كل شيء معروض يمر بموسم كساد، لكن لم أتوقع أن تمر نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حالياً في جنوب أفريقيا بمرحلة كساد، كما حدث في الأدوار التمهيدية وبعض مباريات دور ال 16. نعم نهائيات كأس العالم حدث تسويقي وسياحي رياضي ممتع من أوله إلى آخره عطفاً على ما صاحب النهائيات السابقة، أما نهائيات كأس العالم الحالية فقد مرت بجزر ومد وكساد مخيّب للآمال من أول مباراة إلى نهاية دور ال 16، وسيكون دور ال 8 المحك الحقيقي لإنقاذ سمعة هذا المونديال، فلعل لقاءات العيار الثقيل في هذا الدور تنقذ الموقف وتعيد الجماهير للمدرجات الخالية لأول مرة في تاريخ البطولة. عملت اللجنة المنظمة لنهائيات كأس العالم كل ما بوسعها لإنجاح هذا الحدث، ووضع الاتحاد الدولي لكرة القدم ثقله لتحقيق ذلك، لكن وضع الحياة العامة في جنوب أفريقيا التي تتفوق بالتطور والمناظر الخلابة حال دون تحقيق ذلك، فسقطت البطولة جماهيرياً وهي محور عمل الشركات الاستثمارية ومحور التسويق الفضائي ومحور الإبداع للاعبين على أرض الميدان. كرة القدم تحولت إلى صناعة وتجارة وتسويق وسياحة، وأصبحت استراتيجية تطوير للبنية التحتية ومصدر توفير وظائف للعاطلين ومصدر تواصل حضارات بين الشعوب، لذا ليس غريباً أن يتحول مونديال كأس العالم إلى تنافس عارم بين الدول للفوز بتنظيم هذا الحدث، وليس غريباً أن ترصد دولة مثل قطر 100 بليون دولار لاستضافة هذا الحدث عام 2022، فقطر تعتبر نموذجاً في الأمن أولاً ونموذجاً في التنظيم، وستحقق نجاحاً منقطع النظير. لقاءات ثُمن النهائي تجمع منتخبات ذائعة الصيت، فيكفي أن يلتقي منتخب الأرجنتين المرشح الأول للقب مع منتخب ألمانيا المتطور بشبانه ومواهبه الرائعة، ويكفي أن نترقب مباراة منتخب البرازيل المرشح الدائم للقب العالمي مع منتخب هولندا بطواحينه التي لا تبقي ولا تذر. نترقب فقد نشاهد كرة قدم حقيقية في ما تبقى من مباريات في دور ال 8 ونصف النهائي ثم النهائي، وقد تسهم المنتخبات الكبيرة (البرازيل والأرجنتين وألمانيا) في إعادة ذائقة كرة القدم للمشاهدين، وقد يفعلها منتخب غانا ويسطّر أهم ملحمة في تاريخ البطولة، وقد تأتي المفاجأة من منتخب الأوروغواي. نترقب ما تبقى من مباريات في نهائيات كأس العالم في النسخة الحالية، لعلنا نخرج من موسم الكساد إلى موسم المتعة والتشويق اللذين انتظرهما المشاهد البسيط على امتداد الكرة الأرضية ولم يجدهما إلى الآن. [email protected]