يُقدر حجم الاستثمارات العربية في الأسواق الدولية بما يراوح بين 2.5 و3 تريليون دولار من بينها تريليون دولار في سوق الاسترليني واليورو وفق تقديرات متحفظة، وتضم الاستثمارات العامة وودائع المصارف المركزية إضافة إلى استثمارات خاصة تابعة لأفراد أو شركات مختلطة. ومع توقعات بخسارة الاسترليني نحو 20 في المئة من قيمته، إذا اختار البريطانيون الطلاق من الاتحاد الأوروبي، سيتأثر اليورو أيضاً وقد يتراجع سعر صرفه بين 4 و8 في المئة، إضافة إلى توقع انكماش الاقتصاد الدولي ما ينعكس على سوق النفط، ويؤدي إلى خسائر عربية جسيمة. وقال محللون في بنك «غولدمان ساكس» إن الجنيه الاسترليني قد يفقد 11 في المئة من قيمته أمام سلة من العملات الرئيسية إذا صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي سيجرى الخميس المقبل. وأشار إلى أن الخسائر الكاملة للاسترليني منذ الإعلان عن الاستفتاء قد تراوح بين 15 و20 في المئة، إضافة إلى تراجع قيمة اسهم الشركات في بورصة لندن، خصوصاً مع توقع انكماش الاستثمار والتوظيف وتأثير التضخم على الدخل. وتوقع المحللون في مذكرة بحثية، أنه «إذا تحققت هذه النتيجة، التي من شأنها أن تلحق ضرراً باقتصاد أوروبا، انخفاض اليورو بنسبة 4 في المئة إضافية وأن يقفز الين الياباني 14 في المئة والفرنك السويسري 8 في المئة. ولن تقتصر الخسائر على الاستثمارات المالية، بل ستتعداها إلى أسواق الأسهم والاستثمارات العقارية وستنكمش الاقتصادات الأوروبية والدولية، ما قد ينعكس سلباً على أسعار النفط التي تتراجع حالياً من نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في لندن، التي بدأت ترجح التصويت ب»نعم» للانسلاخ البريطاني عن أوروبا. وتراجعت أسعار النفط أمس إلى أدنى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع لتسجل انخفاضا للجلسة السادسة على التوالي في أطول موجة خسائر منذ أوائل 2016 بفعل انخفاض المخزونات الأميركية ومخاوف من الخروج المحتمل لبريطانيا من أوروبا. وهبط خام «برنت» تسعة في المئة. وجرى تداول عقوده بأقل سعر منذ 24 أيار (مايو) عند 48.14 دولار للبرميل، متجهاً إلى تسجيل أطول موجة خسائر في خمسة أشهر. وتراجع الخام الأميركي في عقود شهر إلى 47.39 دولار للبرميل بعدما سجل أدنى مستوى له في شهر عند 47.22 دولار للبرميل. وقد يتلقى الخام صدمة يخسر نتيجتها المكاسب المحققة منذ مطلع السنة. ومقابل تراجع النفط والاسترليني واليورو والبورصات، ارتفعت أسعار الذهب ما قد يعوض بعض خسائر استثمارات المصارف المركزية العربية التي تملك احتياطاً كبيراً من الذهب. وأكد «بنك إنكلترا» (المركزي) أمس أن الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد، يشكل «أكبر خطر فوري» على الأسواق المالية البريطانية والدولية. وحذر في بيان من أن «التصويت لصالح الخروج سيبدل في شكل كبير آفاق الإنتاج والتضخم وكذلك الإطار الذي وضعت فيه السياسة النقدية». وقال إن النمو «قد يتراجع» ولو على المدى القصير وحتى وضع آلية الخروج قيد التنفيذ خلال سنتين. وبعد تحذيرات أصدرها مديرو الشركات الكبرى والمؤسسات المالية الدولية في مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى الرئيس باراك أوباما ومستشارة ألمانيا أنغيلا مركل وقادة في مختلف أنحاء العالم، ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية وبعد إعلانها تأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي، «أن الكلفة الاقتصادية للخروج من الاتحاد ستكون كبيرة جداً». وشددت على أن «حملة الاستفتاء مواجهة بين قيم متناقضة: العولمة الليبرالية والقومية المتزمتة، بين نظام تجاري منفتح وبين التهميش». واستعادت الصحيفة حجج المنظمات الدولية والخبراء الذين يقولون إن خروج بريطانيا من أوروبا سيضر باقتصادها. ومع أن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر شدد أمس على أن الاتحاد لن يكون معرضاً «لخطر الزوال» إذا فاز مؤيدو خروج بريطانيا، إلا أن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك قال: «من الصعب التفاؤل» حيال الاستفتاء في بريطانيا «لأن المملكة المتحدة دولة أساسية في الاتحاد الأوروبي وخروجها الآن لا معنى له وخطر». وأضاف: «سيكون خطأ فادحاً بالنسبة إليهم وإلينا»، لكنه أكد بدوره أن ليس لديه أي شك حول استمرارية الاتحاد وقال: «الثمن سيكون مرتفعاً جداً بالنسبة إلينا».