يحرص عدد كبير من الناس على الاعتذار عن البقاء في مجموعات التواصل الاجتماعي، ومنها «واتساب»، خلال شهر رمضان، فتجدهم قبل بداية الشهر يودعون الأصدقاء موقتاً، على أن يلتقوا بهم في عيد الفطر المبارك وبعد مضي شهر البركة والرحمة. وتعود الأسباب إلى حرصهم على اغتنام شهر الصيام بالعبادة، بعيداً عن شوشرة الهاتف وبرامج التواصل، لما فيها من الغث والسمين. بداية كنت أنتقد هذا التصرف من بعض الأصدقاء، ولكني لمست سلامة تصرفهم بعد رؤيتي في خمسة أيام فقط من شهر رمضان ما يشيب له الولدان، حينما تابعت النميمة والغيبة، وتبادل الفيديوهات غير المناسبة في أفضل شهور العام ببعض المجموعات في «واتساب». فعلى سبيل المثال، تجمعني مع أصدقائي مجموعة «واتساب» منذ أربع سنوات تقريباً، «قروب» قرّب البعيد وجمع شملنا الجغرافي المتباعد، فمنا من قطن في جدة العروس، وآخرون من سكان العاصمة الرياض، والبعض توزع ما بين منطقتي الشرقية والقصيم، جمعنا هذا البرنامج الهاتفي الجميل، لم شملنا وزاد من محبتنا، وفتح آفاق تواصل جميلة بيننا. المشكلة الوحيدة في هذه المجموعة مع المشرف «أبي عبدالله»، فعلى رغم طيبة قلبه وحب الجميع له إلا أنه يتميز ب«الإقصائية». فلو تحدثنا عن الرياضة تراه ينحاز إلى فريق واحد ويصف البقية بأسوأ العبارات! ولو تحدثنا عن المجتمع يعود بنا إلى ثقافة أجيال ما قبل الإنترنت، ولو ساقنا الحديث إلى العادات والتقاليد أشعرك بأن قبيلته «مقدسة» المنشأ والبقية «خارج التغطية»! وما بين هذه وتلك الكثير من الغمز واللمز والتجاوزات اللفظية التي لا يشفع لها سوى العلاقة التي تربطنا جميعاً، والمحبة التي يمر تحت سقفها ما لا يمر في أي موقع آخر. اللطيف أن هناك من حاول أن يردعه ويوقفه عند حده، إلا أنه وجد نفسه خارج المجموعة «مطروداً»، فسياسة «الإقصائية» هي القائمة لديه. على العموم، قصتنا في «قروب» الأصدقاء على «واتساب» لم تنتهِ، إذ تفاءلنا بشهر رمضان المبارك، والجميع يتوقع أن سياسة «أبي عبدالله» ستختلف، وفعلاً مرت أيام وأبو عبدالله «رايق» وهادئ، يقوم بإرسال الرسائل التوعوية الدينية والجميلة. أبو عبدالله «صاحب الرأي الواحد» يبدي إعجابه بناصر القصبي في حلقاته، ويطالب بالتسامح والأخوة واليد الواحدة، لكن كلماته سرعان ما ستذوب عند أول مواجهة حقيقية على أرض الواقع، عندما يصحو «الإقصائي» الذي بداخله.