في ظل أجواء من القلق والتوتر النفسي، توجه نحو 80 ألف طالب وطالبة أمس لتقديم امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي أو البكالوريا)، في وقت كشف وزير التعليم صبري صيدم أن العام المقبل سيشهد «ولادة جديدة». ويطالب معظم الفلسطينيين، منذ سنوات طويلة، بإلغاء نظام الامتحان الموحد «التوجيهي»، نظراً لأنه لا يُعتبر مقياساً حقيقياً لقدرات الطلاب، ويتسبب في خوفهم وتوترهم وعائلاتهم حتى قبل بدء العام الدراسي. وقبل بدء الامتحانات أمس، غصت شبكات التواصل الاجتماعي بمطالبة الوزارة بتغيير هذا النظام الذي وصفه كثيرون بأنه «مرعب» و»خاطئ» ويتسبب في انتحار أو موت عدد من الطلاب. وما يزيد من معاناة الطلاب العام الحالي أنهم سيتقدمون إلى الامتحان وهم صائمون خلال شهر رمضان المبارك الذي قد يحل في السادس من الشهر المقبل، على رغم صدور فتاوى تبيح لهم الإفطار خلال أيام الامتحانات. وقالت وزارة التربية والتعليم العالي إن 78.523 طالباً وطالبة توجهوا لتقديم امتحان «التوجيهي» في فلسطين للعام 2016 في الفروع المختلفة، والذي يستمر حتى 15 حزيران (يونيو) المقبل. وبلغ عدد المتقدمين للامتحان في محافظات الضفة 45.264، وفي قطاع غزة 33.273، من بينهم 17185 في الفرع العلمي، و53816 في العلوم الإنسانية، و3417 في الفرع التجاري، و2762 في الفرع الشرعي، و1343 في العلوم المهنية. ويشارك في الامتحان 34 طالباً وطالبة من مدرسة القدس في قطر، و46 طالباً وطالبة في رومانيا من الفلسطينيين والعرب الدارسين المنهاج الفلسطيني. وكانت الوزارة جهزت للامتحانات 648 قاعة، من بينها 477 في الضفة، و171 في غزة، فيما يبلغ عدد مصححي أوراق الامتحانات حوالى 10632، من بينهم 2086 في قطاع غزة. وتم اختيار 26.200 مراقب ورؤساء قاعات وأذنة لمتابعة سير الامتحانات داخل القاعات وتقديم الخدمات اللازمة للمتقدمين جميعاً. وتغيّب عن الامتحانات قسراً 13 طالباً وطالبة استشهدوا برصاص قوات الاحتلال خلال أحداث انتفاضة القدس، والتي اندلعت في الأول من تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. وأعلن صيدم أن امتحان «التوجيهي» العام الحالي يعقد بنسخته الأخيرة بعد 52 عاماً من نظام الامتحان الموحد على مستوى الوطن، موضحاً أن العام المقبل سيشهد ولادة جديدة للتوجيهي. وأضاف في تصريح إلى فضائية «القدس»الفلسطينية، أنه «سيتم خلال العام المقبل اجراء امتحان تجريبي»، مشيراً إلى أن «الوزارة شرعت في كتابة المناهج الجديدة»، واتخذت قراراً «بدمج التعليم المهني والتقني بالتعليم النظامي». وأوضح صيدم الذي رافق رئيس حكومة التوافق الوطني رامي الحمد الله في زيارة تفقدية لمدرسة في القدسالمحتلة أن «الوزارة تمكنت من استخدام برنامج الرقمنة الذي سيُدخل الحواسيب الرقمية في شكل أوسع في المدارس ليصبح النظام الرقمي مستقبلًا شاملاً كل المدارس». وتأتي امتحانات «التوجيهي» في وقت يعاني قطاع غزة من انقطاع شبه دائم للتيار الكهربائي بسبب المناكفات السياسية بين قطبي الانقسام، حركتي «فتح» و»حماس»، ما يزيد من معاناة الطلاب وتوترهم وذويهم، فضلاً عن الاعتداءات الإسرائيلية، خصوصاً في المناطق الحدودية. أما في الضفة، فجاءت الامتحانات في الضفة تتويجاً لعام دراسي شهد اضطرابات وإضراب المعلمين أكثر من مرة، ولفترات طويلة، احتجاجاً على سوء أوضاعهم وضعف رواتبهم، ما أثر سلباً في انتظام الدراسة وتحصيلهم العلمي. ونظراً للانقسام السياسي أيضاً، لم يصل صيدم الى القطاع بتاتاً منذ تعيينه وزيراً في حكومة الحمد الله، ولم يتفقد قاعات الامتحانات قط، فيما تكفل بهذه المهمة قياديو حركة «حماس» التي تسيطر في شكل مطلق على القطاع. وقال صيدم إن الوزارة «راعت ظروف الطلاب في ظل الإضرابات المتكررة التي أصابت الوزارة في أشهر الدراسة، اذ تم وضع امتحانات التوجيهي بما يتناسب مع إمكانات الطلاب والمادة الممتحنة». وأوضح أن الوزارة «تجاوزت كل الصعاب التي وقفت أمامها، وتسعى الى توفير بيئة مناسبة للمعلمين، وتقديم أفضل ما لديها لهم بهدف رفع كفاءتهم العلمية». وقال الحمد الله في مدرسة الأموية الثانوية للبنات في قرية بيت إجزا في مديرية ضواحي القدس، إن زيارته المدرسة «تأتي إكراماً وتخليداً لروح الشهيدة الطالبة سوسن منصور، ابنة مدرسة بنات الأموية، والتي ارتقت قبل أيام برصاص الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف أن «هذه الزيارة تأتي كرسالة انتصار للعملية التعليمية في القدس وضواحيها كونها لب الدولة الفلسطينية وجوهرها، في ظل محاصرة هذه المناطق بالجدار والاستيطان». وأشار الى أن الحكومة تتابع «موضوع تقديم الأسرى في سجون الاحتلال امتحانات الثانوية العامة». يذكر أن الطالبة منصور استشهدت قرب الحاجز العسكري المقام على مدخل القرية المجاورة لبلدة بدّو مسقط رأسها، بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن الإثنين الماضي. الى ذلك، قالت دائرة العلاقات العامة في وزارة الداخلية التي تقودها «حماس» في قطاع غزة أمس، إنها أطلقت «خدمة الدعم النفسي لطلاب الثانوية العامة عبر الاتصال على هاتف مجاني، بالتعاون مع برنامج غزة للصحة النفسية، إحدى المؤسسات الأهلية الرائدة العريقة في مجال الصحة والدعم النفسي. وأضافت أن الخدمة تتمثل في «تقديم نصائح وإرشادات بهدف مساعدة الطلاب في التخفيف من الضغوط النفسية الناتجة من أجواء الامتحانات». وقال مدير العلاقات العامة في الوزارة علي النابلسية إن الوزارة أطلقت الخدمة من منطلق مسؤوليتها الاجتماعية تجاه الطلاب لتوفير سبل الراحة والاطمئنان لهم.