غداة الانتهاء «من سنة بيروت عاصمة عالمية للكتاب» أصدرت المنسقية العامة فيلماً وثائقياً حول الكتاب في لبنان، من إخراج هشام الجردي. ويهدي الجردي بيروت شريط «دي في دي» بعنوان «من غوتنبرغ الى بيروت عاصمة عالمية للكتاب»، وقد تولى بنفسه السيناريو والإخراج، واهتم بإدارة التصوير نضال عبدالخالق. المشاهد الأولى تُظهر الصف اليدوي، ويعرض الفيلم الفارق الزمني بين مطبعة غوتنبرغ وشقيقتها في الشرق وهو ثلاثة قرون، ويشرح الأسباب الحقيقية الكامنة خلف هذا التأخير، فثمة قناعة بأن السلطنة العثمانية كانت ترغب في تأخير العلم، ومعه الوعي الشعبي، لتأخير أو الحؤول دون الثورة الشعبية. كانت المطبعة الأولى في دير قزحيا، بالحرف «الكرشوني» (والكلمة مشتقّة من «كرسو» وتعني البطن) والمقصود أن يبقى النص العربي مستتراً خلف الحرف السرياني فلا يطّلع الأتراك على المحتوى. أما المطبعة الأولى بالحرف العربي فأسسها الأب عبدالله الزاخر في الخنشارة. ولئن كانت الطباعة منحت الفكر قوة وقدرة على الانتشار السريع في الأوساط الشعبية التي تعجز عن اقتناء الكتاب المنسوخ لارتفاع تكلفته، فهي هددت النساخين في مورد رزقهم، فنظموا مسيرة جنائزية في اسطنبول، وفي مكانتهم المعنوية (كان السلطان يحمل الدواة للنساخ، وهو راكع امامه، احتراماً لنبل عمل من ينسخ القرآن الكريم). من هذا الفجر الذي انبلج بصعوبة، يتم الانتقال الى صور الطبعة الأحدث، إلى تألق بيروت «مطبعة العرب»، ثم وقفة أخيرة مع سنة «بيروت عاصمة عالمية للكتاب»...