جددت المملكة تأكيدها الالتزام التام بأحكام الشريعة الإسلامية التي أقرت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في القيمة والكرامة الإنسانية، ومضيها قدماً من أجل تعزيز وضمان حقوق المرأة، وتشجيع الجهود الرامية إلى تمكينها في المجالات كافة. وأوضح مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في أوروبا السفير فيصل بن طراد، في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان خلال مناقشته لحقوق المرأة وبرنامج عمل التنمية المستدامة 2030، في جنيف أول من أمس (الخميس) أن «المملكة عدّت الرجل والمرأة متساويين في الحقوق والواجبات، استناداً إلى قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم)». وأشار إلى أنه «انطلاقاً من تمسّك المملكة بهذا النهج القويم، شهدت الأعوام الماضية تقدماً ملاحظاً لدور المرأة السعودية، إذ اتخذت المملكة عدداً من الخطوات لتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، ومنها تعديل المادة (3) من نظام مجلس الشورى لتصبح المرأة عضواً كامل العضوية في المجلس، وأن تشغل نسبة 20 في المئة من مقاعد العضوية كحدٍ أدنى»، مبيناً أن مجلس الشورى يضم في عضوية دورته الجديدة 30 امرأة. وأضاف «كما شهد العام الماضي مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، كناخبة ومرشحة، إذ بلغت نسبة مشاركتها 81 في المئة من إجمالي الناخبات، وفازت 18 امرأة في هذه الانتخابات». ولفت إلى أنه «على رغم ما تحقق من إنجازات لمصلحة المرأة السعودية، إلا أن تطلعات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تتنامى بشكل مطرد، فأعلنت عن (رؤية المملكة العربية السعودية 2030) التي أكدت أن المرأة السعودية تعد عنصراً مهمّاً من عناصر القوة، إذ تشكل ما يزيد على 50 في المئة من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين». وقال: «إن المملكة ستستمر في تنمية مواهب المرأة واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية المجتمع السعودي واقتصاده، ورفع نسبة مشاركتها في سوق العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة، كما أعلنت المملكة ضمن برنامج التحول الوطني 2020 وهو أحد برامج رؤية المملكة 2030، عن رفع نسبة مشاركة المرأة في الوظائف العامة إلى 42 في المئة». وأوضح ابن طراد أن «ما حققته المملكة من نتائج مرموقة لبلوغ أهداف التنمية للألفية تمثلت في تجاوز الأسقف المعتمدة لإنجازها، وقبل حلول الآجال المحددة لها، وذلك في ما يتعلق بالقضاء على الفقر المدقع، وتعميم التعليم الابتدائي، وتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتعميم خدمات الصحة الإنجابية، وتحسين صحة الأمهات»، مبينًا أن «ذلك يدفع باتجاه استمرار العمل بوتيرة متصاعدة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030». وشدد على أن «المملكة لم تكتفِ بتحقيق التنمية على الصعيد الوطني، بل أسهمت في الجهود الإنمائية على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ استفادت دول عدة مما تقدمه، كما أنها احتلت المرتبة الرابعة في قائمة أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية لعام 2014 طبقاً لإحصاءات الأممالمتحدة، وكان للمرأة جزء مهم من هذه المساعدات». وأكد أن «الشعوب التي تعيش تحت وطأة الاحتلال، لا تزال المرأة فيها تتعرض لأبشع الانتهاكات والاستغلال والعنف والاضطهاد، بخاصة ما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والأراضي العربية المحتلّة»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن تحقيق أي تقدم نحو التنمية في ظل استمرار الاحتلال والحصار». وحذّر من خطورة ما تتعرض له المرأة في فلسطين، قائلاً «المرأة الفلسطينية الأكثر عرضةً للانتهاك والاعتداء، في ظل صمت المجتمع الدولي عن تلك الانتهاكات». ... وتشدد على أهمية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أكدت المملكة التزامها بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، موضحة في كلمتها أمام «المؤتمر التاسع للدول الأطراف في اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» في نيويورك أول من أمس، أنه «ليس ثمة مجتمع شامل أو تنمية مستدامة من دون تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من المنظومة الإنسانية، وذلك بتعزيز مشاركتهم المشاركة الكاملة والفعّالة في تنمية المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية». وأشار رئيس وفد المملكة خلال المؤتمر الدكتور أحمد السيف، إلى أن «هذا الالتزام ليس واجباً أخلاقياً فحسب، وإنما خيار والتزام دولي»، مشدداً على أن «اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو حجر الأساس والمعيار الحقيقي في جميع المتطلبات والإجراءات المنصوص عليها لهذه الفئة المهمة في المجتمعات». وقال: «إن هذا المؤتمر الدوري يدعو إلى النظر في تطبيق اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتبادل الخبرات بين الدول الأطراف في شأن تنفيذها، والمملكة منذ أن صادقت على الاتفاق في 2008، وهي تعمل على اتخاذ إجراءات من شأنها أن تعزز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفق بنود هذا الاتفاق». ولفت إلى أن «مجلس الوزراء في المملكة أصدر قرارات وتوصيات إصلاحية لأوضاع الإعاقة في المملكة، منها إعادة النظر في قانون الإعاقة وجميع التشريعات ذات العلاقة، وإعداد استراتيجية وطنية شاملة مصحوبة بخطة زمنية للإعاقة في المملكة تقوم بها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بمعية الجهات ذات الاختصاص». وأضاف: «المملكة ستدشن هذه الاستراتيجية التي جاءت متوافقة في مجملها مع بنود اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من حيث المبادئ والإجراءات التشريعية والتنفيذية»، مشيراً إلى أن «من مظاهر هذه الاستراتيجية تأكيدها على مبدأ المساواة وعدم التمييز على أساس الإعاقة والعمل من خلاله على إصدار لوائح قانونية تنظم الأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة وغيرها، إضافة إلى تسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى العدالة، وتكثيف الدراسات والبحوث في مجالات الوقاية من الإعاقة وسبل علاجها والعمل على ذلك، وكذلك توسيع دائرة الخدمات والتسهيلات المقدمة لهذه الفئة والتي من شأنها أن تعزز العيش المستقل لهم، إضافة إلى إجراء مسوحات وإحصاءات موحدة لهم». وشدد على أن «الاستراتيجية السعودية في هذا الجانب تضمنت ضرورة إيجاد آلية تنفيذية لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تتمثل في إنشاء هيئة ومظلة حقوقية مستقلة ترعى حقوقهم وتستقبل الشكاوى منهم وتعمل على تسويتها».