تجددت الحرب الكلامية بين الكوريتين الجمعة، ما يعكس التوتر الناجم من سلسلة عمليات فرار لكوريين شماليين إلى الجنوب، ورفض سيول عرض بيونغيانغ إجراء محادثات عسكرية. وتفاقم التوتر بين البلدين منذ التجربة النووية الكورية الشمالية الرابعة مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي والتي تلاها في شباط (فبراير) إطلاق صاروخ اعتبر على نطاق واسع تجربة كورية شمالية مقنعة لصاروخ طويل المدى. لكن خلافاً جديداً برز بين الجانبين في الأسابيع الأخيرة، مع فرار جماعي لكوريين شماليين يعملون في مطاعم تديرها بيونغيانغ في الصين. ووصلت 12 امرأة كورية شمالية برفقة مديرهن إلى سيول في نيسان (أبريل) الماضي، تبعهم هذا الأسبوع ثلاثة موظفين يعملون في مطعم آخر. وتؤكد كوريا الشمالية أن مواطنيها تم خداعهم وخطفهم من جانب عناصر من الاستخبارات الكورية الجنوبية، وأنهم محتجزون في كوريا الجنوبية ضد إرادتهم، لكن سيول تنفي ذلك بشكل قاطع. وأعلن ناطق باسم الصليب الأحمر الكوري الشمالي في بيان، أن «حضهم (على المغادرة) وخطفهم يثبتان بوضوح أن الدمى التابعة لكوريا الجنوبية تنتهك حقوق الإنسان بأبشع طريقة». وكان الناطق يشير إلى قضية أخيرة تتعلق بثلاث موظفات في أحد مطاعم شانزي في شمال الصين، معتبراً أن «خطفهن كان مخططاً له». وردّت وزارة التوحيد الكورية الجنوبية المكلفة الإشراف على الشؤون بين الكوريتين أمس، مؤكدة أن هذه الاتهامات «لا أساس لها»، ومضيفة أنه سيكون من الأفضل لكوريا الشمالية التركيز على الأسباب التي تدفع مواطنيها إلى الفرار. وقال الناطق باسم الوزارة جيونغ جون-هي: «نأمل بأن تعالج كوريا الشمالية (مسألة) الانشقاقات المتكررة، وتغتنم الفرصة لتحسين حقوق الإنسان وحياة شعبها». وتقدر الحكومة في سيول أن كوريا الشمالية تجني نحو عشرة ملايين دولار (8,9 ملايين يورو) سنويا من استثمار نحو 130 مطعماً في 12 بلداً من بينها الصين. وتحد العقوبات الدولية القاسية التي فرضتها الأممالمتحدة على كوريا الشمالية بعد التجربة النووية الرابعة التي أجرتها في كانون الثاني الماضي، من قدرتها للحصول على عملات أجنبية، وباتت المطاعم بالنسبة إليها مصدراً للعائدات المالية. وأوردت الصحف الكورية الجنوبية أن موظفين في هذه المطاعم لم يتلقوا أجورهم بسبب الضغوط التي تواجهها هذه المؤسسات من أجل زيادة المبالغ التي تدفعها إلى بيونغيانغ. أما السبب الآخر للتوتر بين الكوريتين، فهو رفض كوريا الجنوبية قبول عرض قدمه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لإجراء محادثات عسكرية لنزع فتيل التوتر. وتعتبر سيول أن هذا العرض غير صادق، نظراً إلى تهديدات كوريا الشمالية بزيادة ترسانتها النووية. وأفادت اللجنة الكورية الشمالية لشؤون إعادة توحيد كوريا سلمياً الخميس، بأن هذا الرفض يعتبر مواجهة. وأضافت في بيان: «إذا أداروا لنا ظهورهم فستكون النتيجة سيئة»، موضحة أن «ردنا سيكون هجوماً هو الأكثر شدة، لدفعهم أكثر نحو (...) الهاوية، وسوقهم بسرعة أكبر إلى التدمير الذاتي». في المقابل، رأت وزارة التوحيد في سيول أن هذا الخطاب الحربي يظهر النفاق الكامن في العرض الكوري الشمالي، وأضافت: «نستنتج أن طلب كوريا الشمالية إجراء حوار ليس سوى نفاق مصطنع». من جهة أخرى، أعلنت كوريا الجنوبية أمس، أن مسألة نشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي المتطور للارتفاعات العالية (ثاد) لمواجهة التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية،غير مطروحة على اجتماع وزراء الدفاع في منتدى الأمن الآسيوي في مطلع الأسبوع المقبل. وبدأت الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية محادثات بشأن نشر نظام «ثاد» المضاد للصواريخ بعد إجراء كوريا الشمالية اختبارها النووي الرابع في كانون الثاني وإطلاقها صاروخاً طويل المدى بعد شهر.