة العام 2011، التي أدت إلى نزوح السياح والمستثمرين الأجانب وهما مصدران رئيسان للعملة الصعبة. وسبب شح الدولارات أضراراً لأنشطة الشركات، كما أضر الثقة في الاقتصاد المصري. وخفضت مصر قيمة الجنيه 13 في المئة في آذار (مارس) الماضي، لتضييق الفجوة بين سعري الصرف في السوق الرسمية والموازية، لكن الخطوة أخفقت في تعزيز السيولة الدولارية وفي تضييق الفجوة أيضاً. وهبطت احتياطيات النقد الأجنبي من 36 بليون دولار قبل الانتفاضة إلى نحو 17.5 بليون دولار في مايو أيار هذا العام وشهدت مزيداً من التراجع هذا الشهر مع إعادة مصر وديعة بمليون دولار إلى قطر. وقال الخبير الاقتصادي لدى «سي آي كابيتال» هاني فرحات: «أعتقد أن خفض قيمة العملة لابد أن يحدث»، مضيفاً «هذا أمر لا مفر منه للحفاظ على موارد البلاد من النقد الأجنبي والتي تتآكل حالياً كما نرى في صافي الأصول الأجنبية». وقال محافظ البنك المركزي طارق عامر إن الاحتياطيات ستصل إلى 25 بليون دولار بنهاية العام. وعلى رغم أن الاحتياطيات ارتفعت قليلاً منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إلا أن مصرفيين قالوا إن الحصول على دولارات من النظام المصرفي أصبح أكثر صعوبة. وفي تعليقات نشرتها وسائل إعلام محلية اليوم (الأحد)، قال عامر إنه يركز منذ أن تولى مهمات منصبه على مواجهة الركود وتحفيز الاقتصاد مع استهداف سعر صرف مرن للعملة يعكس العرض والطلب. ونقلت صحيفة «المال» المصرية عن عامر قوله «كبنك مركزي كان إما أن نحافظ على استقرار الجنيه أو نشغل المصانع»، مضيفاً أنه لن يكون سعيداً إذا كان سعر الصرف مستقرا لكن المصانع متوقفة. ويقوم البنك المركزي بترشيد احتياطياته الدولارية من خلال مبيعات أسبوعية منتظمة مبقياً الجنيه قوياً بشكل مصطنع عند 8.78 جنيه مقابل الدولار لكن تجارا في السوق الموازية قالوا إنهم باعوا دولارات في نطاق 11 جنيها إلى 11.04 جنيه مقابل الدولار اليوم، ولم يذكروا أحجام التعاملات. ويقول خبراء اقتصاديون إن خفضاً آخر في قيمة الجنيه ربما يطلق قفزة في التضخم إذا تم في أوائل العام المالي، وهو مبعث قلق رئيس في بلد يعيش فيه 90 مليوناً من بينهم ملايين الفقراء. وقالت الخبيرة الاقتصادية لدى «برايم القابضة» إيمان نجم: «هناك مصادر أخرى للضغوط التضخمية ولذا فإنهم سينتظرون حتى نهاية الربع الأول أو أوائل الربع الثاني لإجراء الخفض لإتاحة المجال أمام احتواء الضغوط التضخمية». ويبدأ العام المالي في مصر في تموز (يوليو). وقفز التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية للشهر الثاني في آيار (مايو) إلى 12.3 في المئة من 10.3 في المئة في نيسان (أبريل)، ما دفع البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس في اجتماع لجنته للسياسة النقدية الشهر الماضي. ومن المتوقع أن تتزايد الضغوط التضخمية مع خطة لخفض دعم الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة في السنة المالية الحالية. وقال خبير اقتصادي طلب عدم الكشف عن هويته: «هناك دائماً تكلفة لأي إصلاح»، مضيفاً «لا نستطيع إصلاح جميع الأمور في الوقت نفسه. نحتاج إما لإصلاح هيكلي في الاقتصاد أو مجرد الإبقاء على كل شيء في حال جمود خشية ضغوط تضخمية مرتفعة جداً».