مصر: بدء جمع عينات من الحمض النووي لأهالي ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة أشلاء ضحايا الطائرة المصرية عاد أمس الجدل حول أسباب تحطم الطائرة المصرية في البحر المتوسط في طريق عودتها من فرنسا، فبعدما كشفت مصادر مطلعة على التحقيقات أن أشلاء ضحايا الطائرة التي تم انتشالها «تشير إلى حدوث انفجار قبل سقوط الطائرة»، نفت مصلحة الطب الشرعي إصدار تقارير، معتبرة أن تصريحات المصادر «مجرد تكهنات لم تصدر في شكل رسمي»، فيما أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي «أهمية تعزيز الجهود بين القاهرة وباريس لكشف ملابسات الحادث». وبينما تواصل السلطات المصرية رحلة البحث عن الصندوقين الأسودين لطائرة مصر للطيران التي سقطت في البحر المتوسط فجر الخميس الماضي، وانتشال مزيد من أشلاء الضحايا وحطام الطائرة، كشفت مصادر في اللجنة المصرية المكلفة بالتحقيق في الحادث أن التقرير الأولي للطب الشرعي يشير إلى أن أشلاء الضحايا التي تم انتشالها حتى الآن تشير إلى «حدوث انفجار قبل سقوط الطائرة»، قبل أن يصدر رئيس قطاع الطب الشرعي الدكتور هشام عبدالحميد بياناً نفى فيه «إصدار تقارير في شأن الفحوصات التي جرت على أشلاء الضحايا»، مؤكداً «أن كل ما نشر في هذا الشأن لا أساس له من الصحة، ومجرد افتراضات لم تصدر عن مصلحة الطب الشرعي أو طبيب شرعي من العاملين بها»، داعياً وسائل الإعلام إلى «توخي الحذر في ما ينشر عن القضية». وكان الجيش المصري أعلن انتشال بعض أشلاء ضحايا وحطام الطائرة التي كان على متنها 56 راكباً إضافة إلى عشرة من أفراد طاقمها بالقرب من مدينة الإسكندرية الساحلية (شمال غربي القاهرة). وقالت المصادر في لجنة التحقيقات، في تصريح للصحافيين أمس إن تقارير الطب الشرعي الأولية تشير إلى «عدم تعرض الأشلاء للافتراس من جانب الأسماك في البحر المتوسط، كما تبين وقوع انفجار قبل سقوط الطائرة، حيث إن الجثث كلها عبارة عن أشلاء صغيرة لم تتغير بعد سقوطها في المياه، وهذا يؤكد تعرضها للانفجار». لكن المصادر أكدت أنه «لم تتضح بعد طبيعة هذا الانفجار أو أسبابه، فيما يستمر فحص الأشلاء لاكتشاف بقية التفاصيل»، وأوضحت أن «حالة الأشلاء» تؤكد فرضية الانفجار «لأن الطائرة لو سقطت سليمة ستكون الجثث في حالتها أو أشلاء كبيرة جداً، إذ يحدث في هذه الحالة انفجار في الرأس فقط نتيجة فرق الضغط بينما يحتفظ الجسم بحالته». وذكرت المصادر أن فرق البحث «عثرت على مجموعة من أشلاء الضحايا وسلمتها إلى مصلحة الطب الشرعي، وكانت عبارة عن قطع صغيرة في حجم كف اليد أو أصغر، وتم أخذ عينات منها وترقيمها لإجراء تحليل البصمة الوراثية». وأكدت لجنة التحقيق المصرية في الحادث في بيان استمرارها في عملها ومتابعة إجراءات البحث والانتشال لحطام الطائرة، حيث تقوم قطع البحرية المصرية بمسح المنطقة بمشاركة وحدة من البحرية الفرنسية ويرافقها محققو الحوادث من أعضاء لجنة التحقيق. وأوضحت اللجنة أنه يشارك في عمليات البحث عن الحطام «الطائرات التابعة للقوات الجوية المصرية ووزارة البترول وطائرات فرنسية ويونانية، ويقوم مركز البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة المصرية بالتنسيق بين الجهات المشاركة وتخصيص منطقة البحث لكل جهة في نطاق محيط موقع سقوط الحطام». وأضاف البيان أنه «تم نقل 18 مجموعة من حطام الطائرة إلى معامل البحث الجنائي بالقاهرة وتم استصدار قرار النيابة في شأن أخذ عينات الحمض النووي للبدء في مضاهاتها من خلال الأطباء الشرعيين، ويقوم الآن فريق التحقيق المصري بالاشتراك مع المحققين الفرنسيين بدراسة جميع جوانب التحقيق المختلفة، واضعين الأولوية لانتشال جثامين الضحايا وتحديد مكان الصندوقين الأسودين للطائرة والذي يحتاج إلى تسهيلات ودعم من جهات كثيرة وتقوم الحكومة المصرية حالياً بجهود كبيرة لتذليل أية صعوبات». وأشار البيان إلى أن «فريق التحقيق بدأ بدراسة المعلومات المتصلة بالطائرة وأنظمتها وإجراءات صيانتها منذ بدء تشغيلها وحتى وقوع الحادث إضافة إلى كل ما يتعلق بطاقم الطائرة من حيث ساعات الطيران والسجلات التدريبية، وهذا وتتم دراسة دقيقة لصور الرادار ومسجلات الحركة الجوية وحالة الطقس والمساعدات المقدمة من مطار الإقلاع، فضلاً عن الحصول على جميع المعلومات المتاحة لدى الدول التي مرت فوقها الطائرة خلال الرحلة». وكان وصل صباح أمس فريق كبير من مصلحة الطب الشرعي التابع لوزارة الصحة إلى أحد الفنادق القريبة من مطار القاهرة حيث أهالي وأسر ضحايا الطائرة المنكوبة، وتم أخد عينات الحمض النووي DNA من أسر الضحايا لاستخدامها في تحديد هوية الأشلاء، وحضر عدد من أهالي الضحايا غير المقيمين في الفندق لتقديم العينات ومتابعة ما توصلت إليه نتائج البحث عن الطائرة. وكانت النيابة المصرية طالبت من اليونان وفرنسا إرسال الوثائق الخاصة بالطائرة خلال وجودها في فرنسا وفي المجال الجوي اليوناني، وأوضح بيان للنيابة أول من أمس، أن النائب العام طلب من نظيرته الفرنسية الوثائق والتسجيلات الصوتية أو المرئية الخاصة بالطائرة خلال وجودها في فرنسا على أرض المطار وفي المجال الجوي الفرنسي. في موازاة ذلك اجتمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس في القاهرة مع وفد من البرلمان الفرنسي برئاسة الرئيس التنفيذي لتحالف الوسط النائب فيليب فوليو، حيث أكد «أهمية تعزيز الجهود المصرية – الفرنسية من أجل الكشف عن ملابسات الحادث»، وقدم تعازيه في الضحايا الفرنسيين الذين لقوا حتفهم في الحادث. ورأى السيسي أن زيارة الوفد «تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وقدرتها على تجاوز مختلف التحديات، كما تمثل رداً على أية محاولات تستهدف النيل من العلاقات بين البلدين»، مؤكداً حرص مصر «على عدم المساس بتلك العلاقات أو الإضرار بها»، وأشاد بوتيرة تبادل الزيارات بين البلدين، كما أعرب عن اهتمام مصر بعودة حركة السياحة الفرنسية إلى مصر إلى طبيعتها. ونقل بيان مصري أن الوفد الفرنسي أشاد بما حققته مصر من استقرار وتقدم على الأصعدة السياسية والاقتصادية كافة خلال تلك الفترة الوجيزة، كما أشاد بعلاقات الصداقة المتميزة التي تجمع بين البلدين، والتي تشهد أزهى عصورها في المرحلة الراهنة، مؤكداً أنه «لا يوجد ما يمكن أن يكدر صفو العلاقات بين البلدين أو يؤثر عليها سلباً». وأعرب السيسي عن التطلع لتطوير العلاقات البرلمانية بين البلدين، فيما نوَّه رئيس الوفد الفرنسي إلى علاقات الصداقة المتميزة والحوار البنّاء القائم بين الجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس النواب المصري. وأشار رئيس الوفد الفرنسي إلى ما تعرضت له فرنسا من هجمات إرهابية خلال 2015، مشيداً بالدور المحوري الذي تقوم به مصر في مجال مكافحة الإرهاب، ومنوهاً إلى أن استقرار مصر يعد شرطاً أساسياً لاستقرار أوروبا، فيما أكد الرئيس المصري للوفد أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لمكافحة الجماعات الإرهابية كافة، لا سيما أنها تعتنق ذات الفكر المتطرف حتى إن اختلفت مسمياتها. وأشاد رئيس الوفد البرلماني الفرنسي بالرؤية المصرية لمكافحة الإرهاب من خلال منظور شامل لا يقتصر على الجوانب العسكرية والأمنية ولكن يشمل أيضاً مكافحة الفقر والارتقاء بجودة التعليم، فضلاً عن تعزيز دور المرأة في المجتمع، باِعتبارها جميعاً من عوامل الاستقرار والتقدم، فيما أوضح السيسي أن مصر تبذل جهوداً حثيثة للارتقاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل الحق في التعليم الجيد والمسكن اللائق والرعاية الصحية المناسبة، جنباً إلى جنب مع الحقوق المدنية والسياسية. وتطرق اللقاء إلى الأزمات الإقليمية في المنطقة لا سيما في ليبيا وسورية، حيث أوضح السيسي أن مصر تساند ليبيا ضد جميع التنظيمات الإرهابية وليس «داعش» فقط، مؤكداً أهمية دعم الجيش الوطني الليبي في أسرع وقت للاضطلاع بمهمامته في الحفاظ على الأمن والاستقرار، فضلاً عن أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، ومكافحة عمليات تهريب الأموال والسلاح والمقاتلين الأجانب إلى الأراضي الليبية. وفي الشأن السوري أكد السيسي أهمية التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية تحفظ وحدة الأراضي السورية وتصون إرادة الشعب السوري ومقدراته، وتساهم في القضاء على الجماعات المتطرفة في سورية. وأشار الرئيس المصري الى أهمية إعادة إعمار سورية عقب التوصل إلى حل سلمي للأزمة بما يشجع اللاجئين السوريين على العودة إلى وطنهم والاستقرار فيه. مشدداً على أهمية الإسراع بوتيرة تسوية النزاعات الإقليمية كافة في المنطقة، لا سيما في ليبيا وسورية، منبهاً إلى أنه كلما طال أمد الصراع، كلما ازداد الأمر تعقيداً.