أرجأت لجنة الادارة والعدل النيابية التي اجتمعت امس برئاسة النائب روبير غانم البحث في اقتراحي القانون المقدمين من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط والحزب السوري القومي الاجتماعي في شأن الحقوق الانسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان الى جلسة تعقد غداً افساحاً في المجال أمام النواب المنتمين الى كتلتي «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» للتقدم باقتراح قانون مماثل كان يفترض أن يتسلمه أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري وأعضاء لجنة الادارة والعدل، لكن رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة طلب التريث ريثما يتمكن من إقناع رئيسي حزبي الكتائب الرئيس أمين الجميل والوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون بسحب تحفظاتهما عن بعض ما ورد في اقتراح القانون. وأكدت مصادر نيابية ل «الحياة» أن تأجيل البحث في اقتراحي القانون في شأن الحقوق الانسانية للفلسطينيين حال دون دخول أعضاء لجنة الادارة والعدل في أساس المقترحات الواردة في المشروعين واستعاضوا عن مناقشتهما بالاستفهام عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وما إذا كانت اللائحة الموجودة لدى وكالة غوث اللاجئين «الأونروا» في هذا الخصوص مطابقة للائحة الموجودة لدى المديرية العامة للأمن العام في لبنان ومن خلالها مديرية الشؤون السياسية للاجئين في وزارة الداخلية والبلديات. وأوضحت أن الجلسة التي كانت مخصصة لمناقشة المقترحات الواردة في اقتراحي القانون تحولت الى جلسة رقمية بكل معنى الكلمة. وعزت السبب الى أن معظم النواب أجمعوا على ضرورة معرفة الرقم الدقيق لعدد الفلسطينيين في لبنان ودور «أونروا» في تقديم المساعدات لهم على المستويين الصحي والتربوي، مشيرة الى أن النواب أرتأوا أن يكونوا على بينة من الأرقام لئلا يؤدي إقرار الحقوق الى تحميل خزينة الدولة أعباء جديدة خصوصاً أن اقتراح القانون الوارد من نواب «14 آذار» يستبعد أن ترتب على الدولة أكلافاً مالية جديدة. وبالنسبة الى عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أوضح المدير العام للأونروا في لبنان سلفاتوري لومباردو أن العدد المسجل على لوائح وكالة الغوث هو 433 ألف فلسطيني وذلك استناداً الى حجم المستفيدين من تقديماتنا للاجئين. وأضاف لومباردو أن ال «الأونروا» تتولى تغطية نفقات التعليم والمساعدات الاجتماعية والطبابة، لافتاً الى أن تقديماتها في المجال الصحي هي في حدود 15 مليون دولار وهذا المبلغ لا يكفي لكن بعض الدول لا تفي بالتزاماتها المالية. ورأى أن المساعدات تشمل الفلسطينيين الذين لجأوا الى لبنان ما بين عامي 1967 و 1970 شرط أن تكون في حوزتهم شهادات تعريف صادرة عن الجهات اللبنانية المختصة. بدوره توافق المدير العام للشؤون السياسية واللاجئين العميد نقولا الهبر وممثل الأمن العام المقدم جوزف وهبة على أن عدد اللاجئين الفلسطينيين هو الآن في حدود 455 ألفاً من بينهم 22 ألفاً وفدوا الى لبنان بين عامي 1967 و 1970 وأن بعض هؤلاء حصلوا على بطاقة تعريف من الأجهزة المعنية في وزارة الداخلية بينما تعذر على البعض الآخر الحصول عليها. المهاجرون وبالنسبة الى عدد المهاجرين من اللاجئين الفلسطينيين الى خارج لبنان، تبين من خلال أقوال لومباردو والهبر ووهبة أن ليست لديهم احصاءات دقيقة. وكشفت المصادر أن بعض النواب وعلى رأسهم نواب «تكتل التغيير والاصلاح» برئاسة العماد ميشال عون أثاروا مسألة مرسوم التجنس الصادر من الحكومة اللبنانية عام 1994 وما شابه من شوائب أبرزها أنه أعطى الجنسية للآلاف من الفلسطينيين وهذا أمر يجب اعادة النظر فيه. وفيما لم يذكر النواب عدد الفلسطينيين المستفيدين من مرسوم الجنسية فإن الهبر ووهبة أكدا أن عددهم يبلغ نحو 20 ألفاً. واقترح عدد من النواب اعادة النظر في رسوم الجنسية لجهة الغاء كل ما هو متعلق بمنح الجنسية للفلسطينيين لأنه يتعارض مع رفض التوطين. ورد نواب آخرون على زملائهم بضرورة احضار احصاء دقيق لكل الفلسطينيين المستفيدين من المراسيم التي أعطوا بموجبها الجنسية وذلك منذ مجيئهم الى لبنان في عام 1948 حتى اليوم خصوصاً أن عهوداً سابقة منحت اعداداً منهم الجنسية وبالتالي يجب التعامل مع هذه المسألة بمعيار واحد. واعتبرت المصادر أن تحويل الجلسة من مناقشة اقتراحات القوانين الى جلسة أرقام كان ضرورياً، لكن بعض النواب في 14 آذار لاحظوا أن لدى نواب «تكتل التغيير» توجهاً لإغراق الجلسة في لعبة الأرقام لمنع الالتفات الى ما هو وارد في اقتراحات القوانين. وقالت المصادر نفسها إن نواب «تكتل التغيير» يريدون التريث في مناقشة ما هو وارد في اقتراحات القوانين لتبرير التأخر في اقرارها، مشيرة الى أن ممثل «حزب الله» في اللجنة النائب نوار الساحلي لم يتدخل في النقاش وأن النائب في حزب الكتائب سامي الجميل حذا حذوه وكان بادياً عليه التناغم مع نواب التكتل بخلاف ابن عمه النائب نديم الجميل الذي أبدى مرونة وانفتاحاً في طرحه مجموعة من الأسئلة تتعلق بالحقوق الانسانية. وفي هذا السياق قدم نديم الجميل لأعضاء اللجنة ملاحظات حول مسودة اقتراح القانون، رافضاً اعتماد حلول تمس بالسيادة اللبنانية وتهدد الأمن، وطالب الجانب الفلسطيني بإعداد لائحة اسمية بفاقدي الأوراق الثبوتية. وقال: «ليس ما يمنع السماح للفلسطيني بالعمل في القطاع الخاص. لكن من غير المعقول فتح المجال أمام كتلة بشرية كبيرة للعمل في المهن الحرة المنظمة بقوانين». وفي شأن الضمان الاجتماعي قال: «ينبغي إعداد دراسة من الضمان وما إذا كان في إمكانه أن يتحمل تسديد التقديمات للاجراء الفلسطينيين وعائلاتهم». ولاحظت المصادر أن نائبي حركة «أمل» علي حسن خليل وغازي زعيتر شاركا في طرح الأسئلة واستفهما حول بعض النقاط، وقالت إن نواب «تكتل التغيير» ومعهم سامي الجميل ضد الإسراع في مناقشة اقتراحات القانون وكأنهم لا يريدون اقرارها على الأقل في المدى المنظور وبالتالي يحاولون المزايدة على نواب «القوات» الذين كان لهم موقف متقدم عبروا عنه في توافقهم مع «المستقبل» على صيغة موحدة في شأن اقتراح القانون. كما أن نواب «تكتل التغيير» وسامي الجميل يبدون بعض التشدد في مقاربتهم للأفكار المتعلقة بالحقوق الانسانية وكأنهم يريدون أن يوحوا بأنهم لن يكونوا وراء منافسهم حزب «القوات» في موقفه المتقدم من الحقوق. وكان النائب غانم الذي ترأس الجلسة حيث تمثلت الحكومة بوزيري العمل بطرس حرب والعدل إبراهيم نجار قال: «كانت هناك معلومات واحصاءات متقاربة ومتجانسة مبدئياً بين مديرية اللاجئين وأونروا ومديرية الأمن العام، خلاصتها تبين في شكل مبدئي نهائي أن الذين قدموا في 1948 و1968 وما بعد ال1967 يتراوح عددهم بين 488 و500 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، وهؤلاء كلهم لديهم قيودهم في مديرية اللاجئين في وزارة الداخلية، ويجري تسجيلهم وفقاً لأمور التسجيل لأي شخص يولد في لبنان، لبنانياً كان أو غير لبناني، وهذه القيود طبعاً مثبتة بتغييرات أو تعديلات أو ولادات أو زواج من المحاكم الشرعية أو المحاكم الروحية ومن التحقيقات التي تجريها الداخلية بواسطة مديرية الأمن العام والمخاتير اللبنانيين الذين أيضاً يجرون تحقيقاً ويعطون إفادات من أجل التسجيل». وأضاف: «أعيد احتساب بعض اللاجئين الذين نالوا جنسية أخرى، هذا في الماضي كان يشطب، الفلسطيني الذي ذهب الى كندا ونال جنسية كندية كان يشطب من سجلات الأمن العام في لبنان عند عودته إليه. وفي عام 2006، اتخذ رئيس الحكومة قراراً وأعيد تسجيل الذي يرغب في إعادة تسجيله في لبنان، العدد المتوافر حتى اليوم هو بحدود 3300 شخص من الذين اكتسبوا جنسية أخرى وأعيد تسجيلهم في لبنان. بالنسبة الى أونروا، العدد لديها يطابق هذه الأعداد، وهي قدمت إلينا لائحة مساعدات وتبين أن موازنة أونروا العامة في المنطقة هي بحدود ال500 مليون دولار ينال لبنان منها فقط 70 مليونا». وأضاف: «بالنسبة الى الاقتراحات، ينحصر البحث في تنظيم العمل والإجازة، ورسومها، وتعويضات نهاية الخدمة وطوارئ العمل». وأضاف: «كلنا نعرف أن موضوع طوارئ العمل يجب النظر فيه بشمولية، لأن اللبنانيين أنفسهم غير خاضعين لطوارئ العمل، وأرجئ البحث فيه الى العاشرة قبل ظهر (غد) الأربعاء من أجل الإنتهاء من درس هذه الاقتراحات الواردة الى اللجنة وهي عديدة، وربما يأتينا اقتراح جديد من المشاورات أو اللقاءات التي أجريت أخيراً بين معظم الأفرقاء اللبنانيين، وهذا إذا تم الإجماع أو شبه الإجماع عليه، يعني يكون الأمر مفيداً حتى لا يكون هناك أي استغلال أو أي انقسام حول هذا الموضوع، خصوصاً بالنسبة الى المشكلات الإنسانية التي يعانيها الفلسطيني في لبنان».