تشعر النفس الإنسانية إزاء ما أنجزته خلال مسيرتها العملية على سطح الأرض بشيء من الزهو والإجلال، وذلك حينما يستعرض صاحبها تاريخه وأمجاده بعد سن التقاعد وتقديمها في شكل مذكرات وإخراجها في كتاب مستقل لتعريف الأجيال الجديدة، بما كان عليه في وقت مضى، وفي محاولة للانتصار على الفراغ الذي يحيط به، وزيادة الثقة بالنفس والارتقاء بها مجدداً بعيداً عما تسببه عوامل التعرية، التي يصاب بها الجسد بفعل العمر والزمن في داخل الإنسان. وحينما كان البريق واللمعان يشعَّان من صاحب «مذكرات ضابط سعودي» وجد عمرو العامري نفسه بعد التقاعد ملزماً في لمّ شتات مسيرته العسكرية في كتاب نعته باسم «ليس للأدميرال من يكاتبه»، في اقتباس لعنوان رواية ماركيز الشهيرة «ليس الكولونيل من يكاتبه» وذلك إبان عمله في القوات البحرية السعودية. ويأتي الغلاف مطبوعاً بصورتين فوتوغرافيتين، يرتدي العامري فيهما الزيّ العسكري بلونيين احدهما كحلي والآخر ابيض كدليل على التعبير عن حال سابقة، كان يتوجب عليه الظهور بهما في مختلف المحافل الرسمية، وتأكيداً على أحقيته بذلك طبع عليهما ختماً يحمل اسمه ورتبته «عميد بحري ركن» باللون الأحمر. ويتحدث الكاتب عبر 29 فصلاً عن محطات في حياته المهنية، مضيفاً إليها عدداً كبيراً من الصور التي جمعها من ادراج ذاكرته الفوتوغرافية، وفي مواقع مختلفة ومناسبات عدة. ويقول: «لست بدعاً في ذلك وكلكم مثلي». كما يتناول عدداً من المواضيع والقصص والمواقف التي مرّ بها ووجد فيها مادة كتابية دسمة. ويعترف: «لا تحزنوا من اجلي أرجوكم فسأخترع حكايات وأكاذيب لن تغير وجه العالم، ولن تؤجل طلوع الشمس في الغد». ولم يغفل المؤلف تقديم الولاء لزوجته وفاء العمودي، التي ساندته وقدمت له الدعم السيكولوجي في مختلف مراحل عمره، إذ يقول: «اعتذر من وفاء اعتذاراً بحجم هذا الكون، إن كنت نسيتها في غمرة الأنا والحديث عن الذات، فهي رفيقة لا تعرف من كتاب العمر سوى الغفران ولا تعرف من مفردات الحياة سوى العطاء». بالتأكيد يبقى كتاب العامري نافذة يطل القراء من خلالها على خفايا من سيرة ستكشف لهم الكثير من طبائع وسمات الكاتب العسكري، والأدوات الفنية التي يمتلكها في كتاباته القصصية.