بعد سنوات عجاف تعود السينما المصرية في عام 2016 لتقترب من سابق عهدها الإنتاجي المتنوع، بعدما ساد تيار يبدو شبيها بسينماً المقاولات دور العرض في السنوات القليلة الماضية، فعادت أسماء صناع ومخرجين مهمين في السينما المصرية للظهور مجدداً مثل محمد خان وهالة خليل، كذلك عادت الأعمال الجيدة البعيدة من نجوم الشباك لتذكرك بتجربة ناجحة سابقة (سهر الليالي)، وكانت متمثلة في فيلم «هيبتا» الحصان الأسود لموسم الربيع وربما لعام 2016 بالكامل بسبب النجاح الجماهيري الساحق للعمل الذي يتصدره نجوم شباب، ليسوا من سوبر ستار السينما الحالية. حفاوة نقدية بعد البداية المتواضعة للسينما في 2016 بدأ الارتفاع التدريجي في المستوى الفني والإيرادات أيضاً فعرض وسط حفاوة نقدية وجماهيرية فيلم «نوارة» للمخرجة هالة خليل العائدة للسينما بعد نحو عشر سنوات من الغياب، والفيلم عرض في مهرجان دبي السينمائي وحققت بطلته الموهوبة منة شلبي جائزة أفضل ممثلة، وهو من الأفلام التي تتحدث عن ثورة 25 كانون الثاني (يناير) وعلاقتها بطبقات الشعب المختلفة. ونجحت المخرجة في رصد تأثير أحداث كانون الثاني 2011 في الطبقتين الفقيرة والغنية والجدل الذي حدث بين المصريين! وعبرت منة شلبي ببراعة من خلال شخصية نوارة عن الطبقة العظمى من أبناء الشعب الذين تبخرت أحلامهم وتاهت سريعاً! وتعرضوا للظلم وكأن ثورةً لم تقم، الفيلم حقق نحو مليوني جنيه من الإيرادات. وبعده تم عرض تجربة جديدة للمخرج والمؤلف خالد الحجر وهي فيلم «حرام الجسد» والذي غازل الجمهور منذ بداية تصويره وما تردد عن علاقته بقضية زنا المحارم، واختار المخرج لبطولته وجوهاً شابة غير جماهيرية مثل ناهد السباعي وأحمد عبدالله محمود وهو ما أضعف العمل جماهيرياً. أما الاسم والأفيش المثيران فلم يشفعا للفيلم عند الجمهور فشهد إقبالاً ضعيفاً وتم رفعه سريعاً من دور العرض أمام موجة أفلام عيدالربيع. وبالتزامن كان الجمهور على موعد مع فيلم آخر أثار الجدل بسبب حديث الإعلام عن جرأته وتصدر بطلته للأفيش بصورة غير معتادة في السينما المصرية الحالية، وهو فيلم المخرج الكبير محمد خان (قبل زحمة الصيف) لهنا شيحا وماجد الكدواني وأحمد داود. لكن مرة أخرى الجمهور يدير ظهره للإثارة الدعائية للفيلم فلم يهتم بمايوه البطلة ولا قبلاتها، كذلك كان هناك جانب آخر أضعف العمل ككل وهو السيناريو لغادة الشهبندر في تجربتها الأولى. ويبدو أن خبرة المخرج الكبير لم تفلح في علاجه لمصلحة تحسين العمل! والذي كان من حسناته الأداء اللافت لهنا شيحا وماجد الكدواني، إلى جانب الفنان الصاعد أحمد داود. موجة جديدة! مقابل هذا، نحن أمام موجة جديدة في السينما المصرية تعتمد على البطولات الجماعية والأعمال الروائية، يتصدى لها النجوم الشباب الذين لمعوا في الدراما التلفزيونية في سنواتها الأخيرة، فجاء النجاح الكبير لفيلم «هيبتا» المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه لمحمد صادق بما يشبه زلزالاً في دور العرض بإيردات وإقبال جماهيري غير متوقع، فالأبطال من غير نجوم شباك السينما، لكن سبقته دعاية جذابة وغير معتادة وهو ذكاء صناعه، بعدما نجحوا في مخاطبة المراهقين بجمل رومانسية جذابة عبر السوشيال ميديا، ما جعلهم يتحمسون لمشاهدة عمل يدغدغ مشاعرهم المتعطشة للحب! ويحكي قصص العاشقين في مراحل عمرية مختلفة من البداية إلى النهاية! وبالفعل كنت تجد طوابير من الجماهير لا سيما شباب تحت العشرين تقف أمام شباك تذاكر الفيلم في دور العرض، بل وتمت طباعة نسخ جديدة للرواية وضع على غلافها صور أبطال الفيلم! وعلى رغم أن العمل يعيبه الملل وعدم منطقية بعض أحداثه في علاقات أبطاله، إلا أن وجود الفنان ماجد الكدواني في شخصية الراوي للأحداث (كسر) بحضوره الكبير هذا الملل بمساعدة المونتير أحمد حافظ الذي أصبح يضيف لأي عمل يشارك فيه، ونجح الفيلم في تجاوز إيرداته ال15 مليون جنيه وهو رقم كبير لغير نجوم الشباك، ويعتبر أفضل أعمال مخرجه هادي الباجوري، ولفت النظر من أبطال الفيلم الثنائي دينا الشربيني وأحمد داود إلى جانب الشاب أحمد مالك، الفيلم من إخراج هادي الباجوري وسيناريو وحوار وائل حمدي. ما زال للكوميديا نصيب رامز جلال يحاول دون كلل أو ملل طوال السنوات الماضية لفرض نفسه على شباك السينما، ولكن شتان الفارق بين حصده ملايين المعلنين عبر شاشات الفضائيات وحصده ملايين الجمهور عبر شباك تذاكر السينما، فالمسافة شاسعة لمصلحة التلفزيون والذي عرف تألقه عبر برامجه كضيف قبل أن يتحول إلى مقدم برامج كوميدية من نوعية (الكاميرا الخفية) حققت نجاحاً ساحقاً، لكنه من وقت إلى آخر يبحث عن عمل سينمائي يرضي طموحه كممثل وما زال يحاول ويحاول! وآخرها كان فيلم «كنغر حبنا» الذي لم يلق الصدى المتوقع لاسم بطله رامز جلال، وتجاوزت إيراداته المليون ونصف المليون من الجنيهات! والفيلم من إخراج أحمد البدري وشاركه البطولة الممثلة سارة سلامة. علي ربيع أحد نجوم المسرح التلفزيوني، الذي ظهر أخيراً ولمع كممثل كوميدي موهوب وسريعاً بدأ تهافت المنتجين وراءه، وهي عادة أصيلة في صناعة السينما المصرية، وكثيراً ما تسبب نتيجة عكسية على الفنان بسبب المبالغة في الأجر والتعجل بدفعه للتصدي للبطولات وهو لا يزال في بداياته ولم يقف على أرض صلبة واستوعب نجوميته! كان علي ربيع أحد هؤلاء وتردد أنه وقع أكثر من عقد لبطولة سينمائية في عام واحد وخرج للنور أول هذه الأعمال وكان بمشاركة أحد الممثلين الشباب كريم فهمي وهو «حسن وبقلظ» عن قصة مكررة لتوأم ملتصق يقرر أحدهم إجراء عملية للانفصال عن شقيقه ويحاول صناع العمل صناعة مواقف كوميدية من وراء تلك التيمة، والفيلم حقق نجاحاً جيداً مقارنة بأسماء صناعه واحتل المركز الثاني في إيردات موسم الربيع وهو من إخراج وائل إحسان. لا تزال الفنانة غادة عبدالرازق في رحلة البحث عن نجومية موازية لما حققته في الدراما المصرية والعربية في سنواتها الأخيرة، ظهرت من خلال تجربة جديدة بمشاركة عدد من الممثلات وهي فيلم «اللي اختشوا ماتوا»، إخراج إسماعيل فاروق وتأليف محمد عبدالخالق ويشاركها البطولة سلوى خطاب وعبير صبري وهيدي كرم ومروة عبدالمنعم وأميرة الشريف. يبدو المجهود الذي تبذله غادة عبدالرزق واضحاً في العمل، لكن لم يكن مجهود الممثلين وحده كافياً للنجاح فالإخراج والسيناريو عنصران أساسيان لا يمكن إغفالهما، واحتل الفيلم مركزاً متأخراً بإيرادات لم تتجاوز مليوني جنيه على رغم أسماء بطلاته! واللاتي نزلن إلى دور العرض للترويج له، لكن من دون جدوى! فالجمهور دائماً ما يفاجئ الجميع باختياراته. ويذيل الموسم فيلم «فص ملح وداخ» لعمرو عبدالجليل والذي اتهم صناعه شركات إنتاج منافسة بعرقلة عرض الفيلم ورفعه من بعض دور العرض! الموسم تجاوزت إيراداته ال30 مليون جنيه، وهو رقم جيد يساعد على انتعاش الصناعة المتعثرة في سنواتها الإخيرة.