تستعد الحكومة التركية لمواجهة ساخنة وأخيرة مع رئيس الأركان الجنرال الكر باشبوغ في نهاية آب (أغسطس) المقبل، في اجتماعين متتاليين مهمين: الأول اجتماع مجلس الأمن القومي الذي يرأسه الرئيس عبد الله غل والذي سيكون آخر لقاء يحضره باشبوغ قبل تقاعده مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل، ليحل مكانه على الأرجح قائد القوات البرية الجنرال اشيك كوشانير. ويُفترض أن تنتهز الحكومة هذه الفرصة، من أجل تمرير تعديل مهم على وثيقة الأمن الداخلي في تركيا، بالتوازي مع مشروعها لتغيير بعض مواد النظام الداخلي للجيش ووزارة الدفاع المتعلقة بذلك، إذ تسعى الحكومة الى الغاء قائمة اسماء الجماعات الدينية من خانة التهديدات الداخلية، بحيث يكون التهديد الداخلي محصوراً في النزعات الى تقسيم تركيا من جانب الأكراد أو غيرهم من القوميات او الفئات، وهذا امر غاية في الأهمية خصوصاً اذا تمّ مع تغيير النظام الداخلي للجيش، بحيث تصبح مهمته التصدي للأخطار الخارجية فقط، ما سيعني في حال حدوثه الفصل بين شؤون الجيش وشؤون الجماعات الدينية في تركيا، ومنع تدخله في أي شكل من الأشكال في رصد أو التصدي لأي تحرك لتلك الجماعات، ضمن ما يسميه الجيش بالفعاليات الرجعية. وهذا أمر ترددت فيه حكومة رجب طيب اردوغان مراراً في السابق، لكن ثمة مؤشرات الى أن الحكومة تريد أن تختم تعاون رئيس الأركان الحالي معها بهذه الجائزة الفائقة الأهمية، والتي ستنهي - اذا حصلت – عقوداً من رصد الجيش وتتبعه للمتدينين والحركات الإسلامية في تركيا. في المقابل، يستعد باشبوغ لترتيب البيت الداخلي للجيش قبيل اجتماع الشورى العسكري الأخير الذي يرأسه مشاركة مع أردوغان، قبل تسليمه قيادة الجيش لخلفة كوشانير. وتضغط جهات حكومية من أجل عدم ترقية أي من الجنرالات أو الضباط المتهمين في قضايا الانقلاب، تبعاً لنصّ القانون الذي يؤجّل أو يحرم أي ضابط مسجون على ذمة قضية أو محاكمة، من أي ترقية في المنصب حتى اتضاح نهاية القضية ومصيرها، ما من شأنه إضعاف جناح الانقلابيين داخل المؤسسة العسكرية. لكن القرار في هذا الشأن لن يكون سهلاً على باشبوغ الذي يبدو أنه سيودّع الجيش من خلال امتحانات صعبة يقف فيها بين الحكومة والقانون من جانب، وبين رجاله في الجيش من جانب آخر. جاء ذلك بعدما سرّبت مصادر إعلامية مقربة من الحكومة أكثر من مرة أن سرّ تعاون باشبوغ مع حكومة اردوغان يعود الى سببين: أولهما ضربات «حزب العمال الكردستاني» التي عرّت الجيش تماماً امام الشارع التركي وكشفت عجز قياداته عن التحرك في سرعة وقوة، والثاني تورّط مقربين منه في قضايا الخطط الانقلابية. وثمة من يقول بأن الحكومة وباشبوغ أبرما اتفاقاً ينص على التحفظ على بعض الملفات التي قد تطاوله شخصياً، في مقابل تقديمه مساعدة في التخلص من الانقلابيين داخل المؤسسة العسكرية. ويقول مقربون من الحكومة التركية أن على أردوغان ان يستغل هذه الفرصة حالياً، من أجل حسم هذه الملفات قبل مغادرة باشبوغ منصبه، لأن الجنرال كوشانير الذي سيخلفه قد لا يبدي التعاون ذاته مع حكومة اردوغان، خصوصاً أن ثمة أنباءً تفيد بأنه من المتشددين القوميين في الجيش والمنزعجين من طريقة تعامل الحكومة مع قيادة الجيش وضباطه، ضمن ملف محاكمات «ارغينيكون».