قلّل الرئيس عمر البشير من أهمية حديث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو من أنه واثق أن قضاة المحكمة سيوجهون إلى الرئيس السوداني قريباً اتهامات بارتكاب ابادة جماعية في دارفور، واعتبرها مواقف سياسية لن يتعامل معها. ووجه البشير انتقادات شديدة إلى الرئيس التشادي إدريس ديبي رافضاً وصف المعارضة التشادية بأنها مجموعة من «المرتزقة»، قائلاً إنها من عناصر الحرس الجمهوري التشادي وتمردت بعد تعديل الدستور كي يستمر ديبي في الرئاسة ورداً على محاولته نقل الحكم إلى ابنه. وقال أوكامبو في مقابلة مع «رويترز» الاثنين إن قضاة المحكمة الذين وجهوا سبعة اتهامات إلى البشير في آذار (مارس) الماضي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وشطبوا اتهام «الابادة الجماعية» كانوا طلبوا أكثر من المعايير المعتادة لإصدار أمر اعتقال وهي وجود سند كاف للاعتقاد بأنه مذنب حتى لا يكون هناك أي شك في أن البشير حاول القضاء على مجموعة واحدة على الأقل من الناس، وهو الحد الأدنى المعتاد لإصدار حكم بالإدانة. وأضاف مورينو أوكامبو أنه تمكن بالفعل من القيام بهذه الخطوة، كما جرى أيضاً استبدال أحد القاضيين اللذين كانا يعارضان مسألة اتهام البشير بالابادة الجماعية مما زاد من احتمال أن يقوم القضاة بالنظر مجدداً في طلبه. وعلى الرغم من أمر الاعتقال الدولي الذي يتهدد البشير، إلا انه زار دولاً عدة أبدت اعتراضها على الاتهامات التي وجهتها له المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك قطر واثيوبيا واريتريا ومصر. لكن أوكامبو أبدى ارتياحه لعدم تمكن البشير من حضور مراسم أداء رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما اليمين الدستورية في مطلع الأسبوع المقبل بعدما حذّرت بريتوريا الخرطوم من أن الرئيس السوداني سيكون معرضاً للاعتقال. وتابع: «هذه هي النقطة.. القانون يطبق هناك. يحاول البشير أن يظهر كيف يمكنه التوجه إلى دول مختلفة. بالنسبة لي، فإنه يظهر مدى شعوره باليأس». لكن البشير هاجم من وصفها ب «دول الاستكبار» وقال إنها تعيش عصر التردي السياسي والأخلاقي. واعتبر في كلمة أمام عدد من المستثمرين العرب والمسلمين في الخرطوم إن تلك الدول «تلوي أعناق الحقائق وتزيف الوقائع». كما اتهم تلك الدول بأنها تسيّس العدل والقانون وتستخدم المؤسسات الدولية لتمرير أجندتها الخفية، واعتبر مذكرة التوقيف الدولية بحقه مجرد تحرك سياسي لا علاقة له بالقانون والعدل، مؤكداً أن الجرائم التي ترتكب تحت مرأى ومسمع العالم كالتي ارتكبت في غزة وترتكب في العراق وأفغانستان هي التي من المفروض أن تُحال على المحاكمة، وزاد في حديث أمس إلى قناة «العالم» الاخبارية: «الشعب السوداني شعب واع ويدرك تماماً أن الهدف ليس شخص الرئيس، وانما البلد هو المستهدف من قبل القوى الغربية». وشدد على عدم التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها ليست محكمة عدلية، واصفاً إياها بالمحكمة المسيسة. ونفى البشير في شدة أن تكون جرائم ارتكبت في دارفور بالحجم الذي تروج له الجهات الغربية، ورأى أن الحديث عن الابادة الجماعية والاغتصاب الجماعي استخدمت بذكاء كبير من قبل هذه الجهات حيث ظلت تثير الرأي العام العالمي وتروج بأن جرائم بهذا الحجم ارتكبت في اقليم دارفور. وأضاف أن الحقائق على الأرض تؤكد خلاف ذلك، معتبراً أن من واجب الدولة الدستوري أن تقف بوجه كل من يحمل السلاح ضدها، لأن التمرد ضد الدولة حصل بالفعل. وأكد البشير أن قضية دارفور هي صناعة الغرب وما يجري على الارض يتعارض مع ما يسوّق له الاميركيون والاوروبيون، مضيفاً ان هذه الجهات تدعم فصائل التمرد لتحقيق مصالحها. وقال إن الحرب «فُرضت على الحكومة» بعدما فشلت في التوصل الى الحل السلمي، و «من الطبيعي أن يتأثر المواطن العادي في حال الحرب»، مما أدى الى نزوح المواطنين الى مناطق آمنة وهي المناطق الخاضعة للحكومة. وتساءل كيف يمكن للحكومة أن ترتكب مثل هذه الجرائم بحق من لجأ إليها بحثا عن الأمن؟ ودافع البشير عن المعارضة التشادية، نافياً أن تكون «عناصر مرتزقة»، موضحاً أن عناصر المعارضة التشادية هم في الأصل من الحرس الجمهوري في تشاد وليسوا مرتزقة وانما هناك خلاف بينهم وبين الرئيس إدريس ديبي حول الدستور الذي كان ينص على ان الرئيس يحكم لدورتين متتاليتين. وأضاف: «أراد رئيس المعارضة الذي كان في الحرس الرئاسي أن يرشح نفسه للرئاسة بعد انتهاء ولايتي ديبي، لكن الأخير قام بتعديل الدستور للبقاء في منصبه ما أدى الى انشقاق حرس الرئاسة والتحاقهم بالمعارضة، كما عمل ديبي على ان يخلفه من ورائه ولده في الرئاسة ما أدى إلى ظهور خلافات في داخل الأسرة الحاكمة»، لافتاً الى ان هناك قبائل مهمشة، غير راضية عن حكم الرئيس ديبي لأن قبيلة الزغاوة الحاكمة التي ينحدر منها لا تمثل الا إثنين في المئة من سكان البلاد. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن الرئيس ديبي قام الاثنين بزيارة مفاجئة لمنطقة جوز بيضا (شرق تشاد، جنوب ابيشي)، وأمر الجنود التشاديين ب «مواصلة عمليات التمشيط والمطاردة» ضد المتمردين. وهو توجه إلى الموقع المذكور مستعيناً بطائرة صغيرة قبل أن يعود الى العاصمة. والتقى ديبي عدداً من الجنود وهنأهم بتصديهم للمتمردين الاسبوع الفائت. في غضون ذلك (أ ف ب) أعلن فتاح عثمان رئيس شرطة جنوب دارفور أن مسلحين يمتطون الجمال والخيول قتلوا ثلاثة من رجال الشرطة السودانية في مكمن شرق نيالا.