قُتل 29 شخصاً وأُصيب عشرات آخرين بجروح في انفجار مخزن للسلاح تابع لميليشيا من مدينة مصراتة، في منطقة القره بوللي قرب العاصمة الليبية طرابلس أول من أمس، عندما حاول مسلحون محليون اقتحامه، ما أدى إلى اشتباكهم مع المصراتيين. وأعرب رئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر، عن بالغ صدمته وحزنه بسبب أعمال العنف التي شهدتها منطقة القره بولي (شرق طرابلس)، داعياً الجميع إلى ضبط النفس واحترام قدسية شهر رمضان. وغرّد كوبلر عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «إني مصدوم وأشعر بالأسى إزاء تقارير عن العنف والخسائر في الأرواح في طرابلس الليلة. أحضّ جميع الأطراف على ضبط النفس واحترام قدسية هذا الشهر الفضيل». وأسفرت الاشتباكات التي شهدتها منطقة القره بوللي عن انفجار مخزن للذخيرة، ما أدى إلى مقتل 29 شخصاً على الأقل، وفق مصادر أمنية وطبية. وقال مسؤول أمني في القره بوللي إن «مسلحين من أهالي المنطقة اقتحموا مخزناً للسلاح يعود إلى إحدى الجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة والتي تنتمي إلى مدينة مصراتة». وأضاف: «وقع انفجار كبير في المخزن لم تتضح أسبابه بعد، لكن من المرجح أن تكون الجماعة التي كانت تسيطر عليه فخخته قبل أن تغادره». وأوضح أن اقتحام المخزن جاء على خلفية اشتباكات شهدتها القره بوللي الثلثاء بين مسلحين من أهالي المنطقة وعناصر من الميليشيا المصراتية، بعدما قام بعضها «بسرقة محل للمواد الغذائية». وتابع: «هاجم المسلحون من أهالي المنطقة عند الفجر نقاط التفتيش التابعة للجماعة المسلحة سعياً إلى طردها من القره بوللي، ما أدى إلى وقوع الاشتباكات التي استمرت طوال النهار». وأصدرت بلدية القره بوللي بياناً دعت فيه إلى «التهدئة وضبط النفس في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، رغبة منا في حقن دماء ابناء الوطن الواحد». وطالبت في البيان الذي نشرته على صفحتها في موقع فايسبوك بأن يتولى حماية المنطقة «أفراد تابعون إلى جهات رسمية تابعة للدولة»، معتبرةً أن حمل السلاح في وجه الجماعة المسلحة جاء «احتجاجاً على التصرفات الفردية الخارجة على القانون التي تُمارَس على أهالي المدينة». وقال مدير مكتب العلاقات في المجلس البلدي في القره بوللي، محمد الصيد إن «هناك مساعي حثيثة من جانب حسين أبوغنيمة عميد بلدية القره بوللي وبعض عمداء البلديات المجاورة لوقف الاشتباكات». في غضون ذلك، أعلنت القوات المتحالفة مع حكومة الوفاق الليبية أنها حققت مكاسب مهمة في مناطق سكنية من سرت أول من أمس، بينما تقاتل لطرد تنظيم «داعش» من معقله الساحلي. وقال الناطق باسم الكتائب المدعومة من الحكومة رضا عيسى إن قواتهم تؤمن حي «700» إلى الجنوب من وسط سرت كما سيطرت على أراضٍ إلى الغرب من وسط المدينة. وأضاف أن 16 من عناصر الكتائب قُتلوا وأُصيب 60 في اشتباكات الثلثاء. وتابع عيسى: «قواتنا تواصل تقدمها بعد معارك ضارية مع عصابة داعش كلفتهم عشرات القتلى... وتسيطر على شعبية البحر والإذاعة الرسمية وإدارة الكهرباء وجامع بن همال وأجزاء كبيرة من حي 700 وارتفاع عدد الشهداء إلى 18 شهيداً». وأضاف أن القوات المدعومة من الحكومة سيطرت على مخزن ذخائر آخر من قبضة «داعش». وخاضت القوات الحكومية «معارك ضارية» أول من أمس، مع مسلحي «داعش» في مناطق متفرقة من سرت. وقال مصدر طبي رسمي في مصراتة، أن 34 عنصراً من قوات حكومة الوفاق قُتِلوا في اشتباكات مع التنظيم خلال محاولتهم التقدم في سرت الثلثاء، في أحد اكثر الأيام دموية منذ انطلاق العملية الهادفة إلى استعادة المنطقة من الإرهابيين. وأعلنت القوات الحكومية في بيانها أنها نجحت على رغم الخسائر في صفوف مقاتليها في التقدم في القسم الجنوبي من المدينة بعد المعارك التي أدت أيضاً الى مقتل «عشرات» من عناصر «داعش». وأوضحت قوات الحكومة أن «العمل الاستخباراتي لجبهتنا يواصل نشاطه استعداداً لمعركة الحسم»، مضيفةً أن نشاطها العسكري يتركز حالياً على قصف مواقع للتنظيم المتطرف بالمدفعية الثقيلة»، فيما ينفذ سلاح الطيران «طلعات يومية بعضها قتالية وبعضها الآخر استطلاعية». وشددت على أنها تواصل «بثبات حصار فلول داعش في منطقة ضيقة داخل سرت، على رغم محاولاتهم المتكررة لإيجاد ثغرة للفرار إلا أن ثبات قواتنا أحبط كل محاولاتهم». وفي مواجهة تقدم القوات الحكومية، يشن التنظيم سلسلة هجمات مضادة، بينها هجمات انتحارية بسيارات مفخخة تستهدف تجمعات للقوات الحكومية عند الأطراف الغربية والجنوبية للمدينة. ويتحصن مقاتلو التنظيم في المنازل ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية. وتواجه قوات الحكومة صعوبات في اقتحام هذه المناطق، وتخوض حرب شوارع من منزل إلى منزل مع الإرهابيين. وتتشكل القوات التي تقاتل «داعش» في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مصراتة التي تضم المجموعات الأكثر تسليحاً في البلاد اذ تملك طائرات حربية ومروحيات قتالية. إلى ذلك، أقرّ الجنرال الأميركي توماس والدهوسر المرشح لقيادة قوات بلاده في أفريقيا أمام الكونغرس أول من أمس، بأن الولاياتالمتحدة لا تمتلك «إستراتيجية كبرى» للتدخل في ليبيا. وقال لدى مساءلته من جانب السناتور الجمهوري جون ماكين: «أنا لست على علم بأي إستراتيجية كبرى في الوقت الراهن». وينتظر والدهوسر تصويتاً في مجلس الشيوخ للمصادقة على قرار إدارة أوباما بتعيينه على رأس قيادة القوات الأميركية في أفريقيا. وتكتفي الإدارة الأميركية حالياً بإرسال عدد صغير من القوات الخاصة إلى ليبيا لتكوين صورة أفضل عن الميدان وتحديد القوات المختلفة المتواجدة هناك. وكان الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك قال في وقت سابق: «نحن ننظر عن كثب الى الوضع في ليبيا، ونفهم التهديد المحتمل الذي يشكله داعش في ليبيا وأماكن أخرى». لكن الولاياتالمتحدة وحلفاءها الأوروبيين يريدون تجنب تدخل عسكري ضد التنظيم في ليبيا، طالما أن الحكومة لا تحظى باعتراف من الجميع.