تشهد عروض الموسم المسرحي الرمضاني في عمّان ازدياداً ملحوظاً، كمؤشر إلى توقع المشاركين فيه تحقيق أرباح معقولة، في انتظار إقبال متوقع على تلك العروض التي تقدم في الفنادق من درجة خمس نجوم. وتتشابه رسائل مسرحيات الموسم لجهة تناولها الوضع الاقتصادي المحلي، خصوصاً ما يتعلّق بالفساد ورفع الأسعار والانتخابات النيابية المقبلة في البلاد. ولم تتجاوز ما يدور في المشهد العربي بطبيعة الحال. وكانت المسرحيات التي أعدت قبل أشهر ركزت على تناولها النقدي الساخر لسياسات رئيس الحكومة الأردنية السابق عبدالله النسور، إلا أن توقيت التغيير الوزاري الذي شهده الأردن قُبيل انطلاق الموسم المسرحي الرمضاني بأسبوع، أحدث إرباكاً شديداً في هذه المسرحيات، إذ إن بطلها غالباً رئيس الوزراء السابق، أو شخصيتها الرئيسة من وزرائه، وقد تغير ذلك كله وظهر «بطل» آخر هو رئيس الوزراء الجديد هاني الملقي، إضافة إلى وزراء جدد. فماذا فعل صانعو هذه المسرحيات لإنقاذ أعمالهم وإنقاذ الموسم برمته؟ «سارحة والرب راعيها» المسرحية الرمضانية «سارحة والرب راعيها» من تأليف هناء البواب وإخراج محمد الختاتنة وبطولة تامر بشتو والتي تعرض في فندق «غراند ميلينيوم»، أكدت أهمية المسرح بوصفه متنفساً، ومؤلفتها أكدت أن بنيتها ورؤيتها قد أصيبتا بانتكاسة بعد تغيير رئيس الحكومة. أما مخرج المسرحية فقال ل «الحياة» أنه حين سماعه بالتغيير الوزاري، قرر تغيير المشهد الرئيسي الخاص برئيس الوزراء السابق النسور، فألّفت كاتبة المسرحية مادة حول هذا التغيير المفاجئ للحكومة، «ما دفعنا إلى ابتكار مشهد يعبر هذه المتغيرات». وأضاف: «كان لا بد من التنبؤ بالوضع في سياسة رئيس الوزراء الجديد، ما اضطرنا إلى الذهاب لكواليس هذه الشخصية ودرسها بعمق لمحاولة عرض مشهد متكامل يحمل بين طياته همَّ الشعب الأردني من حكومة راحلة وما يتوقعه من الحكومة الجديدة، وهذا ما حملنا عبئاً جديداً بعمل بروفات جديدة للمشهد ومحاولة دمجه مع بقية المشاهد، واضطرنا ذلك إلى ساعات من العمل والسهر». «4 جي» وقال مؤلف ومخرج مسرحية «4 جي» عايد يانس التي تعرض في فندق «مونمور»: «فوجئت على رغم أنني لم أستطع تغيير الجزء الأكبر من المشاهد المتناولة للرئيس السابق، ذلك أن أطروحاتها ظلت مناسبة». بينما في اللوحة الأخيرة، ظهر العهد الجديد للحكومة وفق يانس الذي أضاف: «وحّدنا الفضاء السياسي الشعبي وفق مشهد ساخر في الفضاء الإيهامي للمسرحية، يتّكئ على لوحة راقصة بإيقاع الأغنية الشعبية (هزي يا نواعم)، وبمشاركة راقصات تمثل كل واحدة منهن أحد الأطياف السياسية في الأردن، والتي راحت تعبر عن نفسها في الانتخابات المقبلة». أما نبيل صوالحة فقال أن مسرحيته «لويش» التي تعرض وفق تقنية ستاند أب كوميدي في فندق «انتركونتننتال»، تخففت نهائياً من أجواء ربطها بوجود شخصية سياسية معينة، «فما يهمني هو الشعب». وجاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده قبيل انطلاق الموسم المسرحي الرمضاني، الذي صرح فيه بأنه في كل سنة يقرر الاعتزال عن تقديم المسرح. وقال أن السبب في التراجع عن قراره اعتزال العمل المسرحي، «يعود إلى توغل قوى الشر في العالم وانتشار الفساد، خصوصاً المتعلق بالأحداث التي تجرى حولنا حيث الدم يراق ليلاً نهاراً في ظل سكوت المعنيين... في هذه اللحظات، لا بد للفنان من أن يبقى على صهوة فنه المسرحي، ليقول كلمته لأن الشعب يحترمها». «إشي بجنن» كذلك مسرحية «إشي بجنن» التي تقدم على مسرح فندق «الأردن كونتننتال»، لم تحدث أي تغير يذكر على أحداثها، وهي من فكرة أمل الدباس وزهير النوباني وبطولتهما، وألفها محمد صبيح وأخرجتها سوسن دروزة. مواضيعها تؤرق كل شرائح المجتمع وفق الدباس التي أضافت: «الرسائل تعاين الواقعين المحلي والعربي اجتماعياً وسياسياً، وتتحدث عن التحدي الذي يواجه المجتمعات جراء الإرهاب والتطرف». بينما أكد النوباني أن «ما يجرى الآن في الواقع العربي من قضايا إنسانية مؤلمة، يحتم عليّ كإنسان أن أتناول ذلك الواقع، ولكن في صياغة درامية أخرى». يذكر أن هناك مشاركات عربية أخرى تعرض خلال هذا الموسم الرمضاني مثل مسرحية «وطن على وتر» تعرض في فندق «رويال» و«نمر أبو نصار» في فندق «ماريوت» و «بس مات وطن» في «لاند مارك».