كابول، واشنطن، لندن - أ ف ب، يو بي آي - أعلنت قيادة الحلف الاطلسي (ناتو) في افغانستان أمس، انها قتلت «عدداً كبيراً» من متمردي حركة «طالبان» في غارات جوية نفذتها في منطقة باغرام بولاية هلمند الجنوبية التي تشهد اعمال عنف في جنوبافغانستان، كما اعتقلت زعيماً للحركة في ولاية نوزاد، احد معاقل المتمردين، بعد اصابته بجروح. واندلعت معارك امتدت نحو اربع ساعات ليلاً لدى فتح متمردي طالبان النار باستخدام اسلحة خفيفة وقاذفات صواريخ على وحدات للقوات الاجنبية عند اقترابها من احدى المزارع، حيث اعلن الحلف اعتقال عدد من متمردي «طالبان» الذين اصيبوا بجروح. وفي منطقة باروان (شمال)، تعرض فريق كوري جنوبي لإعادة الاعمار لهجوم صاروخي لم يسفر عن إصابات. ويضم فريق الاعمار الإقليمي الكوري الجنوبي 49 عاملاً مدنياً و8 ضباط شرطة، وسيجري توسيعه تدريجياً نهاية السنة الحالية إلى حوالى 100 عامل و40 ضابط شرطة. ويساعد الفريق الكوري في تعزيز القدرة الإدارية لحكومة باروان الاقليمية، ويقدم خدمات طبية وتدريبات للشرطة كجزء من المساعي المبذولة لمساعدة الدولة التي مزقتها الحرب، من اجل الاعتماد على ذاتها. وستتولى وحدة عسكرية كورية جنوبية مهمة حماية العاملين المدنيين، علماً ان وحدة أمنية تتألف من 80 جندياً تتواجد في البلاد منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي، فيما من المقرر أن يتوجه حوالى 240 جندياً إلى أفغانستان بين مطلع الشهر الجاري ونهاية (آب) أغسطس. وتواجدت القوات الكورية الجنوبية في أفغانتسان لمدة 5 سنوات قبل سحبها نهاية العام 2007، بعدما طالبت «طالبان» بانسحابها أثناء أزمة الرهائن التي شهدت قتل المسلحين رهينتين كوريتين جنوبيتين. وفي حديث ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، كرر الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد رفض الحركة إجراء أي نوع من المفاوضات مع حكومة كارزاي أو الحلف الأطلسي، «حتى انسحاب كل القوات الأجنبية من أفغانستان». وقال رداً على أسئلة أرسلتها إليه «بي بي سي»: «لماذا نجري محادثات ونحن متفوقون حالياً والقوات الأجنبية تدرس الانسحاب وهناك خلافات في صفوف أعدائنا». وأكد المتحدث ثقة الحركة في تحقيق النصر، معتبراً أن الحديث عن المفاوضات مجرد دعاية، وأن «افغاناً كثيرين حتى اولئك الذين يكرهون «طالبان» يتفقون مع وجهة نظرها بضرورة انسحاب كل القوات الأفغانية أولاً. وغداة تثبيت الكونغرس الاميركي تعيين الجنرال دايفيد بترايوس قائداً جديداً لقوات الحلف الاطلسي في افغانستان، ابدى الرئيس باراك اوباما امتنانه الكبير لمجلس الشيوخ لمصادقته السريعة على التعيين. وقال في بيان نشرة البيت الأبيض: «الجنرال بترايوس جزء محوري من جهودنا الرامية إلى النجاح في أفغانستان، وفي جهدنا الواسع لإعاقة وتفكيك وهزيمة تنظيم القاعدة. وأمنحه ثقتي الكاملة». وتابع: «ان تحرك مجلس الشيوخ السريع وخبرة الجنرال بترايوس التي لا تضاهى ستضمنان عدم تراجعنا أي خطوة في استراتيجيتنا للقضاء على عزم حركة طالبان وبناء القدرات الأفغانية». وكان الرئيس أوباما عيّن قائد القيادة الوسطى بترايوس خلفاً للجنرال ستانلي ماكريستال لقيادة الحلف الأطلسي في افغانستان، بعدما نقل تقرير نشر في مجلة «رولينغ ستون» تعليقات مثيرة للجدل أدلى بها ماكريستال وفريقه انتقدت مسؤولين في الإدارة الأميركية بينهم هم نائب الرئيس جو بايدن، ومستشار الأمن القومي جيم جونز، والمبعوث الأميركي الخاص الى افغانستانوباكستان ريتشارد هولبروك. وعينت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الجنرال جون الن قائداً بالانابة للقيادة الوسطى خلفاً لبترايوس، وهو تولى حتى الآن مركز الرجل الثاني في قيادة القيادة الوسطى المكلفة الاشراف على الحرب في العراق وافغانستان والتي تتخذ من تامبا بفلوريدا (جنوب) مقراً لها. وأكد «البنتاغون» عدم نيته الابتعاد عن وسائل الاعلام، على رغم اقالة الجنرال ماكريستال بسبب مقابلة صحافية. وقال دوغلاس ولسون، المسؤول عن العلاقات الخارجية في «البنتاغون»: «لا ننوي اقامة ستار حديد بين العسكريين والصحافة. وفي ما يتعلق بافغانستان خصوصاً، نعتقد بأن العكس يجب ان يحصل. وسننفذ كل الاجراءات الممكنة لتفادي هذا النوع من التفكير». تحديات ماكريستال على صعيد المهمة الجديدة لبترايوس، رأى محللون ان التحدي الاكبر للجنرال الاميركي يتمثل في كيفية التعامل مع الرئيس الافغاني حميد كارزاي الذي اصبح يعتبر في شكل متزايد خارجاً عن السيطرة، وظهرت تساؤلات حول فاعلية شراكته في الجهود التي تقودها الولاياتالمتحدة لمكافحة تمرد «طالبان»، خصوصاً بعدما نفذ مبادرات آحادية تجاه «طالبان» وباكستان وواجه انتقادات بسبب عدم تحركه لمكافحة الفساد. وقال المحلل السياسي هارون مير عن محاولات كارزاي التوصل الى اتفاق سلام مع «طالبان»: «نعلم جميعاً ان كارزاي يعتمد برنامجاً شخصياً لا سيما في تعامله مع طالبان وباكستان. واذا بقيت الولاياتالمتحدة من دون موقف حاسم فسيضر ذلك بها، وستبقى واشنطن خارج هذا الاتصال، ما سيؤذي استراتيجيتها». وعموماً تراجعت حدة الانتقادات الاميركية لمستوى الفساد في افغانستان، خصوصاً بعد الانتخابات التي اعادت كارزاي الى السلطة بعد تعهده مكافحة الفساد وهدر الاموال وتعزيز القدرات الامنية للبلاد. لكن اقالة ماكريستال تزامنت مع ارتفاع مأسوي لعدد الضحايا في صفوف القوات الدولية حيث قتل اكثر من الف اميركي و300 بريطاني منذ عام 2001، فيما سقط اكثر من مئة جندي من قوات الحلف في حزيران (يونيو) الماضي. وتزايدت المخاوف من عدم احراز تقدم في الحرب، اثر اخفاق ماكريستال في ضمان الامن في مرجه مركز زراعة الخشخاش في ولاية هلمند، وإرجاء العمليات في قندهار معقل «طالبان». واثار كارزاي قلقاً لدى الحلف الاطلسي بعدما حمل الغرب مسؤولية انتاج الافيون الافغاني ونسب الفساد الى الدول التي تضخ اموال المساعدات، واقال وزراء يؤيدهم الغرب. لكن العنصر الذي يثير القلق الاكبر بالنسبة الى واشنطن هو رغبة كارزاي في ضم وكالة الاستخبارات الباكستانية ومجموعات ناشطة متحالفة مع «القاعدة» الى اتفاق سلام لتقاسم السلطة. وأشارت تقارير في الايام الماضية الى ان كارزاي قد يستخدم الضجة التي احاطت بقضية ماكريستال للمضي في خيار التعاون مع باكستان، وهو ما نفاه كارزاي، مشيرين الى ان مسؤولي الجيش والاستخبارات الباكستانية ينفذون زيارات مكوكية بين كابول واسلام اباد لعرض مطالبهم على كارزاي وضمان بقاء واشنطن خارج اي اتفاق. ويرى المراقبون ان بترايوس يمكن ان يحدث فارقاً في هذا الشأن، باعتبار ان «سلفه ماكريستال كان مقرباً جداً من كارزاي ولم يستطع انتقاده حتى حين يلزم الامر». وقال ديبلوماسي غربي: «هناك مصلحة بالتأكيد في اقامة كارزاي علاقة ودية وقريبة مع بترايوس على غرار تلك التي كانت قائمة مع ماكريستال، خصوصاً بعدما حرص بترايوس على تبديد القلق الرئيسي لدى كارزاي والمتمثل في عدم التسبب بسقوط ضحايا مدنيين».