يضم معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي يفتتحه اليوم في متحف اللوفر في باريس وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، 320 قطعة أثرية منتقاة تسرد تاريخ السعودية منذ العصر الحجري حتى يومنا هذا. وينقل المعرض الذي يشكل تتويجاً لاتفاق تعاون ثقافي وقع في العام 2004 بين «المتحف الوطني الفرنسي» و «الهيئة العامة للسياحة والآثار» في السعودية، المتفرج الى قلب شبه الجزيرة العربية عبر سلسلة صور فوتوغرافية لطبيعة خلابة مترامية الاطراف تعاقبت عليها المراحل، وبعدما كانت في العصور السحيقة مواطن لدول مرهوبة الجانب، تحولت بعد القرن السابع الميلادي الى اماكن اسلامية مقدسة. القطع الاثرية يعرض بعضها للمرة الاولى خارج السعودية، ولذا فانها تقدم صورة لا تضاهى عن الحضارات المختلفة التي تعاقبت على ارض المملكة منذ القدم وحتى فجر العالم الحاضر. وتكشف هذه الآثار بشكل خاص عن ماض لا يزال مجهولاً لعالم عربي قبل الإسلام. ونقلت غالبية هذه القطع من المتحف الوطني في الرياض ومتحف الاثار في جامعة الملك سعود وغيرهما من المتاحف المحلية. وأدرجت ادارة اللوفر الحدث في اطار المعارض الاستثنائية التي يستضيفها المتحف الفرنسي. ومن القطع المعروضة للمرة الاولى مسلة مصنوعة من الحجر الرملي منحوتة بشكل انسان تعود الى القرن الرابع قبل الميلاد، مع رأس تبدو عليه علامات الألم او الحزن. وبين القطع ايضا «لوح حجري ذو عيون» عليه كتابة آرامية تعود الى القرن الرابع او الخامس قبل الميلاد، وتماثيل من الحجر الاحمر تمثل على ما يبدو ملوك مملكة لحيان التي اضطلعت بدور كبير في تجارة القوافل. وعثر على هذه التماثيل في شمال غربي السعودية، ونقلت الى متحف اللوفر حيث جرى تركيب قدم لاحدها ورأس لآخر. ولعل القطعة الاساسية في المعرض باب للكعبة المشرفة مطلي بالذهب قدمه احد سلاطين الدولة العثمانية في القرن السابع عشر، ونقل في 1940 الى متحف الرياض. ويوضح المعرض انه على رغم الظروف المناخية الشديدة الصعوبة، تمكن السكان القدماء من استغلال الموقع الجغرافي للسعودية، كنقطة تقاطع للطرق التي تربط بين ضفتي المحيط الهندي او بين دول القرن الافريقي ومصر او بلاد ما بين النهرين وضفاف البحرالمتوسط. وفي مطالع الالفية الاولى قبل الميلاد تكثفت المبادلات التجارية عبر شبه الجزيرة العربية، فصنعت قوافل الأفاويه والحرير والبخور رفاه المدن وأغنت الثقافات المحلية بطرق العيش والافكار الجديدة القادمة من الامبراطوريات المجاورة. ويبرز الشق الثاني من المعرض ولادة الاسلام كدين وثقافة على ارض الجزيرة العربية، واختلاط حجاج بيت الله الحرام بقوافل التجار على الطرق المؤدية الى الاماكن المقدسة، ويشرح حياة مجتمع اهالي مكةالمكرمة التي لعبت دوراً مركزياً في مزج الثقافات واللغات وتطوير اساليب الكتابة والخط والمعمار، والتي انتقلت لاحقاً الى كل ديار العالم الاسلامي. اما القسم الثالث والاخير فيروي قيام المملكة العربية السعودية وتاريخ توحيدها على يدي المؤسس الملك عبد العزيز بن سعود (1876-1953) ويعرض ثوبه وسيفه. وتعقد على هامش المعرض ندوات حول واقع وتاريخ البحث والتنقيب الاثري في المملكة وعن الحضارة النبطية وثقافة ارض الحجاز.