شهدت مدينة حلب ومحيطها جولة جديدة من الغارات الكثيفة الجمعة تسببت بمقتل عشرات المدنيين، في تصعيد واضح لحدة الضربات التي تشنها الطائرات الحكومية السورية، وربما الطائرات الروسية الحليفة. وجاء ذلك في ظل انقطاع فعلي لطريق الكاستيلو الذي يُعتبر شريان الإمداد الوحيد لأحياء سيطرة المعارضة في شرق مدينة حلب. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قذائف عدة أطلقتها فصائل المعارضة سقطت على مناطق سيطرة قوات النظام في محيط مسجد العبارة بمدينة حلب، فيما سقط صاروخ يعتقد أنه من نوع أرض- أرض أطلقته قوات النظام على أطراف مدينة حلب. وجاء ذلك في وقت «نفّذت طائرات حربية ومروحية ضربات مكثفة استهدفت... مدينة حلب وأريافها الغربية والشمالية والجنوبية»، بحسب المرصد الذي تحدث عن 18 غارة على الأقل على أحياء السكري والمشهد وصالات السكن الشبابي قرب حي الأشرفية، والهلك والصاخور وباب الحديد والشيخ خضر» في مدينة حلب، فيما أغارات طائرات حربية على بلدتي عندان وحريتان بريف حلب الشمالي وبلدتي كفرحمرة وعنجارة بريف حلب الغربي والشمالي الغربي، كما ألقت طائرات مروحية براميل متفجرة على بلدة خان طومان بريف حلب الجنوبي. وفي حين قال الناشط الإعلامي هادي العبدالله في تغريدة على موقع «تويتر» إن عدد الضحايا في حلب وريفها ارتفع إلى «62 شهيداً خلال ال 12 ساعة الماضية نتيجة القصف الجوي الذي لا يتوقف»، أوردت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة أن «الطيران المروحي والحربي التابع لنظام الأسد وروسيا ارتكب مع ساعات الصباح الأولى، الجمعة، ثلاث مجازر بحق المدنيين المحاصرين في مدينة حلب وممن يحاولون الخروج من المدينة عبر طريق الكاستيلو». وأشارت إلى «سقوط 26 قتيلاً بينهم 13 شخصاً منهم أطفال ونساء قضوا على طريق الكاستيلو بعد استهداف حافلة بغارة جوية خلال محاولتهم الخروج من المدينة، كما سقط 7 ضحايا في حي الكلاسة وثلاثة آخرون في حي الأنصاري». وفي ريف حلب الشمالي قُتل مدني في مدينة كفر حمرة واثنان في عندان، بحسب «الدرر». وأشارت «فرانس برس»، من جهتها، إلى أن الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل في مدينة حلب وطريق الكاستيلو الذي يعد المنفذ الوحيد منها باتجاه غرب المدينة، تعرضت لغارات جوية كثيفة الجمعة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 28 مدنياً بينهم عشرة قُتلوا على طريق الكاستيلو. ونقلت عن مراسلها في حلب أن القصف كان «جنونياً» بالبراميل المتفجرة لا سيما على أحياء الكلاسة والسكري وباب النيرب. ونقلت الوكالة عن مدير المرصد رامي عبد الرحمن قوله إن طريق الكاستيلو «باتت بحكم المقطوعة مع تكرار استهداف حركة المارة والحافلات»، لافتاً إلى أن «الأحياء الشرقية باتت عملياً محاصرة». وأضاف أن «حركة الطائرات لا تتوقف والهدف منها زرع الرعب في قلوب الناس كي لا يتنقلوا». وفي إطار مرتبط، نقلت «الدرر» عن «مديرية أوقاف ريف حلب الغربي المحرر» إعلانها عدم إقامة صلاة الجمعة في مساجد الريف، حرصاً على سلامة المدنيين من القصف الجوي. وذكرت المديرية: «نظراً إلى الهجمة الشرسة والغادرة التي تتعرض لها المناطق المحررة من قصف بالطيران والصواريخ وأخذاً بالأسباب للحفاظ على حياة المدنيين من تعرض تجمعاتهم للخطر، تُعلّق صلاة الجمعة في جميع مساجد ريف حلب الغربي». وكانت مديرية أوقاف مدينة إدلب أعلنت بدورها أول من أمس تعليق صلاة الجمعة في مساجد المدينة حرصاً على سلامة المدنيين. وتزامن ذلك مع إعلان «جيش الفتح» أن مدينة إدلب باتت «خالية من أي تواجد عسكري للفصائل العسكرية العاملة بإدلب وريفها» وذلك بهدف سحب أي مبرر للحكومة السورية كي تستهدف المدينة بحجة وجود مواقع للمعارضة المسلحة فيها. في غضون ذلك، نشر المرصد إحصائية جديدة عن «القصف الهستيري» الذي تتعرض له مدينة حلب لليوم الثالث والأربعين على التوالي، قائلاً إنه أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 2500 شخص بجروح، ومقتل 436 مواطناً مدنياً بينهم 97 طفلاً و74 مواطنة. في غضون ذلك، قال المرصد إن «معارك عنيفة تدور بين جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) والحزب الإسلامي التركستاني وعدة فصائل إسلامية ومقاتلة من جانب، وقوات النظام المدعمة بحزب الله اللبناني والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جانب آخر، في ريف حلب الجنوبي، حيث تتركز الاشتباكات في محيط بلدة خان طومان ومنطقة معراتة، وسط تقدم للفصائل في المنطقة... بالتزامن مع نحو 20 غارة نفذتها الطائرات الحربية على مناطق الاشتباك».