أبدى سياسيون أوروبيون حزنهم وصدمتهم الشديدة من «اليوم المشؤوم والحزين» لتصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في حين تصاعدت أصوات في دول أوروبية عدة تطالب بالانفصال عن الاتحاد، مع تأكيد رئيس مجلس النواب الأوروبي مارتن شولتز أنه «لن يكون هناك تدحرج لأحجار الدومينو». واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل خروج بريطانيا «ضربة موجهة إلى أوروبا، وآلية توحيدها»، محذرة من ردود فعل «سريعة» من الدول ال 27 الأعضاء «قد تؤدي إلى انقسام أوروبا في شكل أكبر». وحضت مركل الأوروبيين على عدم نسيان أن الوحدة الأوروبية كانت فكرة للسلام بعد سنوات طويلة من إراقة الدماء». وحذر وزير المال الألماني شويبله من أن الدعوة إلى مزيد من التكامل داخل الاتحاد رداً على خروج بريطانيا سيكون أمراً غبياً، إذ سيسأل كثيرون عن حقيقة فهمنا رسالة الشعوب التي تنظر بمزيد من التشكيك إلى الوحدة الأوروبية». وفيما يرى مراقبون أن «الألمان يخشون أن يجدوا أنفسهم على انفراد مع فرنسا ضعيفة»، وصف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خروج بريطانيا من الاتحاد بأنه «اختبار خطر لأوروبا التي يجب أن تظهر قوتها للرد على الأخطار الاقتصادية والمالية التي تواجهها. كما يجب إدراك عدم ثقة الشعب في برامج أوروبا وقراراتها». واقترح تركيز أوروبا على 4 محاور هي أمن القارة والاستثمار من أجل النمو والعمل والتجانس المالي والاجتماعي، لإعطاء ضمانات للمواطنين وتعزيز منطقة اليورو». وشدد على ضرورة أن تكون أوروبا «حاملة لمشاريع يتفهمها المواطنون»، علماً أن هذا الأمر يعد من المآخذ الرئيسية التي يسوقها المشككون بأوروبا. كما دعا إلى يقظة في وجه الشعوبية والتطرف. وختم بأن «التاريخ يدق بابنا، والرهان هو عدم تلاشي أوروبا لمصلحة الانغلاق»، متعهداً ببذل كل شيء لتحقيق تغيير أوروبي عميق. وكما كان متوقعاً انعش خروج بريطانيا القوى السيادية الفرنسية وفي مقدمها الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) التي وصفت النتيجة بأنها «انتصار للحرية»، مؤكدة أن البريطانيين «قدموا درساً في الديموقراطية، ولم يرضخوا للخوف». وعلى غرار لوبن، طالب النائب الهولندي اليميني المتطرف والمعارض للهجرة غيرت فيلدرز بإجراء استفتاء حول إمكان خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، وقال: «نريد أن نكون مسؤولين عن بلدنا وعملتنا وحدودنا من خلال السياسة الخاصة بنا للهجرة». وفي تصريحات أوروبية أخرى، قال رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان إن «الاستفتاء البريطاني أظهر أن بروكسيل يجب أن تستمع إلى صوت الشعوب، وتقدم حلولاً ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة التي لم يرضَ الشعب البريطاني عنها». وأعلن رئيس الحزب الحاكم في بولندا ياروسلاف كاتشينسكي أن الاتحاد الأوروبي بات يحتاج إلى معاهدة جديدة بعد استفتاء بريطانيا، أما الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا فأكد الحاجة إلى إعادة التفكير وتعزيز مبادئ الاتحاد الذي لا يزال مشروعه حياً وقابلاً للتطبيق». بدوره، دعا رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الاتحاد الأوروبي إلى «تغيير مساره ويصبح أكثر إنسانية وعدلاً، فأوروبا وطننا ومستقبلنا»، فيما أكد المستشار النمسوي كريستيان كيرن أنه «لا يخشى أثر الدومينو» للتصويت البريطاني. وصرح الرئيس السويسري يوهان شنايدر أمان بأن محادثات بلاده مع بروكسيل في شأن الحد من الهجرة من الاتحاد الأوروبي تعقدت بسبب التصويت البريطاني، لكنها لا تزال أولوية وطنية. إلى ذلك، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن خروج بريطانيا من الاتحاد سببه «الموقف المتعالي والسطحي لحكومتها». لكنه تمسك ببقاء الاتحاد الأوروبي قوة اقتصادية كبيرة تتمتع بالازدهار والاستقرار وبأوضاع قابلة للتنبؤ. وأمل في أن يسود فهم للحاجة لوجود علاقات جيدة مع بريطانيا في ظل الواقع الجديد. وأشار إلى أن بلاده لم تؤثر في التصويت البريطاني. أما رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف فقال إن «خروج بريطانيا زاد تقلبات أسواق السلع الأولية وهو يقلق موسكو». وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى قراءة قرار البريطانيين بعناية، وإعادة النظر في رؤيته السياسية. أما الأمين العام للحلف الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ فقال إن «بريطانيا ستبقى شريكاً قوياً وملتزماً للحلف، وستواصل لعب دورها القيادي داخل حلفنا». في الولاياتالمتحدة، شدد الرئيس باراك أوباما على أن واشنطن تحترم قرار البريطانيين، مؤكداً أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي يبقيان «شريكين لا غنى عنهما» بالنسبة إلى بلاده، مؤكداً أن وجود بريطانيا في الحلف الأطلسي «يبقى حجر الزاوية للسياسة الخارجية الأميركية». أما جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، فقال إن «الولاياتالمتحدة كانت تتطلع إلى نتيجة مختلفة، لكننا نرتبط بصداقة قديمة بالمملكة المتحدة والتي ستستمر». وأمل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مواصلة العمل مع بريطانيا والاتحاد الأوروبي «كشريكين مهمين». وزاد: «سيستمر الاتحاد الأوروبي شريكاً صلباً للأمم المتحدة في التنمية والقضايا الإنسانية، والأمن والسلم الدوليين، والهجرة». وشدد على أهمية «العمل الآن بروح براغماتية ومسؤولية مشتركة لما فيه مصلحة المواطنين الأوربيين، وستواصل بريطانيا ممارسة القيادة في جوانب عدة بينها التنمية. وحين نعمل معاً، نكون أقوى». وفي اليابان، صرح رئيس الوزراء شينزو أبي: «إننا قلقون من أخطار آثار الاستفتاء على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية والعملات». وفي إيران، قال مساعد مكتب الرئاسة للشؤون السياسية حميد أبو طالبي أن «ابتعاد بريطانيا عن الاتحاد يصب في مصلحتنا، لأن بريطانيا مارست ضغوطاً على الاتحاد ضدنا بحسب إملاءات الولاياتالمتحدة».