تظاهر آلاف العراقيين أمس في وسط بغداد للمطالبة بإصلاحات وتحسين الأوضاع في البلاد، مخالفين توجيهات لجان التنسيق بوقف التحرك إلى إشعار آخر، وحاول بعضهم اجتياز حواجز أمنية للوصول إلى المنطقة الخضراء، ما دفع قوات الأمن إلى إطلاق قنابل مسيلة للدموع لتفريقهم. وفي خطوة استباقية، قطعت قوات الأمن صباحاً ثلاثة جسور رئيسية تؤدي إلى المنطقة الخضراء لمنع المتظاهرين من اقتحامها. وبعد الظهر، احتشد الآلاف في ساحة التحرير وهتفوا «بالروح بالدم نفديك يا عراق» و «نعم نعم يا عراق». وحاول عدد منهم عبور حواجز أسمنتية عند مدخل جسر الجمهورية إلى حيث مقر الحكومة ومجلس النواب. عندها أطلقت قوات الأمن عيارات نارية في الهواء أعقبها إطلاق غاز مسيل للدموع لوقف تقدمهم. وارتدى بعضهم أقنعة واقية من الغاز لمواجهة الإجراءات الأمنية. وتعالت صيحات: «على من يرتدي قناع غاز التوجه إلى إخلاء الجرحى». واقتحم المتظاهرون الأسبوع الماضي المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم المباني الحكومية المهمة للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع. وكانت إحدى لجان التنسيق أعلنت إرجاء التظاهر إلى إشعار آخر، بعد تحذير أطلقه رئيس الوزراء حيدر العبادي ليل أول من امس، من مخطط «جماعات معينة» لم يسمها، «لتصعيد الخطير»، واستيقظ سكان العاصمة على إجراءات أمنية غير مسبوقة شملت قطع غالبية الجسور والمناطق. وأعلنت تنسيقية تظاهرات ساحة التحرير في بيان، أن «المتظاهرين والمتظاهرات أثبتوا أنهم أحرار خلال الشهور العشرة الماضية من خلال وضوح مواقفهم وأهدافهم وإصراراهم البطولي على السلمية واللاعنف لتحقيق أهدافهم التي هي أهداف الشعب العراقي كافة». وأضافت أن «الحكومة، ومعها الأحزاب الفاسدة، تحاول تضليل الرأي العام من خلال إلصاقها شتى التهم بحراككم السلمي الذي أصبح مثالاً يحتذى لدى شعوب العالم، وما جريمتهم يوم الجمعة الماضي وقمعهم الذي أسفر عن استشهاد كوكبة من شبابنا وجرح العشرات منهم واعتقال عشرات آخرين، إلا دليل على هذا النهج الحكومي العنفي المستمر منذ شباط 2011 وحتى اليوم». واتهم البيان العبادي «بالسير على نهج سلفه نوري المالكي في عدم الإصغاء إلى مطالب الجماهير»، وأشار إلى أن «المتظاهرين وبغية تفويت الفرصة على الأحزاب الفاسدة وتصدياً لمحاولات الحكومة خلط الأوراق ونصرة لجيشنا الباسل وتأكيداً لإعلائنا كلمة العراق فوق كل كلمة، نعلن تأجيل تظاهرتنا إلى إشعار آخر». وأكدت أن «تظاهراتنا ستعود أقوى من ذي قبل»، لافتة إلى أن «همتنا لن تفتر وعزمنا لن يلين، وإننا للفاسدين بالمرصاد، ونحن من العراق وإليه». وكان مكتب رئيس الوزراء أصدر بياناً أمس بعد ساعات على دعوة العبادي المتظاهرين إلى تأجيل تظاهرات الجمعة، حذر فيه من مخطط «تصعيد خطير» ستنفذه «جماعة معينة». وأوضح البيان أنه «أصدر أوامره إلى وزارة الداخلية للقيام بمهامها في حماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة في وسط بغداد، وذلك لانشغال القوات العسكرية في عمليات كبيرة لتحرير الفلوجة وقواطعها». وأضاف أن «التقارير الاستخبارية بينت أن جماعات معينة تنوي القيام بتصعيد خطير، والبلاد في حالة حرب»، واعتبر أن «أي إرباك غير مقبول، خصوصاً أن المندسين وسط المتظاهرين قاموا بالاعتداء على قواتنا الأمنية واقتحام مبان حكومية بالقوة، الجمعة الماضي، ما يوجب منعهم وفرض القانون». من جهة أخرى، وجه وزير الداخلية محمد الغبان أمس تعليمات صارمة إلى قوات الشرطة لفرض الأمن في العاصمة، وقال في بيان: «في الظروف الراهنة التي يعيشها بلدنا العزيز، وعلى ضوء البيان الصادر من القائد العام للقوات المسلحة إلى وزارة الداخلية، نهيب بالجميع أخذ الحيطة والحذر والالتزام بالأوامر والتعليمات الصادرة إليهم من قيادة عمليات بغداد باعتبارها المكلفة والمسؤولة عن أمن العاصمة لحماية المواطنين والممتلكات والمؤسسات العامة والخاصة». وطالب منتسبي وزارة الداخلية ب «استنفار الجهود والطاقات من أجل سلامة الأمن العام وحماية السلم الاجتماعي من المندسين الذين يريدون العبث بأمن بغداد ومدننا العزيزة الأخرى».