بقيت الإشكالات تعرضت لها القوات الدولية في جنوب لبنان (يونيفيل)، مطلع الأسبوع، تحت دائرة الضوء، لا سيما أن تفاعلاتها تزامنت مع صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الثالث عشر حول تنفيذ القرار 1701 في شأن الجنوب، والذي أثار عناوين حساسة منها اتهامات اسرائيل ل «حزب الله» بمواصلة نقل أسلحة الى داخل منطقة عمليات «يونيفيل» وتعزيز قدراته العسكرية. واعتبر بان أن «الادعاءات باستمرار نقل أسلحة الى الحزب، ما يعتبر انتهاكاً للقرار 1701... أثارت احتمال وقوع سوء حسابات من قبل أحد الطرفين قد يؤدي الى استئناف العدائية التي يحتمل ان تترتب عليها تداعيات مدمرة بالنسبة الى لبنان والمنطقة». وشهدت بيروت في المقابل تحركاً خارجياً لافتاً أمس، فأعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي يزور بيروت لتكريمه بمنحه دكتوراه فخرية من قبل الجامعة اللبنانية – الأميركية، أنه لا يرى أن هناك حرباً على الأبواب «وأرى أن هناك مبالغة من الجانب الآخر (يقصد إسرائيل) الذي يتحدث دائماً عن المواجهة والحرب وغيره، انما المهم أن نكون على حذر...». وحضر الى لبنان، إضافة الى موسى، نائب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي رئيس مكتب العلاقات الخارجية فيه جان كلود غودان يرافقه السناتور جان فور، ووزير خارجية الفاتيكان المونسنيور دومينيك ما مبرتي، ووزير النقل الأميركي من أصل لبناني راي لحود. وإذ اجتمع غودان مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري فإنه عبّر عن إعجابه الشديد «بسرعة تحول لبنان، ومدينة بيروت التي عرفناها في الأوقات الصعبة خلال الحرب غير العادلة استعادت مقوماتها»، أكد دعمه للحريري الذي التقى أيضاً موسى، فيما اجتمع ما مبرتي الذي شارك مساء في منح البطريرك الماروني نصر الله صفير جائزة الرئيس الراحل الياس الهراوي، مع الرئيس سليمان. وتمنى استمرار الهدوء والاستقرار والحوار السياسي في لبنان. وبينما اجتمع لحود مع سليمان ووزيري الداخلية زياد بارود والنقل غازي العريضي، فإن كل هذه اللقاءات تناولت أوضاع المنطقة والجنوب، وكانت التطورات بين «يونيفيل» والجيش مدار بحث بين الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز مع الرئيس بري. وأعلن وليامز اتفاقه مع بري على أفضل العلاقات والتعاون مع قوات «يونيفيل». وعبّر وليامز عن قلقه لبري من الأحداث التي حصلت «حيث جرى انتهاك حرية حركة قوات يونيفيل»، ودعا الى أن تكون هذه الحرية محترمة مؤكداً ان القوات الدولية عامل أساسي بوجودها وانتشارها وبالتنسيق مع الجيش لتطبيق القرار 1701. ولفتت أوساط بري الى أنه يثار غبار حول علاقة الجنوبيين ب «يونيفيل» دائماً قبل التجديد لها (آخر الشهر المقبل). وذكرت أوساط رئيس البرلمان أن «الوقائع التي جرت أخيراً (المواجهة بين أهالي بعض القرى وبين يونيفيل) لا تمس حركة الأخيرة...» ودعا بري الى عدم إعطاء ما جرى حجماً كبيراً. وفي باريس قال المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو إن «احتجاجات سكان في جنوب لبنان على مناورة «يونيفيل» بدت ردود فعل عنيفة وهذه الأحداث تثير عدم فهمنا وقلقنا». (أ ف ب). وأوضح أنها لن تؤثر على التزام فرنسا في «يونيفيل». وعلمت «الحياة» من مصادر فرنسية أن باريس «مستاءة». وذكرت أن ما حصل كان «نتيجة تظاهرة منسقة ولم تكن منفردة أو مفاجئة وتظهر على أنها رسالة سياسية». كما أسفت المصادر «لردود فعل المسؤولين اللبنانيين». وكان فاليرو قال «يزداد عدم فهمنا للمسألة نظراً الى إتمام العسكريين الفرنسيين مهمات إضافية لمصلحة المدنيين»، متوقفاً خصوصاً عند «إزالة الألغام» و «المساعدات الطبية المجانية» إضافة الى «دعم الزراعة المحلية». وكان موضوع الإشكالات بين «يونيفيل» وبين بعض الأهالي مدار تعليقات سياسية لبنانية من كل صوب خلال اليومين الماضيين. وعقد الرئيسان سليمان والحريري اجتماعاً عصر أمس، مع البطريرك صفير على هامش تكريم الأخير. وقال صفير في كلمة له: «قيل عن لبنان انه يعيش منذ زمن في قلب الخطر، ولكن القيّمين اليوم على شؤونه، وفي طليعتهم فخامة الرئيس، سيعرفون كيف يجتازون مواقع الخطر، وينهضون به الى ما يصبو اليه أبناؤه من طمأنينة وراحة بال». على صعيد آخر، أعلن أمس في بيروت عن إدخال العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله فجر الجمعة الى مستشفى «بهمن» للمعالجة من نزيف داخلي أصيب به. وسرت إشاعات كثيرة في هذا الصدد أمس ما دفع إدارة المستشفى الى إصدار بيان بعد الظهر أفاد أن «الحال الصحية للعلامة السيد محمد حسين فضل الله مستقرة، ولا صحة للأخبار التي يتداولها البعض عن أن حالته باتت سيئة جداً أو ميؤوساً منها، ولا للإشاعات التي ذهبت الى أبعد من ذلك». وتمنت إدارة المستشفى «على الجميع، خصوصاً وسائل الإعلام، مراجعتها أو مراجعة المكتب الإعلامي لسماحة السيد للإطلاع على وضعه الصحي». وكان بيان مكتب السيد فضل الله أعلن صباح أمس أنه أدخل المستشفى اثر عارض صحي طارئ بسبب إصابته بنزيف داخلي وأن الفريق الطبي المعالج يقوم بإجراء الأعمال الطبية اللازمة. وأوضح المكتب مساء «انه في اطار الفحوصات الروتينية لفضل الله تعرض لنزيف حاد أثّر على بعض الوظائف الحيوية الأمر الذي استدعى التدخل الطبي السريع وابقاء المرجع في قسم العناية الفائقة لمتابعة العلاجات المكثفة» وأكد «ان حاله الصحية العامة مستقرة، على رغم وجود حرج في الوضع. ان المسألة تحتاج بعض الوقت لمعرفة هل أن الأعضاء الحيوية تعرضت لأذى أم أنها ستعاود نشاطها الطبيعي لا سيما في ما يتعلق بالكلى وقد توقف النزيف بالكامل». يذكر ان السيد فضل الله توقف عن إلقاء خطبة الجمعة منذ زهاء شهرين بسبب حاله الصحية حيث لازم منزله واستمر في استقبال المسؤولين وكبار القادة السياسيين، كمرجعية بارزة في المذهب الشيعي