وصف الشيخ عبد الرحمن البراك، الصحافيين السعوديين بأنهم «جنود الشيطان»، جاء ذلك في معرض رده على استفسار سائلة، أثناء أحد دروسه الشرعية، في الرياض قبل أربعة أيام، حول جواز إظهار المرأة لشعرها ورقبتها ووجهها أمام النساء.وقال الشيخ البراك، وهو أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض سابقاً، أن الصحافيين لا يرتضون توجه «الستر» وأنهم سيثورون ضده، ناصحاً السائلة بتغطية الوجه والرقبة في «محافل النساء كالأعراس والمدارس، فكشفه من مداخل الشيطان» بحسب تعبيره، مضيفاً «ولو لم يُفرض النظام في المدارس واللبس الساتر، لتهتكن». ولم يمانع الشيخ البراك كشف الوجه والشعر،«لقريباتها وفي الجلسات المختصرة». واستنكر القاضي في«المحكمة الجزائية في الرياض» الشيخ عيسى الغيث ما ورد على لسان البراك، ووصفه الصحافيين ب«جنود الشيطان». وقال ل«الحياة»: «لا يجوز رمي التهم فيما بيننا، وتحريض العامة على بعضهم، وإنما يجب حسن الظن بالآخرين، ولو خالفوا آراءنا ما دامت الآراء ستقبل الخلاف، وتعدد وجهات الترجيح الفقهي» معتبراً أن كثيراً من الإعلاميين يقومون بواجب شرعي كبير، «في كثير من جهودهم يعدون حقاً من المحتسبين». وبين أن الاحتساب ليس مقصوراً على صور نمطية معينة، ويترك بقية أنواع الاحتساب. وكان مما جاء في سياق درس الشيخ البراك قوله «أنصح الأخوات الصالحات أن يقاومن هذه العادة، ويخرجن عليها بالمخالفة، ويعودن أنفسهن لبس الخمار على رؤوسهن، حتى في مجامع الأعراس، والمدارس، ولو أنهن فعلن ذلك، لابد أن يثور جنود الشيطان من الصحافيين على هذا التوجه، فلا يرضيهم توجه الستر». وأشار الشيخ الغيث إلى أن الآونة الأخيرة شهدت استسهال البعض في رمي التهم والتصنيفات بشتى الدرجات، «فتجد من يستسهل رمي المخالف له بالنفاق والبدعة والشهوة والشبهة والفسق وربما الكفر كذلك، والطعن في المقاصد التي لا يعلمها إلا الله، والطعن في الأشخاص والأعيان، وغيرها من مصطلحات تتكرر في أكثر من مكان، خصوصاً في الإنترنت»، مؤكداً على ضرورة «قيام طلبة العلم بترشيد هؤلاء وتوجيههم وتوعيتهم بأن هذا مسلك خطر ومحرم، ولا يجوز إطلاق مثل هذه الكلمات، ولها تبعاتها في الدنيا والآخرة»، مضيفاً «إننا في حاجة فعلاً للاحتساب على كل من يستسهل رمي الآخرين بمثل هذه التصنيفات». وشدد على «جواز أن تكشف المرأة عن وجهها ورأسها ورقبتها أمام النساء، ولا دليل على تحريم ذلك»، وقال: «ومن قال بخلاف ذلك، فعليه بالدليل، مع أنه في جميع الحالات، يبقى الرأي ملزماً لصاحبه، ولمن ارتضاه من المقلدين دون إجبار غيرهم عليه، ولا يجوز الإلزام به، فضلاً عن التشنيع فيه والتحريض على خلافه والدعوة للخروج عليه، ومن أرادت تقليد هذا الرأي، فلها رأيها، ولكن لا يجوز إلزام الآخرين أو الإنكار عليهم». وخلف حديث البراك ردود فعل متباينة في الأوساط الإعلامية، وقال الكاتب محمد عبد اللطيف آل الشيخ أن إطلاق وصف «جنود الشياطين» على الصحافيين يندرج تحت بند التعسير والتضييق على الناس، «وكأن الإسلام والسماحة نقيضان». وأضاف ل«الحياة» أن «البراك لم يشتهر ويصبح له شأن يذكر، إلا بعد أن وضعه المتشددون إماماً لهم، فأتى بما لم يأت به الأوائل. ولعل وصفه لمن اختلف معه من الكتاب والصحافيين بأنهم شياطين، يدل على ضيق أفقه، وبُعده عن سماحة الإسلام». وزاد آل الشيخ بقوله: «إن هذه فتوى مغرقة في التطرف والإسفاف في التشدد، كما تعودنا من هذا الرجل في مناسبات كثيرة»، موضحاً أن «النساء في الماضي كن يرقصن في الأعراس بين النساء، وينثرن شعورهن على أكتافهن، ويتمايلن بين بنات جنسهن، وعلى أنغام الدفوف، ولم أسمع أن أحداً أنكر عليهن ذلك». من جانبه، عدّ المتحدث باسم وزارة الإعلام والثقافة عبد الرحمن الهزاع حديث البراك بأنه «قذف»، وقال إن وزارته «معنية بمتابعة وتطبيق نظام المطبوعات والنشر ونظام المؤسسات الصحافية، وهذه القضية لا تندرج ضمن النظام». واستطرد في معرض إجابته عن النواحي القانونية لما أورده الشيخ البراك. «نحن نتعامل مع المواد المطبوعة أو المكتوبة، سواء كانت صحيفة أو مجلة أو كتاب، ماعدا ذلك، ليس من اختصاصاتنا، وما نشر في غير هذه الوسائل، من قضايا القذف، لا تدخل ضمن نطاق صلاحياتنا». وكان الشيخ عبد الرحمن البراك (78 عاماً) أفتى في وقت سابق من هذا العام ب«تكفير من استحلَّ الاختلاط غير المفضي إلى حرام»، كما قام سابقاً في العام 2008، بتكفير الكاتبين السعوديين عبد الله بن بجاد العتيبي، ويوسف أبا الخيل، مطالبًا بمحاكمتهما بتهمة الردة.