أظهرت نتائج الاستفتاء النهائية على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي تقدم معسكر الخروج على مؤيدي البقاء بعد فرز جميع الأصوات. وبلغت نسبة مؤيدي الخروج من الاتحاد 51.9 % مقابل 48.1 % لمؤيدي البقاء، فيما بلغت نسبة المشاركة 72.2 %. وبعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء تراجع الإسترليني لأدنى مستوياته منذ عام 1985 كما هبط النفط بنسبة معتبرة، وتراجعت الأسواق الآسيوية والاوروبية في مستهل تعاملاتها اليوم بنسب كبيرة. وحض قادة مؤسسات الاتحاد الاوروبي أمس الجمعة بريطانيا على بدء آلية الخروج «بأسرع وقت ممكن» بعد قرار البريطانيين التاريخي الانفصال عن الكتلة الاوروبية، حيث أسفرت نتيجة التصويت عن تأييد 52 % من المصوتين بالخروج. وكتب رؤساء المجلس الاوروبي دونالد توسك والمفوضية الاوروبية جان كلود يونكر والبرلمان الاوروبي مارتن شولتز ورئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في بيان مشترك: «نترقب الآن من حكومة المملكة المتحدة ان تنفذ قرار الشعب البريطاني هذا بأسرع وقت ممكن». واضافوا: «نبقى جاهزين للبدء سريعا في المفاوضات مع بريطانيا حول بنود وشروط انسحابها من الاتحاد الاوروبي» معتبرين ان اي تأخير «سيطيل امد الغموض بصورة غير مجدية». واوضح القادة الاوروبيون الاربعة ان الاتحاد يملك القوانين التي تسمح بان تجري الآلية «بصورة منتظمة»، مؤكدين ان بريطانيا تبقى حتى نهاية الاجراءات «عضوا في الاتحاد الاوروبي، مع كل ما يتأتى عن ذلك من حقوق وواجبات». ولفت البيان الى ان التسويات التي تم الاتفاق عليها بعد مفاوضات شاقة اجراها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من اجل ان يدعم بقاء بلاده في الاتحاد باتت لاغية. واعرب القادة عن «اسفهم» لقرار البريطانيين، مؤكدين في الوقت نفسه انهم «يحترمونه» وكتبوا ان الوضع «غير مسبوق»، إلا ان «اتحاد الدول الاعضاء ال27 سيستمر»، وقالوا: «سنبقى اقوياء وسندعم قيم نشر السلام والرخاء لشعوب الاتحاد الاوروبي، وهي قيم في صلب الاتحاد». فيما هبط الجنيه الاسترليني عشرة بالمئة أمس الجمعة إلى أدنى مستوى له منذ ما قبل اتفاق بلازا عام 1985 وذلك بعدما صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بما دفع المستثمرين في الأسواق العالمية إلى التهافت على الملاذات الآمنة مثل الين والفرنك السويسري. وإلى جانب التحركات الكبيرة التي سجلها الجنيه الاسترليني سجل اليورو أيضا هبوطا حادا أمام الدولار حيث من المتوقع أن تواجه العملة الأوروبية الموحدة صعوبات في ظل المخاوف من تأثير خروج بريطانيا على اقتصاد المنطقة. وارتفع الفرنك السويسري إلى أعلى مستوى له في نحو عام أمام اليورو في حين صعد الين إلى أعلى مستوياته في أكثر من عامين. وصار البنك المركزي السويسري الأول بين البنوك المركزية الكبرى الذي يتدخل لتخفيض قيمة الفرنك في الوقت الذي حدت فيه التكهنات باحتمال تحرك بنك اليابان المركزي أيضا من مكاسب الين. وقالت اليابان: إنها سترد على تحركات سعر الصرف «العنيفة للغاية» بما يعطي إشارة على استعدادها للتدخل. وهوى الجنيه الاسترليني أكثر من عشرة بالمئة إلى 1.3228 دولار مسجلا أدنى مستوى له منذ ما قبل توقيع اقتصادات العالم الكبرى على اتفاق لتخفيض قيمة الدولار في سبتمبر أيلول 1985. وتعافت العملة البريطانية من تلك المستويات المتدنية ليجري تداولها بسعر 1.3770 دولار وعزا المتعاملون هذا التعافي إلى تصريحات رئيس بنك انجلترا المركزي مارك كارني بأن البنك مستعد لتقديم المزيد من الدعم. ويتوقع بنك مورجان ستانلي هبوط الجنيه الاسترليني إلى ما بين 1.25 و1.30 دولار. كما خفض بنك إتش.إس.بي.سي توقعاته للجنيه الاسترليني إذ يتوقع هبوط العملة البريطانية إلى 1.25 دولار بنهاية الربع الثالث من العام ثم إلى 1.20 دولار بنهاية العام. كما خفض توقعات نهاية العام لليورو إلى 1.10 دولار من 1.20 دولار في السابق، كما هبط الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته في عامين أمام اليورو وسط توقعات البعض بوصوله إلى سعر التعادل مع اليورو في الأشهر المقبلة. وارتفع اليورو أكثر من ثمانية بالمئة إلى 83.15 بنس مسجلا أعلى مستوياته في أكثر من عامين. غير أن العملة الأوروبية الموحدة هبطت أمام الدولار إلى 1.0912 دولار وهو مستوى منخفض لم تشهده منذ مارس آذار قبل أن تتعافى إلى 1.1140 دولار لكنها ما زالت منخفضة اثنين بالمئة منذ بداية اليوم. وهبط اليورو نحو اثنين بالمئة أمام الفرنك قبل أن يتعافى ليجري تداوله بانخفاض نسبته 0.7 بالمئة عند 1.0830 فرنك. ونما الطلب على الين الملاذ الآمن بشكل مطرد في ظل القلق من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال الشهر الأخير. وهبطت العملة الأمريكية إلى نحو 99 ينا لتنخفض 6.7 بالمئة قبل أن تستقر تقريبا ليجري تداولها بسعر 103 ينات. وتلك هي المرة الأولى التي يهبط فيها الدولار دون مستوى 100 ين منذ أواخر 2013. وفي تجاوب سريع مع نتيجة التصويت هوت الأسهم الأوروبية أكثر من ثمانية بالمئة في مستهل التعاملات يوم الجمعة بقيادة قطاع البنوك وتتجه لتكبد أكبر خسائرها اليومية بالنسبة المئوية على الإطلاق بعدما صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: إنه سيستقيل عقب صدور نتيجة الاستفتاء. ونزل مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 8.5 بالمئة إلى 1244.03 نقطة بحلول الساعة 0723 بتوقيت جرينتش بعدما وصل إلى 1239.68 نقطة. وهبط مؤشر ستوكس يوروب 600 بنسبة 8.8 بالمئة. وتكبدت أسهم الشركات المالية أكبر الخسائر في موجة الهبوط حيث هوى مؤشر أسهم القطاع المصرفي الأوروبي 14 بالمئة ليتجه صوب تكبد أكبر خسائره اليومية بالنسبة المئوية على الإطلاق. ونزل مؤشر أسهم شركات التأمين الأوروبية 12.8 بالمئة بينما انخفض مؤشر أسهم شركات السيارات 10.5 بالمئة. وهوت أسهم باركليز 25 بالمئة ورويال بنك أوف سكوتلاند 23 بالمئة ولويدز 23 بالمئة. وفي أحدث التعاملات هبط مؤشر كاك 40 الفرنسي 8.8 بالمئة في حين نزل مؤشر داكس الألماني 7.3 بالمئة في الوقت الذي أكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أمس أن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا وتصنيفات المصدرين الآخرين لأدوات الدين في البلاد. وقالت الوكالة في بيان: «هذه النتيجة تحمل في طياتها فترة طويلة من الضبابية بشأن السياسات ستفرض ضغوطا على الأداء الاقتصادي والمالي للمملكة المتحدة، مضيفة: إن زيادة الضبابية ستقلص تدفق الاستثمارات والثقة على الأرجح بما يضغط على آفاق النمو في المملكة المتحدة وهو ما يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني للديون السيادية و(ديون) المصدرين الآخرين للسندات في المملكة المتحدة». من جهة أخرى أوضح وزير الاقتصاد الألماني زيجمار جابرييل اليوم أن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي ليس نهاية أوروبا لكن يتعين على بروكسل أن تنظر إلى النتيجة كإشارة تحذيرية ونداء عاجل لإصلاح التكتل. وقال جابرييل في مؤتمر صحفي في برلين: «إن التصويت على خروج بريطانيا لا يعني نهاية أوروبا لكنه بمثابة إشارة تحذيرية، مضيفا: إن أوروبا تحتاج إلى بداية جديدة لكن الوقت غير مناسب للنقاش بشأن المؤسسات الأوروبية». بدوره، دعا رئيس اتحاد الصناعات الإيطالى ينشينسو بوتشيا إلى الهدوء، في أعقاب تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي، وقال إنه لا داعى للذعر. وأشار إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي له بعض الآثار، ولكن سلامة المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي ستظل باقية. كما أعلنت وزارة الاقتصاد الإيطالية في بيان لها اليوم أن آثار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد الإيطالي ستكون محدودة. فيما توقع «إتش إس بي سي هولدينج» تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم في المملكة المتحدة في أعقاب تصويت البريطانيين لخروج بلاده من الاتحاد الأوروبي. وخفض البنك تقديراته لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة إلى 1.5% مقابل توقعات سابقة بلغت 1.8% خلال العام الحالي، ونحو 0.7% مقارنة ب 2.1% في عام 2017. وتوقع اقتصاديو البنك انكماشا حادا في الاستثمارات في المملكة المتحدة خلال النصف الثاني من العام الجاري، بفعل حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد. في حين أشار التقرير إلى أن انخفاض الواردات المتوقع قد يعوض جزءا من الأزمة ويرفع من حجم صافي الصادرات، خاصة مع هبوط قيمة العملة. وأوضح البنك أن تراجع قيمة العملة سوف يرفع من معدل التضخم في المملكة المتحدة ليتجاوز المستهدف من قبل البنك المركزي والبالغ 2%، خاصة مع صعود أسعار الطاقة وارتفاع تكاليف الواردات. فرحة أحد المؤيدين بقرار الخروج أسواق الأسهم العالمية تأثرت بشكل مباشر بنتيجة التصويت عمليات فرز الأصوات