أخذت نتيجة استفتاء بريطانيا التي أتت أمس لمصلحة خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي أسواق المال على حين غرة، فهوت أسعار الاسترليني والأسهم البريطانية وبالتالي أسهم أوروبا، فيما قفز الذهب المعتبر ملاذاً آمناً للمستثمرين وقت الأزمات. وهبت المصارف المركزية الكبرى لإعلان استعدادها لضخ سيولة بعشرات البلايين من العملات الرئيسة خوفاً من وقوع القطاعات المالية في حالات تعثر. وأعلن المصرف المركزي الأوروبي استعداده للتدخل، مؤكداً في بيان: «نحن مستعدون لتأمين سيولة إضافية إذا اقتضى الأمر باليورو وبالعملات الأجنبية». وأضاف البيان أن «المصرف تحسب لهذا الظرف وظل على اتصال وثيق مع المصارف التي يشرف عليها ويرى أن النظام المالي في منطقة اليورو متين لجهة رؤوس الأموال والسيولة». وأكد المصرف أنه «يراقب الأسواق المالية عن كثب»، وأنه «على اتصال وثيق بالمصارف المركزية الأخرى». وأكد حاكم المصرف المركزي البريطاني مارك كارني أن هذه المؤسسة مستعدة لضخ 250 بليون جنيه استرليني من الأموال الإضافية، لتأمين السيولة الكافية لعمل الأسواق بعد انتصار معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء. وقال في مقابلة تلفزيونية مباشرة من مكاتب المصرف المركزي البريطاني في وسط حي الأعمال في لندن: «كشبكة أمان ومن أجل دعم حسن سير الأسواق، يبقى بنك انكلترا مستعداً لمنح اكثر من 250 بليون جنيه استرليني من الأموال الإضافية عن طريق عملياته الطبيعية». وأضاف ان المصرف المركزي البريطاني «قادر ايضاً على تأمين سيولة كبيرة بالعملات الأجنبية في حال الضرورة». وتوالت ردود الفعل حول العالم، فرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قال: «نحن قلقون من الأخطار التي تحدق بالاقتصاد العالمي وسوق العملة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «طلبت من وزير المال وبنك اليابان (المركزي) التعاون الوثيق والعمل لاتخاذ الخطوات الضرورية»، مذكراً بأن «زعماء مجموعة السبع اتفقوا على اتخاذ إجراء في ما يتعلق باستقرار الأسواق العالمية وأسعار الصرف». وجاء كلامه بعدما أكد المصرف المركزي الياباني «استعداده لضخ سيولة» بالتشاور مع المصارف المركزية الأخرى بينما قال وزير المال تارو اسو انه لن يقف مكتوف اليدين من أجل تهدئة الأسواق بعد قرار البريطانيين مغادرة الاتحاد الاوروبي. ونبهت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إلى ان تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي يؤثر سلباً في التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا وتصنيفات المصدرين الآخرين لأدوات الدين في البلاد. ولفتت الوكالة في بيان إلى ان «هذه النتيجة تحمل في طياتها فترة طويلة من الضبابية في شأن السياسات، ستفرض ضغوطاً على الأداء الاقتصادي والمالي للمملكة المتحدة. وزيادة الضبابية ستقلص تدفق الاستثمارات والثقة على الأرجح بما يضغط على آفاق النمو في المملكة المتحدة وهو ما يؤثر سلباً في التصنيف الائتماني للديون السيادية و(ديون) المصدرين الآخرين للسندات في المملكة المتحدة». والمملكة المتحدة حاصلة على تصنيف يقل درجة واحدة عن التصنيف الممتاز من «موديز» مع نظرة مستقبلية مستقرة. وقال وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل أن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي ليس نهاية أوروبا، لكن يتعين على بروكسيل أن تنظر إلى النتيجة كإشارة تحذيرية ونداء عاجل لإصلاح التكتل. وقال في مؤتمر صحافي في برلين أن أوروبا تحتاج إلى بداية جديدة لكن الوقت غير مناسب للنقاش في شأن المؤسسات الأوروبية. وقال الخبير في معهد «ايفو» الاقتصادي الألماني كلاوس فولرابه أن تأثير تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي على ألمانيا في الأمد القريب لا يدعو للقلق مضيفاً أنه لا يرى ضرورة لتعديل توقعات النمو الاقتصادي الألماني هذا العام. واعتبر رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أن تصويت بريطانيا لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي زاد من تقلبات أسواق السلع الأولية وهو ما يثير قلق موسكو. وذكر أن نتيجة الاستفتاء ليست مهمة لبريطانيا فحسب بل ستؤثر أيضاً في الاقتصاد العالمي والاتحاد الأوروبي. وأضاف أن روسيا تحتاج إلى تحليل جميع تداعيات خروج بريطانيا واتخاذ إجراءات تصب في مصلحة اقتصادها. وأكدت شركة النفط البريطانية العملاقة «بي بي» أن مقرها الرئيس سيبقى في المملكة المتحدة على رغم تصويت البريطانيين لمصلحة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. أما مجموعة «فودافون»، ثاني كبرى شركات الاتصالات في العالم، فأشارت إلى أن الوقت مبكر جداً لتحديد مصير مقر الشركة التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها حالياً.