حافظت السهرات والعروض الأدائية الغنائية الراقصة التي تحتضنها الفنادق «الخمس نجوم» في العاصمة الأردنية عمّان طوال ليالي شهر رمضان، على جمهورها على رغم حمّى مباريات كأس العالم في البرازيل التي تختتم مساء اليوم، وتزامنت مع الشهر الفضيل وتتابعها الجماهير الأردنية بشغف واهتمام. فقد غدت العروض الفنية الرمضانية ظاهرة اجتماعية منذ انطلاقتها مطلع تسعينات القرن العشرين مع الثنائي هشام يانس ونبيل صوالحة، وتَكرَّس بمرور الزمن التقليدُ القائم على تقديم فرجة مسائية بعد الإفطار تستند أساساً إلى الكوميديا التي يتخللها الأداء الغنائي والرقص والنكات والاسكتشات الطريفة. وعلى رغم أن سعر تذكرة للعرض الرمضاني يتراوح بين 45 و65 دولاراً تقريباً، وهو مبلغ مرتفع جداً مقارنةً بسعر تذكرة العرض المسرحي في بقية أيام السنة، بل إنه أكبر من سعر التذكرة لأيٍّ من حفلات النجوم الأعلى أجراً في مهرجان جرش، فإن العروض التي تحتضنها الفنادق أصبح لها مريدوها الذين يحرصون على متابعتها في كل موسم رمضاني، من دون اعتبار للكلفة. وتتشابه هذه العروض في طبيعة المواضيع التي تتناولها على رغم اختلاف التوجهات أو الأساليب. حتى العرض اللبناني في هذا الموسم – وهو الوحيد غير المحلي - يتشابه مع العروض المحلية في توجيه انتقادات كوميدية ساخرة، ومنها ما هو متعلّق بشخصية رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور الذي «حققت» حكومته معدلات قياسية في رفع الأسعار، كما ترصد هذه العروض الآثار الاقتصادية السلبية لتدفق اللاجئين السوريين على الأردن. ويعيد الفنان زهير النوباني هذا الموسم تقديم استعراضه المسرحي الساخر «وبعدين» في فندق عمّان إنترناشونال، وهو من إعداد محمد الإبراهيمي وإخراجه. ويرصد حال المهمشين في المجتمعات العربية العالقة بين وعود السياسيين وأنياب الفقر، والتي تُعلن نفاد صبرها ورفضها الاستبدادَ والظلم الواقعَين عليها، ليكون سؤالها الوحيد «وبعدين» الذي اتخذته المسرحية عنواناً لها. وجاءت «المهاهاة» والزغاريد تقنيةً أدائية لتسخر من تأكيدات رئيس الوزراء أن لا رفع للأسعار، وذلك بعد موّال: «يا ريت زيارة دولتك مُباركة علينا وتْبَطلوا الكذب علينا». أما الفنانة أمل الدباس، فقام عملها الذي قدمته في فندق غراند ملينيوم، من تأليف محمد صبيح، وإخراج خالد الطريفي، على تناول أنماط الشخصيات السياسية، بخاصة رئيس الوزراء، لإبراز سلوك «الرفع» في القرارات الحكومية. تَعزَّز المعنى السابق عبر توظيف الأغاني التي أدّتها الدباس بصوتها العذب، ومنها «يا رافع كل الأسعار». وقد حضر رئيس الوزراء نفسه هذا العرض وصفّق له. وما ميّز البرنامج الاستعراضي الغنائي الراقص «كتير سلبي» (من لبنان) الذي عرض في فندق لاندمارك، إنشاؤه صياغاتٍ بصرية سمعية سعت إلى اقتراح حلول لمعضلات مزمنة، مثل الصراع في الداخل اللبناني بين جماعتي 8 آذار و14 آذار، بطرق عاطفية بعيدة من منطق السياسة، مثل إتمام زواج بين امرأة سنّية ورجل شيعي، يتفقان على تسمية ابنهما سعد نصرالله أو حسن الحريري. والجدير ذكره أن هذا العرض الذي ألّفه وأخرجه نبيل عساف، يعرض للمرة الأولى في الأردن. «وطن إف إم». وقدمت فرقة «وطن» التي تعدّ امتداداً لمسرح هشام يانس ونبيل صوالحة، استعراضها في فندق كراون بلازا في عنوان «وطن إف إم». ولم تخلُ مشاهد العرض الذي ألّفه عايد يانس وأخرجه جلال رشدي، من جماليات الأداء التمثيلي والرقص والغناء، في تناوله الآثار السلبية للقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، والصراع بين النواب، وطبيعة أحزاب المعارضة، وطريقة تغطية الإعلام المحلي أخبار الحراكات الشعبية، ونتائج ارتفاع الأسعار، وآثار العمالة الوافدة. وقدم نبيل صوالحة ولارا صوالحة استعراضاً من نوع «ستاند أب كوميدي»، حمل عنوان «نشرة غسيل أردنية»، في فندق إنتركونتننتال، وأفيد في إنشاء نصه من دراسة للباحث أحمد ربايعة عن الشخصية الأردنية بسلبياتها وإيجابياتها. وبأسلوبه الساخر المعهود، دعا صوالحة المواطنين إلى الضحك من أخطائهم التي يقترفونها، مثل المباهاة بنجاح الغش في امتحانات الثانوية (التوجيهي)، وإطلاق العيارات النارية في الأعراس والمناسبات العامة الذي ينتج عنه سقوط قتلى وجرحى، وحصول النائب على 100 دينار، إضافة إلى راتبه الشهري، عن كل جلسة لمجلس النواب، ولو غاب عنها.