مضى نحو عام وماتزال محافظة تعز تعاني الحصار من ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، إثر الصراع المسلح الذي وقع بعد انقلاب أيلول (سبتمبر) 2014، وجراء هذا الحصار المطبق أضحت المحافظة ذات البعد التاريخي والموقع الاستراتيجي مدينة منكوبة، إذ يتعرض المدنيون لتجويع مقنن، فيما يعانون من ويلات القصف العشوائي، واستهداف الأحياء المدنية، وتجاوز الحصار إلى منع إدخال المواد الغذائية والطبية. ويعاني نحو مليون ونصف المليون من اليمنيين ظروفاً معيشية صعبة في تلك المحافظة، ولا سيما أن منافذ المدينة الرئيسة تكاد تكون واقعة تحت سيطرة الميليشيات، التي لا تتردد في تنفيذ أية هجمات على الأحياء السكنية، مستخدمة الأسلحة الثقيلة بالعربات أو صواريخ الكاتيوشا والقذائف المدمرة أو الأطقم المسلحة، كما أن تلك الميليشيات تمنع التجار من دخول بضائعهم المدينة، من مواد غذائية وطبية ومياه الشرب، وبحسب إفادات؛ تم الاستيلاء على ثماني قاطرات في منطقة الحوبان، تحوي مواد إغاثية مقدمة من جهات إغاثية كانت متجهة إلى مركز مدينة تعز. ويعتمد يمنيو تعز في إدخال المواد الغذائية والطبية على استخدام المناطق الجبلية الوعرة في المنفذ الشرقي، الذي يربط المحافظة بمدينة عدن، وعلى المنفذ الغربي، الذي يربط تعز بمحافظة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر من ميناء المخا، والممر المائي الدولي في باب المندب، عبر طريق «تحميل المياه على ظهور الحمير»، لإدخالها، لوعورة المنطقة جغرافياً. وتعاني تعز منذ ثلاثة عقود من شح مياه الشرب، وتعتمد على محطات تحلية، كما تعتمد هي الأخرى على نقل المياه من خارج نطاق المحافظة، التي يمنع الحوثي وأعوانه دخول المياه إليها، لعدم توصيلها إلى المستفيدين من المدنيين. وأقامت جماعة الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح نقاط تفتيش عدة داخل تعز وعلى أطرافها، وتتحكم بجميع المداخل والمخارج، لمنع وصول المساعدات، وعدم الهجرة منها، للضغط على الحكومة الشرعية. ولتعز منفذان رئيسان؛ المنفذ الشرقي، الذي يربطها بمحافظتي (إب، ولحج) وهو الخط الرابط بين الشمال والجنوب. والمنفذ الغربي، المؤدي إلى الممر الدولي البحري باب المندب. وأخذ الحصار المتشكل على تعز أشكالاً متعددة من الانتهاكات، تركزت في منع إدخال المواد الأساسية لحياة السكان، وتنوعت الانتهاكات في نقاط التفتيش من منع إدخال مياه الشرب، إذ أوقفت الميليشيات ضخ المياه المالحة إلى محطات التحلية، وأصبح اعتماد السكان على المياه المنقولة من آبار واقعة في الأودية والمناطق الزراعية خارج المحافظة، التي تُنقل يدوياً على ظهور الحمير، ولم يكتف الحصار بذلك، بل منع إدخال المؤن الغذائية وأسطوانات الغاز، التي تشكل أحد أشكال انتهاك الحقوق الجماعية وممارسة أعمال التعسف والاعتداء على ممتلكات الأفراد. وتسبب الحصار في انهيار وتوقف المنشآت والمرافق الخاصة والخدمية، وتعطيل حياة المدنيين، التي تعد مصدر دخل لكثير منهم، وتسبب الحصار في مضاعفات وكوارث اجتماعية إنسانية، أدت إلى قلق وخوف من الساكنين، جراء اختفاء المواد الأساسية داخل تعز، وضعف القدرة الشرائية لدى كثير من فئات المحاصرين، بسبب غلاء الأسعار، ما يفترض أن تؤدي إلى كارثة إنسانية في حال استمرار الحصار. وأكد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن أن الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح يتحملان المسؤولية المباشرة عن الانتهاكات كافة التي طاولت المدنيين، جراء أعمالهما المسلحة في المناطق المدنية الآهلة بالسكان، وطالب بالوقف الفوري لعمليات القصف العشوائي كافة، والانسحاب من المنشآت المدنية، والسماح لقوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية بدخول محافظة تعز، وإطلاق سراح المعتقلين كافة للتواصل مع ذويهم.