برز الذهب مجدداً في الأسواق الدولية بين الأصول الأكثر أماناً، مستعيداً استقطاب المستثمرين، وذلك استناداً إلى مؤشرات التحسّن التي سجلها في الربع الأول من العام الحالي في شكل تخطى التوقعات. إذ زاد الطلب على شراء الذهب بنسبة 21 في المئة، ما يذكّر بانتعاش الطلب الاستثنائي بين نهاية عام 2011 ومطلع 2012. وارتفع سعر الذهب بنسبة 16 في المئة في فترة قصيرة، وهو أكبر إنجاز يسجله على مدى السنوات ال 30 الماضية. إذ لاحظ المراقبون السويسريون أن الشارين للمعدن الأصفر حالياً لا ينتمون إلى شريحة المستثمرين الصغار الحذرين من تقلبات الأسواق المالية فحسب، بل يوجد أطراف آخرون يحتضنون المستثمرين المؤسساتيين الكبار الذين ضاعفوا طلبات شراء الذهب في الشهرين الأخيرين. ولافت أن الهند والدول الآسيوية والمصارف المركزية الدولية لم تقف وراء انتعاش تجارة الذهب كما كان مألوفاً وتاريخياً، بل مستجدات مالية واقتصادية حول العالم كان لها للمرة الأولى في تاريخ تجارة الذهب، دور طليعي في دعم أسعاره. ومن بين هذه المستجدات، السياسات الأوروبية المتناقضة في شأن مكافحة الأزمات الاجتماعية والصحية والمالية وفق آليات معتمدة من الجميع. وعلى رغم ذلك، توقع مصرفيون سويسريون في زوريخ، أن تشتري الهند ما لا يقل عن 960 طناً من الذهب حتى نهاية هذه السنة، والصين ألف طن والمصارف المركزية الدولية 600 طن مقارنة ب 500 طن العام الماضي. ولم يستبعدوا أن تسجل أونصة الذهب 1150 دولاراً حتى نهاية العام الحالي. ويرصد المراقبون الماليون في برن، تحركات المستثمرين الدوليين في قطاع تجارة الماس الذي بات على غرار الذهب، آلية استثمارية بامتياز بعدما كان سابقاً، مجرد مجوهرات فاخرة. وفي نظرة إلى أسواق السندات الخاصة، يتبيّن أن مردودها السنوي على الأمدين القصير والمتوسط لم يعد فعالاً، مع تراجع في السيولة، حتى أن بعض الشركات الخاصة قرر إصدار سندات تستحق بعد 80 و 100 عام مع مردود يتراوح بين 1 و2 في المئة. وبدأت مجموعة من صناديق التقاعد الخاصة في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وبعض دول أوروبا الشمالية، التخلص من سندات الخزينة، ومن بينها الألمانية لمصلحة شراء الذهب. لا بل وصلت قيمة طلبات بعض منها لشراء الذهب إلى 500 مليون دولار، بعد التخلص من السندات.