لم أشهد لفريق نادي الوحدة بطولة منذ وعيت على هذه الحياة، مع أن التاريخ سجل لأبناء مكة بطولتين في السبعينات والثمانينات الهجرية، أيام ذلك الجيل الذي أخلص للقميص الأحمر. لقد ظل الفريق الوحداوي طوال تاريخه محافظاً على مراكز الوسط، وأحياناً «تحت الوسط»، وفي مرات يغادرنا مهاجراً إلى دوري الدرجة الأولى، ثم يعود، وإن توقفت الهجرة في السنوات الأخيرة. لتبدأ بعدها «هجرة أخرى»، ولكنها هذه المرة ليست باتجاه الدرجة الأولى، وإنما باتجاه أندية المقدمة في الدوري السعودي الممتاز -دوري المحترفين الحالي- حتى أن الشخصيات المكاوية تبدو أنها غارت من هذه الهجرة، لتبدأ في «هجر» ناديها. إن ما يقارب من نصف فريق الوحدة منحوا «تأشيرة خروج» من ديارهم، وأقصد بالديار مكة، وبتأشيرة الخروج «عقوداً احترافية»، تعطي للاعب الحق في الانتقال إلى فريق آخر. وكم من لاعب غادر الوحدة، وأصبح نجماً كبيراً في النادي الذي انتقل له، ومنهم على سبيل المثال، ناصر الشمراني -أحد ابرز الأسماء في الكرة السعودية-، وهداف الدوري في الموسم الماضي والحالي. وهناك أسامة هوساوي المنتقل إلى فريق الهلال، والنجم الكبير عيسى المحياني، الذي انتقل أيضاً لفريق الهلال، وسيلتحق بفريقه الجديد مع بداية الموسم المقبل، ولاعبون آخرون التحقوا بأندية أخرى. هذه الهجرة الجماعية للاعبي فريق الوحدة، لا يمكن أن اعتبرها «جحوداً» من هؤلاء اللاعبين، فنظام الاحتراف ألغى مسميات الوفاء، والإخلاص، والعشرة، واستبدلها بشعار «اللي ما معوش ما يلزموش»، كما يقول المثل المصري...! ولو وجد اللاعب الوحداوي، ما يجده من عروض تقدم له من أندية أخرى لما غادر ناديه، وهذا دور «أهل مكة» من رجال المال والأعمال، وما أكثرهم، لكنهم خذلوا ناديهم كثيراً، وتحولوا إلى مقاعد المتفرجين. ولا أذكر حقيقة أن فريق مكةالمكرمة قد حقق ما يمكن أن نعتبره إنجازاً، عدا تأهله إلى المربع الذهبي عام 2006، وخروجه أمام فريق الاتحاد، وحصوله على المركز الرابع في الدوري المشترك عام 1407ه أيام إدارة فؤاد توفيق، والتي اعتبرت أفضل فترة مرت على النادي. قبل ثلاث سنوات قدم فريق الوحدة موسماً استثنائياً، وأكد أنه لا ينقصه شيء متى ما كانت النوايا صادقة، ووقف أهل مكة مع ناديهم وقفة رجل واحد، والتفوا حول الإدارة، وليس كما شاهدناهم وتابعناهم في «خط الستة». في ذلك الموسم، كان للدعم غير المحدود من الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز «رحمه الله»، دور رئيسي في ما شهده النادي من استقرار إداري، وعمل منظم قاد الفريق إلى أن يبدأ أولى خطوات العمل الاحترافي. غير أن كل شيء تغير بعد رحيل الأمير عبدالمجيد، وأصبحنا نشاهد «صراعات» بين من يدعون حب هذا النادي، وهم يقودونه في واقع الأمر بأفعالهم، إلى الهاوية، وهو الواقع الذي نراه الآن في ناد «بلا رئيس»، ولا يحمل من اسمه شيء ...! ومن المؤكد، أن لاشيء الآن يمكن أن يحسد عليه هذا النادي المكي غير جمهوره، الذي يطلق عليه جمهور «الصبر الأربعيني»، كإشارة إلى غياب الفريق عن البطولات لمدة تجاوزت الأربعين عاماً، وما زال للصبر بقية ...! عبدالله الشيخي