دعا لقاء مفتوح نظمته لجنة الأوقاف في الغرفة التجارية الصناعية بالأحساء مع العضو المنتدب لشركة جرير للتسويق عبدالله العقيل مساء أول من أمس، إلى تبني مبادرة للنظر في استصدار فتوى شرعية لإنشاء شركة أو مظلة قانونية وقفية في الأحساء، لضم ودمج الأوقاف المعطلة والمهدرة والمتعثرة، التي تقدّر بمئات الملايين من الريالات. وقال العقيل خلال اللقاء الذي جمع عدداً من المشايخ والقضاة ورجال الأعمال: إن قطاع الأوقاف في المملكة ظل عقوداً طويلة يعاني من الإهمال وعدم التنظيم وضعف الثقة، موضحاً أن اعتماد نظام الهيئة العامة للأوقاف أخيراً، وإصدار نظام الشركات الوقفية ونظام الشركات غير الربحية، يمثلان نقطة تحول تاريخية في تاريخ الأوقاف، نظراً إلى حجم الأصول التي يملكها، وإسهاماته التنموية الكبيرة وأدواره وأوجه صرفه المتنوعة. وأضاف أن الحكمة من مشروعية الوقف في الإسلام هي إيجاد موارد مالية ثابتة ودائمة لتلبية حاجات المجتمع الدينية والدنيوية، ولتقوية شبكة العلاقات الاجتماعية، وترسيخ قيم التضامن والتكافل والأخوة والمحبة بين كل فئات وشرائح المجتمع لنيل مرضاة الله وثوابه. وبيّن أن الوقف يتجاوز دوره تقديم العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين إلى استثمار الأصول الوقفية وفق السبل الحديثة، إذ يمكن لنظام الوقف بحكم أهدافه وغاياته ومضمونه التنموي أن يسهم بقسط كبير في القضاء على الفقر وتوفير فرص التعليم والتوظيف المناسبة، مع إمكان استثماره في التمويل للمشاريع المهمة في مجالات التنمية بشتى ضروبها. وشدد على أهمية الالتفات إلى الوقف وصناعته في القضاء على الفقر وتنمية المجتمع في اقتصاداته ومتطلباته وخدماته الضرورية، وبالتالي الإسهام في معالجة مشكلات الفقر المزمنة وانعكاساته السالبة. وبيّن أهمية تعاون الأوقاف مع مؤسسات المجتمع المدني وجهات العمل الخيري، بل ودعمها فيما يعالج مشكلات المجتمع الصحية والتعليمية والإنسانية وغيرها، لافتاً إلى استفادة الغرب من مفهوم الوقف وصناعته ما نتج منه ما يعرف بصناديق الأمانة Trust Funds وغيرها، التي تُعد صناعة ضخمة للغاية في عصرنا الراهن، تقوم بدعم الجامعات والمستشفيات في أميركا بمئات البلايين من الدولارات. ولفت العقيل إلى أن مقومات نجاح الكيانات الوقفية يجب أن تقوم على إعادة هيكلة الأوقاف بطريقة مبتكرة تعتمد على وجود إرادة، وإدارة حقيقية مدعومة بالقرار، بحيث تعمل على استدامة رأس المال وإدارته بطريقة تجارية احترافية تحفظ عدم تآكله أو فقدان قدرته الشرائية، مع التوازن بين توزيع المنفعة للمستحقين الحاليين من دون الإخلال بحقوق الأجيال المقبلة من المنتفع. ودعا العقيل إلى أهمية معالجة تحديات الوقف التقليدي، ابتداء من ضعف صياغة صك الوقف أو عدم وضوح تعليماته، بما في ذلك الرؤية للمستقبل المنظور والبعيد، ومحدودية خبرة ناظر الوقف الاستثمارية، وافتقاد هيكلة وقفية مبتكرة، وضعف أداء جهات المتابعة والرقابة الداخلية والخارجية تقارير دورية مدقّقة، وضعف أو انعدام الحوكمة بين أطراف الهيكل الوقفي وبين مصالح الناظر والمنتفعين الحاليين والمستقبليين، وغيرها. من جهته، أوضح رئيس لجنة الأوقاف بالغرفة عبدالوهاب الصالح أن هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة الفعاليات واللقاءات العامة، التي تنظمها اللجنة في إطار خططها وبرامجها الهادفة إلى تفعيل الحراك المعرفي والثقافي والتنموي، وتعزيز دور الجوانب العلمية والشرعية لخدمة المجتمع والمنطقة، ونشر الوعي والمعرفة بأهمية الوقف وصناعته، إضافة إلى تقوية العلاقة بين المفكرين والمثقفين ورجال الأعمال، وتبادل الخبرات والمعارف، والاستفادة من التجارب البارزة والمميزة.