رفض اتحاد أرباب العمل المشاركة في حكومة للوحدة الوطنية التي اقترحها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مقابل دعمها ومساندتها، فيما يشهد الدينار التونسي حالة من الانهيار بلغت درجات غير مسبوقة في تاريخه. وأكد اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد رجال الأعمال)، في بيان مساء الجمعة، دعمه مقترح الرئيس الباجي قائد السبسي لكنه «يعتبر أن المشاركة في الحكومات ليست من طبيعة عمل الاتحاد ودوره ومهماته، ويعلن أنه لن يشارك في شكل مباشر في حكومة الوحدة الوطنية المنتظرة». وجاء موقف اتحاد أرباب العمل (أحد أكثر المنظمات التونسية نفوذاً وتأثيراً) موافقاً لموقف الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد)، حيث سبق لأمين عام اتحاد الشغل حسين العباسي أن صرح بأن «سياسة اتحاد الشغل هي عدم المشاركة في الحكومات». وكان السبسي دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تنهض بالاقتصاد المتردي مشترطاً أن يكون الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد أرباب العمل (الحائزان على جائزة نوبل للسلام) ضمن تركيبة حكومة الوحدة الوطنية «لضمان الاستقرار والنجاعة». واعتبر اتحاد أرباب العمل في بيانه أن مقترح السبسي «يأتي تفاعلاً مع الوضع الراهن للبلاد على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، حيث ازدادت الأوضاع صعوبة وفق ما تعكسه كل المؤشرات والإحصائيات الرسمية، ما بات ينذر بما هو أسوأ وأخطر ما لم يتم التحرك بالسرعة اللازمة وبالفاعلية المطلوبة». وبعد 10 أيام على اقتراح السبسي، يواجه الأخير ضغطاً زمنياً حاداً لا يمكن تجاوزه إذ يسعى الرئيس التونسي الى اتفاق بين الائتلاف الرباعي الحاكم في غضون أيام قليلة يتم بمقتضاه تحديد مصير رئيس الوزراء الحبيب الصيد إما بالاستقالة او بتكليفه تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن حزب «نداء تونس» العلماني (حزب الرئيس) يصر على تغيير الصيد وتكليف أحد قياداته بتشكيل الحكومة، الأمر الذي ترفضه غالبية مكونات التحالف الحكومي باستثناء حركة «النهضة» الإسلامية التي تحفظت عن إعلان موقفها في انتظار حسم الموقف من الصيد. وتُعتبر «النهضة» (أكبر حزب في البرلمان) من أشد الداعمين للصيد وحكومته، لكنها مستعدة للتنازل عنه في حال اختيار شخصية تحظى بموافقتها لتشكيل حكومة الوحدة. ويواصل السبسي والتحالف الرباعي الحاكم مشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية، فيما يسجل فيه الدينار التونسي تراجعاً غير مسبوق مقارنة بالدولار واليورو وسط مخاوف من تراجع القدرة الشرائية وارتفاع العجز الاقتصادي. وانخفض سعر صرف العملة المحلية في تونس منذ مطلع الأسبوع، إلى مستويات تاريخية مسجلاً 2.1 دينار مقابل الدولار الأميركي و2.43 دينار مقبل اليورو، مع توقع مزيد من التراجع بفعل صعوبات جديدة على رأسها تفاقم عجز الميزان التجاري والارتفاع المرتقب لأسعار المواد الأولية المستوردة. ويعتبر خبراء اقتصاديون أن تراجع قيمة العملة التونسية نتيجة لعدم الاستقرار السياسي التي تمر بها البلاد بخاصة مع دعوة الرئيس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية والإرباك الذي يمكن ان يطرأ على عمل الوزارات والإدارات الحيوية التي سيتباطأ عملها في انتظار تشكيل حكومة الوحدة.