تباينت ردود الأفعال السياسية حيال أعمال العنف التي رافقت اقتحام متظاهرين أول من أمس المنطقة الخضراء في وسط بغداد، فيما شيّع أهالي مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية جثامين اثنين من المتظاهرين قتلا برصاص القوات الأمنية التي تصدت للمتظاهرين. وحذّر رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس من «الانجرار وراء مخططات الفتنة»، مؤكداً وقوفه مع التظاهر السلمي، وطالب «المحكمة الاتحادية بالإسراع في حسم القضية المتعلقة بعمل البرلمان». واعتبر الأمين العام لمنظمة «بدر»، هادي العامري، أن البعض يحاول سحب عناصر المنظمة إلى حرب «شيعية شيعية»، وشدّد في بيان على «توخي الحذر وعدم الانجرار إلى أي صدام آخر». وحمّل المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، «بعض المندسين الذين يريدون إرجاع الزمن إلى الماضي مسؤولية العنف بين القوات الأمنية والمتظاهرين»، مشيراً في بيان إلى أن «الكثير من المطالب تضيع بسبب أفعال البعض»، ودعا المتظاهرين إلى «التصرف بحكمة وعدم منح الفرصة لمن يريد المساس بأمن البلد»، كما طالب السياسيين «برفع الظلم قبل فوات الأوان». واعتبر المتحدث باسم زعيم التيار الصدري، علي سميسم، «انسحاب المتظاهرين من المنطقة الخضراء مؤقتاً، وقال في تصريح أمس أن «الانسحاب فرصة أخيرة لرئيس الوزراء حيدر العبادي لإجراء الإصلاحات وتشكيل حكومة تكنوقراط ومحاسبة الفاسدين، وان دخول المنطقة الخضراء سيتكرر متى ما نقرر ذلك». ورفضت كتلة الأحرار البرلمانية التابعة للتيار الصدري وصف رئيس الوزراء حيدر العبادي المشاركين في اقتحام المنطقة المحضورة «بالمندسين»، وقالت النائب من الكتلة زينب الطائي ل «الحياة» أن «الحكومة الحالية فقدت شرعيتها وأن رئيس الوزراء ارتدى جلباب المحاصصة، وهو غير جاد في الإصلاحات». وأكدت أن «اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء سيتكرر، وعلى العبادي التعاطي بجدية مع مطالبهم»، مشيرة إلى أن «وصف المتظاهرين بالمندسين تحريف للحقائق، وبات العبادي والقوى السياسية تخشى ثورة شعبية ضد الفساد والمحاصصة وزوال كراسيهم». وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قال في كلمة عقب الأحداث أن «هناك مندسين يقومون بجر البلاد إلى الفوضى والهجوم على القوات الأمنية في بغداد، وأن ما حصل من اقتحام لمؤسسات الدولة لا يمكن القبول به والتهاون مع مرتكبيه. ودعا رئيس ائتلاف «الوطنية» إياد علاوي الحكومة إلى الحوار مع المتظاهرين والكف عن العنف وإطلاق سراح المعتقلين، قائلاً في بيان «حذرنا بأن انتهاج الحكومة لذات المسارات الخاطئة في التعاطي مع الأزمات والالتفاف على المطالب المشروعة للمواطن بالتحصن وراء الأسوار العالية للمنطقة الخضراء يضعان العراق على شفا انتفاضة مسلحة». وقال عضو «جبهة الإصلاح» البرلمانية أحمد الجبوري ل «الحياة» أن «استمرار التظاهرات الشعبية على مدى عام كامل هو نتيجة اليأس والبؤس والحرمان وامتهان كرامة المواطن العراقي». وحذر الحكومة من «منزلقات خطرة بسبب إصرار أصحاب المناصب والنفوذ على مناصبهم وأصحاب المحاصصة على حصصهم». وقال تحالف القوى السنية أن «اقتحام المتظاهرين المنطقة الخضراء فوضى ولا تمت بأي صلة بالمتظاهرين المدنيين او المطالبين بالحقوق». وأشار في بيان إلى أن «ما جرى من فوضى لا يعبّر عن وجهة نظر المتظاهرين المدنيين والمطالبين بالحقوق»، معتبراً أن «هناك محاولات لحرف مسار التظاهرات المدنية السلمية». وأكد البيان أنه «في الوقت الذي توصلت القوى السياسية كافة إلى مستوى من التفاهمات لاستئناف جلسات البرلمان والمضي قدماً في مشروع الإصلاح الحكومي، نفاجأ بممارسات تحاول عرقلة الاستقرار السياسي وتزيد من الفجوة بين الشعب ومؤسسات دولته، بل وتجاهد لجر البلد إلى الفوضى والمصير مجهول». وحذر ائتلاف العربية بزعامة صالح المطلك من «استغلال» عنوان الإصلاح «لصالح هيمنة جهة سياسية على العملية السياسية» وطالب المتظاهرين بالمحافظة على سلمية ومدنية التظاهرات، ودعا إلى التئام البرلمان وانعقاده سريعاً. وفرضت قيادة العمليات المشتركة إجراءات أمنية مشددة وأغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير وسط بغداد، تحسباً لخروج تظاهرات جديدة. كما أغلقت مداخل المنطقة الخضراء ومحيطها، بالإضافة إلى جسري الجمهورية والسنك المؤديين إليها. وشهدت محافظاتالبصرة وذي قار والديوانية وبابل تظاهرات احتجاجية في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة تأييداً للمتظاهرين في بغداد، في وقت شيّع أمس العشرات من أهالي مدينة الصدر شرق بغداد شخصين سقطا في أحداث الجمعة. وأكد أحد المشاركين في التشييع ل «الحياة» أن «الشهيدين حسين محي وحيدر محمد قتلا برصاص القوات الأمنية أثناء تفريق التظاهرات بالرصاص الحي»، فيما تحدثت مصادر طبية عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 90 من بين المحتجين الذين اقتحموا المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد أول من أمس.