أكدت شركة الأهلي كابيتال (أكبر البنوك الاستثمارية في المملكة) أن الحضور الضعيف للمؤسسات المالية غير المصرفية المحلية لا يزال يشكل خصوصية دائمة لأسواق المال الخليجية، على رغم فوائض عائدات النفط على مدى الأعوام الماضية، والمستوى المرتفع نسبياً للادخار الجماعي عبر صناديق التقاعد العامة، ووجود مؤسسات راسخة وموجودة منذ فترة طويلة. وقالت «الأهلي كابيتال» في تقرير حول «نمو الاستثمارات المؤسساتية في منطقة الخليج... قصة نجاح متواصلة» إن بيانات السوق الحالية تحمل سبباً للتفاؤل. فبينما استحوذت المؤسسات على 4,67 في المئة من قيمة التداول في السوق السعودية خلال العام 2009، ارتفعت حصتها إلى 8,67 في المئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي». وأضافت أن تغيير التنظيمات في الفترة الماضية أسهم في تعزيز نمو أسواق المال الإقليمية، ودور المؤسسات من حيث حجمها وعددها، ووجودها في السوق، وهذا النهج مرحب به في منطقة الخليج العربي نظراً إلى طموحات الإقليم في تنويع اقتصادات دوله، وجهوده المتنامية لتطوير مشاريع بنية تحتية كبرى على المدى الطويل. وأوضح كبير الاقتصاديين في الأهلي كابيتال الدكتور يارمو كوتيلاين: «لدى المستثمر المؤسساتي تأثير كبير على الأسواق، إذ تعمل على تعزيز إدارة الأصول المهنية من خلال إدارة المدخرات بأسلوب جماعي نيابة عن صغار المستثمرين، كما أنها تعتبر مصدراً حيوياً للتمويل عبر انخراطها النشط في أسواق الأسهم والسندات. وهي أيضاً تلعب دوراً إيجابياً في تعزيز حكومة الشركات، وينبغي عدم إغفال أهميتها في النمو الذي تعيشه منطقة الخليج من خلال أسواقها المالية». وأشار إلى أن المستثمرين الخليجيين يوزعون اليوم أصولهم بين الأسهم والنقد والعقار، في حين أن الصناديق الاستثمارية تعد البديل الوحيد المعقول المعمول به، مشيراً إلى أن التعرّض للتذبذب يرجع لمزيج من نقص المشورة المقدمة للمستثمرين، وضعف معرفتهم في هذا الشأن، ناهيك عن حداثة عدد من فئات المنتجات، وأثبت توافر خطط الاستثمار الجماعية المتنوعة أهميته الكبيرة على مستوى العالم في تعزيز ثقافة الاستثمار طويل الأمد والقاعدة المعرفية المالية لدى المستثمرين. وأضاف كوتيلاين: «تبقى طبيعة المؤسسات الاستثمارية في منطقة الخليج مختلفة بحسب المعايير العالمية، إذ تتفوق الصناديق الحكومية بمراحل على برامج الادخار الجماعية. وتعد صناديق الثروة السيادية، واحتياطات البنوك المركزية، وصناديق التقاعد الحكومية، أهم مصادر رأس المال بالنسبة إلى القطاع العام، وتعتبر مؤسسات الضمان الاجتماعي العامة أكبر المستثمرين في أسواق الخليج المالية حالياً. وشدد على أن إصلاح الأطر التنظيمية لعب دوراً إيجابياً مهماً في تعزيز نمو أنماط أخرى من المؤسسات خلال الأعوام الأخيرة، وهو توجّه من المتوقع أن يستمر، والجهود المبذولة في السعودية لتحفيز تطوير نظام التأمين المحكوم بأطر تنظيمية صحيحة وملائمة مدعومة بسياسات إلزامية في عدد من المجالات الرئيسية تعد قضية ذات أهمية خاصة. وذكر أن «صناعة الصناديق الاستثمارية تشهد المزيد من النمو، إذ حملت المبادرات التي أُطلقت أخيراً للسماح بصناديق التداول تغييراً مرحباً به، نظراً إلى إمكاناتها في تمكين المستثمرين من الاستفادة من فئات جديدة من الأصول بطريقة سهلة وفاعلة اقتصادياً، كما أن تحويل برامج نهاية الخدمة الإلزامية لسياسات تقاعد ممولة تقدم مكاسب إضافية كبيرة بالنمط نفسه، والارتفاع التدريجي في عدد المؤسسات المالية غير المصرفية يتم دعمه بشكل أكبر عبر تأسيس مقار مالية تحكمها أطر تنظيمية أكثر كفاءة وتكاملاً، وبنية تحتية أفضل». وأوضح أن تعزيز هذه التوجهات هو من الأهمية بمكان من وجهة نظر اقتصادية أوسع نطاقاً، فالمؤسسات يمكنها أن تلعب دوراً حاسماً في توفير رؤوس الأموال لمصلحة النمو الهيكلي المتواصل الذي تشهده المنطقة، والتي من المرجح أن تحدد آفاقها الاقتصادية في السنوات المقبلة، وتشكل البنية التحتية وزيادة الطلب على العقار السكني القضايا الأساسية الأكثر إلحاحاً، فضلاً عن الحاجة لدعم ظهور المزيد من الشركات متوسطة وصغيرة الحجم، ومن شأن ذلك توفير قوة دافعة رئيسية لأسواق الدين والمشاريع المميزة الناشئة في المنطقة». وشدد كوتيلاين على أن «تراكم الخبرات الإقليمية إلى جانب بيئة تنظيمية ملائمة يبشر بالخير بالنسبة إلى المستثمر المؤسساتي المحلي، ويسهم في نضوج أسواق المال الخليجية. واستمرار التوجهات الحالية يعد باتساع أكبر لنطاق وعمق السوق، ويسهم في تنويع المنتجات، وخفض التذبذبات التي تتعرض لها السوق».