فيما واصلت «قوات سورية الديموقراطية» لليوم الرابع هجومها الهادف إلى طرد تنظيم «داعش» من ريف الرقة الشمالي وتضييق الخناق على معقله في مدينة الرقة، عاصمته المفترضة في سورية، فاجأ التنظيم المتشدد فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي بهجوم مباغت تمكن خلاله من السيطرة على قرى عدة وفرض طوقاً كاملاً على معقل المعارضين في مدينة مارع كما اقترب أكثر من معقلهم الأخير في مدينة أعزاز قرب الحدود التركية. وذكرت وكالة «أعماق» الناطقة باسم «داعش» أن التنظيم سيطر أمس «على قرى كفر كلبين وكلجبرين وندة ونيارة وكفربريشة وطاطية وتل حسين في محيط مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي»، في حين أوردت «الدرر الشامية» المعارضة أن التنظيم «باغت ... الفصائل الثورية بهجوم على مواقعها ليلاً في ريف حلب الشمالي، مستغلاً الزخم الإعلامي من قبل قوات التحالف الدولي حول معركة الرقة». وأكدت «الدرر» أن «التنظيم استطاع السيطرة على بلدات كلجبرين وكفر كلبين ومنطقة البحوث العلمية وقطع الطريق الواصل بين مدينتي مارع وأعزاز، في حين شن الثوار هجوماً معاكساً واستطاعوا استعادة عدة نقاط في بلدة كلجبرين وسط غياب تام لطيران التحالف الدولي». ولفتت إلى أن «مدينة مارع الاستراتيجية أصبحت بذلك معزولة في شكل تام عن بقية ريف حلب، حيث يحاصرها التنظيم من جهات الشرق والجنوب والشمال، في حين تحاصرها قوات سورية الديموقراطية من الجهة الغربية». أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فأشار، من جهته، إلى أن معارك متفاوتة العنف تدور قرب الحدود السورية - التركية في ريف حلب الشمالي بين «الفصائل المقاتلة والإسلامية» من جانب، وتنظيم «داعش» من جانب آخر، «إثر هجوم عنيف للتنظيم على المنطقة، تمكن خلاله من التقدم والسيطرة على قرى كفركلبين ونيارة وبريشة وجبرين شمال بالإضافة إلى بلدة كلجبرين». وتابع المرصد: «استطاع التنظيم بهذا التقدم قطع طرق الإمداد الواصلة بين مدينة أعزاز ومدينة مارع التي باتت محاصرة في شكل كامل مع قرية الشيخ عيسى من قبل تنظيم الدولة من الجهتين الشمالية والشرقية، ومن قوات سورية الديموقراطية من الجنوب والغرب، فيما حقق التنظيم وصولاً إلى أقرب نقطة من مدينة أعزاز منذ طرده منها في بدايات العام 2014». لكن المرصد أشار، في الوقت ذاته، إلى أن «الفصائل المقاتلة والإسلامية تمكنت من فك الحصار عن مقاتليها المحاصرين في البحوث العلمية قرب منطقة نيارة، فيما نفذت طائرات التحالف الدولي طلعة جوية ... استهدفت خلالها مواقع التنظيم وتمركزاته في بلدة كلجبرين وقرية كفركلبين»، لافتاً إلى أن طائرات التحالف لم تنفّذ أي ضربة سابقة خلال الهجوم الذي شنّه «داعش» بدءاً من ليلة الخميس - الجمعة. وكان المرصد أشار قبل أسابيع إلى أن «داعش» أرسل نحو 400 من عناصره إلى بلدة دابق ذات الأهمية الدينية لدى التنظيم وإلى محاور أخرى بريف حلب الشمالي، بعدما سحبهم من جبهات ريف الحسكة الجنوبي وريف الرقة الشمالي، موضحاً أن بين ال 400 الذين أرسلوا إلى حلب عناصر «كتيبة أبو الأنصاري المهاجر» التي تُعد «من أقوى كتائب التنظيم في سورية». وأشار إلى أن قادة الكتيبة رفضوا في البداية التخلي عن جبهاتهم مع «قوات سورية الديموقراطية» في ريف الرقة الشمالي «إلا أن قادة شرعيين في التنظيم أقنعوهم بضرورة توجههم إلى دابق، لأنها باتت في خطر ومن الممكن أن يفقدوا السيطرة عليها». ويسيطر «داعش» على دابق منذ آب (أغسطس) 2014 بعد طرد فصائل معارضة منها. وفي محافظة حلب أيضاً، أفاد المرصد أن طائرات حربية قتلت 8 أشخاص في قصف على بلدة حريتان في الريف الشمالي، فيما ألقى الطيران المروحي نحو 10 براميل متفجرة على أحياء طريق الباب والميسر والهلك وبعيدين والحيدرية وبعيدين وطريق الكاستيلو بمدينة حلب، ما أدى إلى أضرار مادية. وأضاف أن 3 مواطنين هم رجل وزوجته الحامل وطفلهما قُتلوا جراء قصف الطيران الحربي بلدة كفرحمرة بشمال غربي مدينة حلب. وفي محافظة حماة (وسط)، أكد المرصد أن الجيش النظامي أجرى مع فصائل مسلحة في أقصى الريف الجنوبي عملية تبادل جثث وأسرى بين الطرفين، «حيث ارتفع إلى 50 على الأقل معظمهم من النساء والأطفال بالإضافة إلى أربع جثث عدد الأشخاص الذين كانوا محتجزين لدى قوات النظام والمسلحين الموالين لها في وقت سابق وتم تسليمهم للفصائل». وتسلّمت قوات النظام في المقابل 12 مواطنة و5 أطفال وشخصاً آخر كانوا محتجزين لدى الفصائل خلال هجوم «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية ومقاتلة على قرية الزارة بأقصى ريف حماة الجنوبي في 12 أيار (مايو) الجاري. كما كانت القوات النظامية تسلّمت قبل يومين 47 جثة تعود لعناصرها ومواطنين من الزارة قتلوا خلال اقتحام القرية. وفي محافظة حمص (وسط)، قال المرصد إن اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية وبين «داعش» في محيط حقل جزل النفطي بالريف الشرقي. معركة الرقة في غضون ذلك، قال المرصد إن «داعش» أوقف العمل بأوراق «إذن السفر» لمن يحتاجها بداعي «المرض والتجارة والدراسة والزيارة»، من أجل التنقل إلى خارج مناطق سيطرته في سورية، فيما لا تزال مستمرة حركة نزوح عائلات من مدينة الرقة نحو مناطق سيطرة التنظيم في ريف الرقة الغربي والريف الشرقي لدير الزور. وأضاف أن ناشطيه رصدوا حفر التنظيم لخنادق وأنفاق في منطقة سكن الحوض بأطراف مدينة الرقة والتي «تُعد منطقة عسكرية مغلقة خاصة بعناصر وقيادات التنظيم ... كما يقطن بها عوائل» عناصره. ولفت إلى استمرار الاشتباكات في ريفي الرقة الشمالي والشمالي الغربي بين «قوات سورية الديموقراطية» وبين «داعش» في محاولة من الطرف الأول «التقدم والسيطرة على مثلث تل أبيض - الفرقة 17 - عين عيسى» في ريف الرقة الشمالي و «الوصول إلى أطراف مدينة الرقة الشمالية، وتضييق الخناق على التنظيم ... في كامل الشمال السوري». وأشار المرصد إلى أن «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من مستشارين عسكريين من القوات الخاصة الأميركية، تضم وحدات حماية الشعب الكردية، قوات الصناديد، المجلس العسكري السرياني، كتائب شمس الشمال، لواء جند الحرمين، جبهة ثوار الرقة، ألوية أحرار الرقة، لواء التحرير، لواء المهمات الخاصة 455، لواء 99 مشاة، لواء القعقاع، جبهة الأكراد، لواء السلاجقة، لواء السلطان سليم، لواء عين جالوت، قوات عشائر حلب، تجمع ألوية الجزيرة، إضافة إلى عدد من الفصائل الصغيرة الأخرى. ونقلت «فرانس برس» عن المرصد أمس أن التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة نفّذ ما لا يقل عن 150 ضربة استهدفت مواقع «داعش» لدعم الهجوم الذي بدأته «قوات سورية الديموقراطية» في ريف الرقة قبل أربعة أيام. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن: «هناك تكثيف كبير في الضربات لكن كانت الأقوى في أول يوم للهجوم»، موضحاً أن كل صاروخ تطلقه طائرة يشكل «ضربة». وأضاف المرصد أن «قوات سورية الديموقراطية تمكنت من تحقيق تقدم في ريف عين عيسى لنحو 5 كلم، والسيطرة على نحو 10 قرى ومزارع منها النمرودية وقرتاجة وحضريات الخليل والوسطى وفاطسة إضافة الى مزارع أخرى قريبة منها». وقال إن الاشتباكات وضربات التحالف أسفرت منذ الثلثاء «عن مقتل ما لا يقل عن 31 عنصراً من التنظيم بالإضافة إلى معلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف قوات سورية الديموقراطية يتم التكتم عليها». وقال رامي عبدالرحمن: «لا يوجد قتلى من المدنيين لأن القرى والحقول التي تشهد معارك هي شبه خالية منهم»، مضيفاً أنه بالنسبة إلى مدينة الرقة فإن «داعش لا يعطي تصاريح خروج للسكان الراغبين بالمغادرة وأصبح الخروج صعباً حتى للمرضى». ولا يزال 300 الف شخص يعيشون في الرقة التي تُعتبر بمثابة عاصمة التنظيم في سورية.